في ظل الدينامية المتسارعة التي تعرفها قضية الصحراء المغربية على المستويين الدبلوماسي والتنموي، يبرز سؤال مركزي: هل يمكن تحويل التحدي القانوني المرتبط بتنزيل مبادرة الحكم الذاتي إلى فرصة لبناء نموذج تنموي جاذب ومستدام؟
يبدو أن المغرب، من خلال مقاربته المؤسساتية الجديدة، يحاول الإجابة عن هذا السؤال بجرأة، مستندًا إلى خلفية دستورية قوية، وإرادة سياسية واضحة، واستراتيجيات تنموية متقدمة. فمنذ اعتماد دستور 2011، وما تبعه من إصلاحات قانونية، حرصت المملكة على التمهيد لاحتضان نظام حكم ذاتي متقدم بالصحراء، لا فقط كحل سياسي للنزاع، بل كبوابة لبناء جاذبية اقتصادية ومجتمعية تكرس السيادة وتُعزز الاندماج الوطني.
المقاربة القانونية: من التحدي الدستوري إلى البناء المؤسسي المغرب اختار أن يجعل من المدخل الدستوري ركيزة أساسية لتنزيل الحكم الذاتي بالصحراء. فالدستور المغربي لسنة 2011، في ديباجته وأبوابه التنظيمية، أرَسَى تصورًا متقدماً للجهوية المتقدمة، وهو ما يخلق قاعدة قانونية مرنة تسمح بإدماج نظام حكم ذاتي ضمن الهيكل الدستوري.
يطرح هذا التوجه تساؤلات مشروعة:
-
كيف يمكن صياغة قانون تنظيمي يُؤطر الحكم الذاتي بالصحراء دون الإخلال بالوحدة الدستورية للدولة؟
-
إلى أي مدى يمكن للمؤسسات الجهوية بالصحراء أن تمارس سلطاتها في إطار “التدبير الحر”، دون تعارض مع السلطة المركزية؟
الإجابة عن هذه الأسئلة توجد في روحية المبادرة المغربية لعام 2007، وخاصة الفقرة 29 منها، التي تنص على مراجعة الدستور لإدماج نظام الحكم الذاتي. وهنا تبرز أهمية بناء آليات مؤسساتية جهوية (برلمان جهوي، حكومة جهوية، محاكم مستقلة) وفق قانون تنظيمي دقيق، يراعي الخصوصيات المحلية، ويضمن ممارسة موسعة للصلاحيات الذاتية والمشتركة.
المدخل التنموي: من الاستقرار القانوني إلى الجاذبية الاقتصادية إذا كان الإطار القانوني يوفر الحماية والاستقرار، فإن البعد التنموي يشكل المحك الحقيقي لنجاح مشروع الحكم الذاتي. فتنزيل هذا النظام لن يكون ذا مصداقية دون نتائج ملموسة تنعكس على حياة المواطنين.
المغرب يراهن على الأقاليم الجنوبية كمحور استثماري إقليمي، وقد أطلق مشاريع كبرى في البنيات التحتية، الطاقة المتجددة، الصيد البحري، اللوجستيك، والتعليم العالي. الهدف هو خلق اقتصاد جهوي قوي، قادر على:
-
امتصاص البطالة وخلق فرص الشغل.
-
جذب الاستثمارات الوطنية والدولية.
-
تكريس دور الصحراء كبوابة إفريقية وواجهة بحرية إستراتيجية.
وهنا نتساءل:
-
هل تسير المشاريع التنموية بالصحراء بوتيرة توازي الطموحات السياسية؟
-
ما هي الضمانات القانونية لحماية الموارد الطبيعية وفق ما تنص عليه الفقرة 13 من المبادرة؟