“الحزب المغربي الحر و ‘ماروك كواسيستانس’: رفض التطبيع ومقاضاة رئيس الجمعية بتهمة الدعوة إلى الإرهاب.”

0
227

الجمعية المغربية “ماروك كواسيستانس” والحزب المغربي الحر: تحليل لاختلاف الرؤى حول التطبيع مع إسرائيل

في ظل التحولات السياسية والدبلوماسية التي يعيشها المغرب على الصعيد الدولي، تبرز قضية التطبيع مع إسرائيل كإحدى القضايا التي أثارت جدلاً واسعًا داخل المجتمع المغربي. ولعل من أبرز الفاعلين في هذا الجدل هما الجمعية المغربية “ماروك كواسيستانس” والحزب المغربي الحر، اللذان قدّما رؤى متباينة تعكس اختلافات جوهرية في طريقة التعامل مع هذا الملف.

موقف جمعية “ماروك كواسيستانس” ودعوتها للتعايش

تؤكد جمعية “ماروك كواسيستانس” في بيانها الأخير على دعمها لإسرائيل في مواجهة ما وصفته بالأعمال العدائية الأخيرة، معتبرة أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.

يأتي هذا البيان في إطار الدعوة للتعايش السلمي ونبذ العنف والكراهية، وهو ما تعتبره الجمعية أساسًا للعلاقات بين الشعوب، بغض النظر عن الاختلافات السياسية.

تشير الجمعية في بيانها إلى أحداث تاريخية مؤلمة، مثل الهولوكوست، لتوضيح أهمية حماية اليهود من العنف والاضطهاد.

 

وترى “ماروك كواسيستانس” أن التطبيع مع إسرائيل يمثل فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل، بما يخدم مصالح البلدين في مجالات عديدة، خاصة مع التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.

رد فعل الحزب المغربي الحر: رفض للتطبيع ودفاع عن القضية الفلسطينية

في المقابل، جاء موقف الحزب المغربي الحر مختلفًا تمامًا، أعلن إسحاق شارية، أمين عام “الحزب المغربي الحر”، أنه يعتزم تقديم شكاية إلى القضاء ضد رئيس جمعية “مغرب التعايش”، فيصل مرجاني، متهما إياه بالدعوة الى الإرهاب بحق الفلسطينيين وكل المتضامنين مع أهالي غزة في مواجهة حرب الإبادة الإسرائيلية. كما حث شارية “كافة الشرفاء على التواصل معنا لسد الطريق أمام محاولات الاختراق المكشوفة والتصدي لمخططات الفتنة والتقتيل والتحكم بالسيادة الوطنية”.

وكتب القيادي السياسي المغربي في صفحته على “فيسبوك” أن حزبه “تلقى بغضب شديد بلاغا صحافيا صادرا عن جمعية تتخذ من المغرب مقرا لها ذات ارتباطات صهيونية تسمى كذبا وبهتانا (مغرب التعايش) تدّعي فيه التضامن المطلق مع الحكومة الإسرائيلية في حربها القذرة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتدعو من فوق التراب المغربي الطاهر، الجيشَ الصهيوني إلى مزيد من التقتيل والتهجير، كما تؤكد استعدادها للدعم والمساندة في هذه العمليات الإرهابية مستخدمة في ذلك شعارات ورموز المملكة للإيهام برسمية البلاغ”.

وأضاف إسحاق شارية الذي يعمل محاميا: “وحيث إن الدعوة الى القتل والإرهاب تعتبر جناية حسب القانون المغربي، بالإضافة إلى أنه دعوة إلى الفتنة وخروج عن الإطار العام الذي حدده أمير المؤمنين جلالة الملك حفظه الله للقضية الفلسطينية وضرورة مساندتها، كما أنه سعي صهيوني مفضوح لإقحام المغرب وشعبه في أتون مواقف غريبة عن قناعاته المؤمنة بعدالة النضال من أجل قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وعليه، فإنه منذ الغد بحول الله، سيتم تشكيل لجنة من محاميي الحزب المغربي الحر”.

ووصف البيان موقف الجمعية بأنه يتجاهل معاناة الفلسطينيين ويشجع على التطبيع مع كيان يواصل ارتكاب انتهاكات حقوقية.

يرى الحزب المغربي الحر أن التطبيع مع إسرائيل يتعارض مع المبادئ الوطنية للمغرب التي طالما دعمت القضية الفلسطينية.

ويرى أن الاعتراف بإسرائيل أو دعمها يعد خيانة للموقف التقليدي للمغرب، الذي يعتبر القضية الفلسطينية من القضايا المركزية في سياسته الخارجية.

اختلافات في الفهم والتأويل: “التعايش” و”الدفاع عن النفس” في ميزان السياسة

يكمن الاختلاف بين الجمعية والحزب في كيفية فهم بعض المصطلحات مثل “التعايش” و”الدفاع عن النفس”.

فبينما تعتبر الجمعية أن التطبيع يمثل فرصة لبناء جسر من التفاهم بين الشعوب على أساس التعايش والسلام، يرى الحزب أن مثل هذه الخطوة تمثل اعتداءً على حقوق الفلسطينيين وتطبيعًا مع كيان يواصل احتلال الأراضي الفلسطينية.

تستند الجمعية إلى اتفاقات التطبيع التي وقعها المغرب مع إسرائيل، والتي تعتبرها نقطة انطلاق لتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات.

بالمقابل، يرى الحزب أن هذا التعاون يعد شرعنة للاحتلال الإسرائيلي ويشجع على المزيد من العدوان تجاه الفلسطينيين.

الخطاب الإعلامي والنقاش العام: الاستقطاب المتزايد

يظهر من خلال تتبع النقاشات العامة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أن هناك انقسامًا واضحًا في الرؤى داخل المجتمع المغربي حول قضية التطبيع مع إسرائيل.

فبينما يرى البعض أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز دوره الإقليمي والدولي من خلال التطبيع، يعارض آخرون هذه الخطوة بشدة ويرون فيها تهديدًا للقضية الفلسطينية ومواقف المغرب التاريخية.

التداعيات على العلاقات الدولية والاستراتيجيات المغربية

إن التطبيع مع إسرائيل ليس مجرد قرار دبلوماسي، بل يمثل جزءًا من استراتيجية المغرب لتعزيز علاقاته الدولية وتنويع شراكاته. ومع ذلك، فإن الجدل حول هذه القضية يعكس التحديات التي يواجهها المغرب في تحقيق توازن بين التزاماته الدبلوماسية الجديدة ودعمه المستمر للقضية الفلسطينية.

تُعتبر التصريحات الأخيرة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي أشادت بالتعاون المغربي الأوروبي، إلى جانب تصريحات مماثلة من مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، مؤشرًا على أن المغرب يسعى لتعزيز موقعه كلاعب إقليمي مهم.

ولكن يبقى السؤال المطروح: هل يمكن للمغرب الحفاظ على هذا التوازن بين المصالح الوطنية والدبلوماسية وبين المواقف المبدئية المتعلقة بالقضية الفلسطينية؟

خاتمة: بين التعايش والمواقف المبدئية

في خضم هذا الجدل، يبقى المغرب في مواجهة تحديات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

جمعية “ماروك كواسيستانس” تدافع عن رؤية للتعايش والسلام، بينما الحزب المغربي الحر يرى أن هذا التعايش لا يمكن أن يتم على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

وبينما يسعى المغرب لتعزيز شراكاته الدولية، يبقى السؤال: كيف يمكن أن يوازن بين مصالحه الوطنية والدبلوماسية وبين التزاماته التاريخية تجاه فلسطين؟