الرباط -قال والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، الثلاثاء، أن مشروع “هيئة فسخ الديون” (structure de défaisance)، المتعلق بالديون المتعثرة للأبناك، يسير على الطريق الصحيح.
وأضاف الجواهري، في لقاء صحفي عقب الاجتماع الفصلي الأول لبنك المغرب لسنة 2021، أن هذا المشروع “معقد للغاية”، نظرا للجوانب القانونية والمالية والمؤسساتية المرتبطة به.
وسجل االجواهري، خلال هذا اللقاء الصحفي المنظم عبر تقنية المناظرة عن بعد، أنه على المستوى القانوني “سيكون من الضروري مراجعة عدد من أحكام قانون الالتزامات والعقود، وكذلك من القانون التجاري”، مشيرا إلى أن الشق المؤسساتي يشمل جميع التشريعات التي تخص تحويل الديون إلى هيئة ما، وكذلك وسائل وقواعد تحصيلها.
وعلى المستوى الضريبي، أوضح الجواهري أن الأمر يتعلق بالمخصصات، و”تقبل أنه لا ينبغي أخذ تلك التي تم تشكيلها في الاعتبار”، مشيرا، في هذا السياق، إلى أن البنك المركزي يتدارس هذه النقطة مع مديرية الضرائب.
وتابع بالقول “نحن نمضي على الطريق الصحيح، وقد أشركنا في الاجتماعات وزارتي الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، والعدل”.
وأضاف والي بنك المغرب أنه طلب من الأمانة العامة للحكومة تنسيق كل هذه الجوانب مع القطاعات الوزارية المعنية، بهدف إيجاد حلول لهذه الإشكاليات في أفضل الظروف وفي أسرع وقت ممكن.
ووصل حجم الديون المتعثرة في شهر يوليوز الماضي، إلى 77 مليار درهم، وهو تعثر قياسي يشهده أداء القروض منذ أشهر سواء من لدن المقاولات أو الأسر.
وكان المغرب، كإجراء استباقي لمواجهة أزمة كورونا، قد لجأ في 7 أبريل 2020، إلى الاستعانة بخط الوقاية والسيولة لسحب (من صندوق النقد الدولي) ما يقارب 3 مليارات دولار، قابلة للسداد على 5 سنوات، مع فترة سماح تصل إلى 3 سنوات.
في واقع يصفه المتتبعون بالغارق في الكساد والاحتقان الاجتماعي، فاق حجم الدين العام للخزينة المغربية 722.7 مليار درهم (76 مليار دولار مع نهاية 2018).
يعد مؤشر المديونية من المؤشرات الدالة على عدم قدرة الحكومات على تعبئة موارد مالية إضافية تستجيب لتطور نفقات الدولة.
وكشفت بيانات وزارة الاقتصاد والمالية في 29 مارس/آذار 2019 عن أن الدين الخارجي للمملكة بلغ 34.1 مليار دولار.
وفي أحدث تقرير لمديرية الخزينة العامة، سجل الدين الداخلي للمغرب بنهاية أبريل/نيسان الماضي 558.3 مليار درهم (نحو 59 مليار دولار).
ويتوقع البنك المركزي أن ترتفع مديونية الخزينة العامة للمملكة من 65% من الناتج الداخلي الخام في العام الماضي، إلى 65.8% في العام الحالي، قبل أن تتراجع إلى 65% في العام المقبل، تحت تأثير الدين الداخلي.
وانتقل الدين العمومي للمغرب، الذي يشمل مديونية الخزينة العامة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية من 82% من الناتج الداخلي الخام سنة 2017، إلى 82.2 % سنة 2018، ومن المنتظر أن تصل في هذا العام إلى 82.5%، حسب المندوبية السامية للتخطيط (هيئة حكومية).
ومن أسباب لجوء المغرب المستمر للاستدانة، يقدم لحلو أيضا سبب الإسراف في النفقات، وارتفاع نفقات السيادة. ويشبّه لحلو الدولة بالأسرة التي تعيش البذخ وأفرادها لا ينتجون.
بنفس المقاربة والتشخيص، يعتبر الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي أن المؤسسات العمومية الأكثر فاعلية في الاقتصاد المغربي لديها نقص في التمويل الذاتي، مشيرا إلى أن أكثر من 30% من نفقات الموازنة مرهونة بالمديونية، مما يجعل وضع الاستدانة -حسب أقصبي- بنيويا، وبحاجة إلى هيكلية دائمة بالنسبة للمؤسسات العمومية منذ أكثر من 15 سنة.
وتمثل المديونية الداخلية أكثر من 51% من الناتج الداخلي الإجمالي، وينتظر أن تصل الفوائد المرتبطة بها في العام الحالي إلى 24 مليار درهم، مقابل 3.85 مليارات درهم للدين الخارجي.
وبلغت فوائد الدين الداخلي حتى فبراير/شباط الماضي، حسب الخزينة العامة للمملكة، 21.4 مليار درهم.
وكانت منظمة “أطاك المغرب” (غير حكومية) قالت إن “تكاليف الديون تفوق بكثير الميزانيات الاجتماعية الرئيسية، وتحول دون أي تنمية اجتماعية وبشرية حقيقية، وتتحمل الفئات الشعبية والأجراء أعباء تسديدها من خلال سياسات التقشف والفقر وتجميد الأجور والبطالة والتهميش”.
وكان المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رقابة مالية عمومية) اعتبر أن تفاقم مديونية الخزينة، من خلال تزايد العجز والتوجه نحو الاقتراض، مؤشر دال على فشل الأهداف التي رسمتها الحكومة بخصوص تقليص نسبة المديونية إلى 60% من الناتج الداخلي الخام في أفق 2021، وهو الأمر الذي يصعب بلوغه”، وفق تعبيره.