الجهوية الموسعة في المغرب: كيف يمكن تحقيق العدالة في توزيع الثروة بين الجهات؟

0
100

تسلط المعطيات الأخيرة التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط الضوء على التفاوت الكبير في توزيع الثروة بين جهات المغرب. تشير البيانات إلى أن ثلاث جهات فقط، وهي الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة، تحقق أزيد من نصف الثروة الوطنية (57.9%)، بينما تتوزع بقية الثروة على باقي الجهات بنسب متفاوتة.

هذه الفوارق تطرح تساؤلات جوهرية حول كيفية تنزيل الجهوية الموسعة في ظل هذا التباين الكبير بين الجهات.

توزيع الثروة بين الجهات:

بحسب تقرير المندوبية، فإن خمس جهات فقط تُنتج ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، بينما تساهم جهات أخرى، مثل درعة-تافيلالت والجهات الجنوبية الثلاث، بنسبة 7.9% فقط.

هذا التفاوت يزيد من الفارق المطلق بين الناتج المحلي الإجمالي لمختلف المناطق، مما يبرز الفجوة الكبيرة في تكوين الثروة.

أسئلة حول الجهوية الموسعة:

أمام هذه المعطيات، يبرز السؤال: كيف يمكن تحقيق العدالة في توزيع الثروة بين الجهات في إطار الجهوية الموسعة؟ وكيف يمكن للحكومة أن تضمن توزيعًا أكثر توازنًا للثروات بين الجهات، بحيث لا تستأثر جهات بعينها بالنصيب الأكبر بينما تعاني جهات أخرى من نقص في الموارد والاستثمارات؟

معدلات النمو والتحديات المستقبلية:

التقرير يشير أيضًا إلى تفاوت في معدلات نمو الناتج الداخلي الإجمالي بين الجهات، حيث تمكنت بعض الجهات من تسجيل معدلات نمو أكبر من المتوسط الوطني، بينما سجلت جهات أخرى معدلات نمو سلبية. هذا الوضع يطرح تحديات كبيرة أمام الحكومة، خصوصًا في ظل التحضيرات لاستضافة أحداث عالمية مثل مونديال 2030، التي تتطلب تحقيق تنمية متوازنة وشاملة.

ناتج الفرد والعدالة الاجتماعية:

فيما يتعلق بالناتج الداخلي الإجمالي حسب الفرد، يتضح أن بعض الجهات، مثل الداخلة-وادي الذهب والعيون-الساقية الحمراء، تحقق معدلات تفوق بكثير المعدل الوطني، بينما تعاني جهات أخرى من انخفاض في ناتج الفرد. هذه الفوارق تستدعي التساؤل عن السياسات الحكومية الرامية لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وعن كيفية دعم الجهات الأقل نموًا لتحقيق تحسينات في مستوى معيشة سكانها.

ما هو الحل؟

أمام هذه التحديات، يرى الخبراء الاقتصاديون، مثل محمد أمين الحسني، أن هناك حاجة ملحة لسياسات اقتصادية تستهدف تحقيق توازن أكبر في توزيع الثروة. يجب أن تركز الحكومة على تعزيز البنية التحتية في الجهات الأقل مساهمة في الناتج المحلي، ودعم القطاعات الاقتصادية ذات الإمكانيات العالية للنمو في هذه المناطق.

تحديات أمام الحكومة:

الحكومة تواجه تحديًا حقيقيًا في تضمين هذه الفوارق المتزايدة ضمن سياساتها التنموية المقبلة، خصوصًا في إطار مشروع قانون المالية 2025. يتطلب الأمر إجراءات مستعجلة لتنزيل سياسات تحقق تنمية متوازنة بين الجهات، وتضمن توزيعا أكثر عدالة للثروة وتحقق فرص متساوية للجميع.

خلاصة:

إن تنزيل الجهوية الموسعة في المغرب لن يكون ممكنًا ما لم تُعالج هذه الفوارق الكبيرة في توزيع الثروة والنمو بين الجهات.

يظل السؤال مفتوحًا: كيف ستتجاوز الحكومة هذه التحديات لتحقيق تنمية شاملة، تضمن العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين جميع جهات المملكة؟