المشروع الجزائري موجها أكثر لمزاحمة المغرب، وهو استنساخ ضعيف لمبادرة الأطلسي التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للولوج إلى الأطلسي والتي ممن المتوقع أن تكون لبنة للتكامل الاقتصادي بين دول غرب افريقيا ودول الساحل والاتحاد الأوروبي.
الجزائر – دشن الرئيسان الجزائري عبدالمجيد تبون والموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني اليوم الخميس معبرا حدوديا بين البلدين الواقعين في شمال أفريقيا بهدف تعزيز التجارة والعلاقات الثنائية، فيما تأتي هذه الخطوة تتويجا لمساعي الجزائر لاستقطاب نواكشوط مدفوعة بمخاوفها من تصاعد نفوذ المغرب في المنطقة ومضيه بثبات على طريق تعزيز موقعه كبوابة على القارة الأفريقية.
وليس معروفا على وجه الدقة ما سيوفره هذا المعبر المستحدث في إطار مجاراة الجزائر للمبادرات مغربية أكثر منه تركيزا على دفع عجلة التنمية ولا طبيعة السلع التي ستمر عبره ومردوديته الاقتصادية في ظل مرور أغلب السلع عبر معبر الكراكارات في الصحرء المغربية وهو الشريان الحيوي الذي تت عبره حركة التجارة البرية إلى موريتانيا والعمق الإفريقي.
وليس ثمة تبادلات تجارية برية ذات قيمة بين موريتانيا والجزائر تستدعي هذه الخطوة والنفقات الضخمة التي صرفت من أجل انجاز هذا المشروع الذي يشكك اقتصاديون في مردوديته، خاصة مع اعتماد الجزائر ذاتها على استيراد غالبية ما تحتاجه من الخارج وهو ما تظهره البيانات الرسمية والجدل الدائر حول تضخم فاتورة الواردات مقارنة بحجم الصادرات.
ويبدو المشروع موجها أكثر لمزاحمة المغرب شأنه في ذلك شأن مشاريع أخرى انخرطت فيها الجزائر وطغت عليها الحسابات السياسية وغابت عنها دراسة الجدوى الاقتصادية ومن بينها مشروع منطقة تبادل حرب لاستقطاب دول الساحل والصحراء وهو استنساخ ضعيف لمبادرة الأطلسي التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس للولوج إلى الأطلسي والتي ممن المتوقع أن تكون لبنة للتكامل الاقتصادي بين دول غرب افريقيا ودول الساحل والاتحاد الأوروبي.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن الرئيسين استمعا إلى عرض مُفصل عن نشاط المعبر، خلال حفل التدشين بمحافظة تندوف الجزائرية.
وأشارت إلى أن المعبر يحتوي على كافة المرافق الضرورية ويُنتظر أن يعزز الحركة الاقتصادية بين البلدين، فيما يبدو أن الجزائر تسعى إلى استهداف معبر الكركرات بين الصحراء المغربية وموريتانيا الذي يشكّل شريانا حيويا للتجارة بين الرباط ونواكشوط ويمتد إلى العمق الأفريقي.
وإضافة إلى افتتاح المعبر أعطى الرئيسان أيضًا إشارة بدء العمل في طريق بري يربط بين مدينة الزويرات الموريتانية وتندوف ويبلغ طوله أكثر من 700 كلم، وفق المصدر نفسه.
وأكد الرئيس الجزائري في تصريحات خلال الفعالية على ضرورة إنجاز مشروع الطريق بالسرعة القصوى من خلال اعتماد نظام العمل دون انقطاع، مضيفا أن إنجاز هذا المشروع من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة للتعاون بين البلدين.
بدوره أعرب الرئيس الموريتاني عن شكره لنظيره الجزائري على التزامه بتجسيد مشروع طريق تندوف – الزويرات، واصفا إياه بالمشروع “الحيوي”.
ويأمل البلدان أن يساهم المعبر والطريق البري المستقبلي في دفع وتيرة التنمية بالمناطق الحدودية في البلدين.
وتشهد العلاقات الجزائرية الموريتانية منذ أربع سنوات، زخما متصاعدا على وقع إطلاق مشاريع عديدة تضع الأساس لبنية تحتية مشتركة تمهد لاستثمارات تقود إلى تكامل اقتصادي، وفق متابعين.
وترتبط موريتانيا والجزائر بحدود برية بطول حوالي 460 كلم، وتنشط على حدودهما العديد من شبكات التهريب والتجارة غير المشروعة. ووفقا لبيانات رسمية، وصلت الصادرات الجزائرية من غير الهيدروكربونات إلى نحو سبع مليارات دولار في 2022، ونحو 5.3 مليارات دولار في 2023 وهو رقم يعتبر ضعيفا مقارنة بما يفترض أن تكون عليه المبادلات التجارية بالنظر إلى اعتماد الجزائر على الاستيراد من الخارج وغياب المنتوجات المحلية التي تحتاجها موريتانيا.
وقال جيف بورتر المحلل الأميركي المتخصص في شؤون شمال أفريقيا “كان ينبغي أن يحدث هذا قبل وقت طويل لكن لم يتم إيلاء اهتمام دبلوماسي كاف بموريتانيا”.
وتسعى الجزائر إلى التشويش على العلاقات الموريتانية المغربية ومجاراة مبادرات الانفتاح المغربي على نواكشوط وغيرها من الدول الأفريقية أكثر منه رغبة في دفع مسيرة التنمية في المنطقة.
وكثّفت من مساعيها لدفع موريتانيا إلى الاصطفاف وراءها بعد مباحثات مغربية موريتانية توجت بالاتفاق على تعزيز التعاون وآخرها اتفاق منذ نحو أسبوعين بين البرلمانين المغربي والموريتاني على تقوية الشراكة بين البلدين.
وضاعفت مبادرة الأطلسي التي أطلقها المغرب لتسهيل ولوج دول منطقة الساحل الأفريقي إلى المحيط مخاوف الجزائر من تصاعد النفوذ المغربي في المنطقة، فيما دعت تقارير جزائرية إلى ضرورة إطلاق برنامج مماثل، في مسعى لتدارك النكسات التي لحقت بالجزائر بعد أن باءت كافة محاولات استعادة نفوذها في القارة الأفريقية بالفشل.