“من أمستردام، ينقل الكاتب والصحفي جمال السوسي تفاصيل قصة استثنائية لمهاجر مغربي يدعى الجوهري، تجسد أسمى معاني الوطنية والولاء تحت راية الله، الوطن، الملك. ففي الغربة، يأخذ الوطن شكلًا أكبر من مجرد مكان؛ يتحول إلى إحساسٍ متجذر في الروح، وعبءٍ يحمله المغترب بفخر أينما ذهب.
وسط هذا الإحساس، هناك لحظات تُبرز فيها أسمى معاني الانتماء، تمامًا كما حدث على الطريق السريع بين أمستردام وبروكسل، حيث جسّد الجوهري أرقى صور الوطنية التي لا تُقدّر بثمن.”
العلم على الطريق: لحظة مواجهة مع الذات
بين ضجيج السيارات وحركة الحياة اليومية، لم يكن المشهد عاديًا بالنسبة للجوهري. على الطريق السريع، كان العلم المغربي، الأحمر المزدان بنجمه الأخضر، ملقىً على الأرض، تدوسه عجلات السيارات في مشهد يعكس غفلة عابري السبيل عن رمزٍ يمثل السيادة والكرامة. في تلك اللحظة، لم يتردد الجوهري. أوقف سيارته في وسط الطريق، معرضًا حياته للخطر، ونزل ليرفع العلم من الأرض بيدين ترتجفان بعزة واعتزاز.
لم يكن رفع العلم مجرد حركة تلقائية، بل كان فعلًا يحمل في طياته رسالة للعالم: كرامة الوطن لا تسقط، ورموزه لا تداس. حين رفع الجوهري العلم فوق رأسه، وعيناه تفيض بالدموع، بدا المشهد كما لو كان لوحة تجسد أسمى معاني الولاء والانتماء. في تلك اللحظة، لم يكن مجرد مهاجر، بل كان رمزًا لشعار المغرب الخالد: “الله، الوطن، الملك”.
بطولة تنبض بالولاء والانتماء
ما فعله الجوهري لم يكن مجرد عمل فردي؛ كان تعبيرًا عن إحساس جمعي يشترك فيه كل مغربي يشعر بارتباطه العميق بوطنه. تحولت قصته بسرعة إلى حديث الجاليات المغربية في هولندا وأوروبا، حيث أثنى الجميع على شجاعته ووفائه. رأى فيه المغتربون نموذجًا مشرفًا للشباب المغربي، الذي يحمل هويته الوطنية بفخر في كل الظروف.
هذه اللحظة أعادت تعريف مفهوم البطولة. الجوهري لم يكن جنديًا في معركة، لكنه خاض حربًا صامتة ضد الغربة واللامبالاة، ليذكر الجميع أن الوطن هو جزء لا يتجزأ من الروح، وأن الانتماء ليس مجرد شعور، بل فعل.
رسالة لا تعرف حدودًا
ما قام به الجوهري حمل رسالة تتجاوز الجغرافيا والزمان. كانت لحظة وقوفه على الطريق السريع، حاملًا العلم المغربي وسط زحمة السيارات، أكثر من مجرد موقف بطولي؛ كانت صرخة فخر وولاء.
قال للعالم دون كلمات: “الوطن ليس مجرد مكان نعيش فيه، بل هو إحساس نعيشه أينما كنا”.
هذه الرسالة كانت بمثابة تذكير بأن الوطنية ليست كلماتٍ تُقال أو شعارات تُرفع، بل هي أفعال تُترجم على أرض الواقع. الجوهري، بوقفته الشجاعة، قدم درسًا عميقًا: الانتماء للوطن لا يُقاس بالمكان أو الزمان، بل بمدى استعدادنا لحمايته ورموزه، حتى في أبعد الأماكن.
رمز مشرف للشباب المغربي
من قلب أوروبا، أصبح الجوهري رمزًا حيًا للشباب المغربي المغترب، الذي يثبت أن الانتماء للوطن ليس مقصورًا على القرب الجغرافي. أثبت أن الأبطال ليسوا فقط أولئك الذين تخلدهم كتب التاريخ، بل هم الذين يعيشون بيننا، يقومون بأفعال قد تبدو بسيطة لكنها تحمل معانٍ عظيمة.
في زمنٍ تتسارع فيه الحياة وتتصارع فيه الهويات، أرسل الجوهري رسالة واضحة: الوطن هو الجذور التي تمنحنا القوة، وهو الراية التي نحملها بفخر أينما حللنا.
الوطنية: قيمة لا تُقدر بثمن
في عالمٍ تغلب عليه المادية، أعاد الجوهري تعريف الوطنية بمعناها النقي. رفع العلم لم يكن مجرد فعل، بل كان تجسيدًا لقيمة لا تُباع ولا تُشترى. من قلب أوروبا، قدم الجوهري درسًا خالدًا لكل من يؤمن بأن الوطن أغلى ما يملك الإنسان.
ختامًا، أثبت الجوهري أن الانتماء للوطن ليس شعورًا عابرًا، بل هو حالة دائمة من العطاء والوفاء. علم المغرب الذي رفعه عاليًا وسط طرقات أوروبا كان رسالةً للعالم بأسره: “كرامة الوطن فوق كل اعتبار”.
“الجالية المغربية في أمستردام: بين تسييس الحوادث ومحاولة إلصاق التهم”