الحكومة ترد باستحياء على “محاصرة وتخريب مزارعين إسبان وفرنسيين شاحنات محملة بخضراوات وفواكه مغربية”

0
353

فيما ردّت حكومة رجل الأعمال الملياردير، عزيز أخنوش، باستحياء وبشكل متواضع على محاصرة وتخريب مزارعين إسبان وفرنسيين شاحنات محملة بخضراوات وفواكه مغربية.

وقال الناطق باسم الحكومة المغربية،مصطفى بايتاس، أنه تم تفعيل القنوات الدبلوماسية لمعالجة الأمر ويهدف إلى حماية ولوج المنتجات الوطنية للفضاء الأوروبي.




ومنذ أسابيع، يعترض مزارعون أوروبيون الشاحنات المغربية المتجهة نحو أسواق بلدهم أو إلى أسواق أوروبية أخرى في ظل تصاعد احتجاجات مزارعين في دول أوروبية ترفع مطالب معيشية ومالية، وتدعو إلى إيقاف ما يعتبرونها سياسة إغراق بمنتجات أوكرانية وأجنبية أخرى رخيصة‪.

وناهيك عن واقع تخريب الشاحنات المغربية والسلع التي تحتويها، فضلا عن واقع الاعتداءات الجسدية على السائقين، فوجئ الناقلون المغاربة بتكبّدهم تكلفة هذا التخريب فرديا بعدما رفضت شركات التأمين المغربية تعويضهم، على اعتبار أن عقود التأمين الدولية المبرمة بين الناقلين والشركات لا تغطي الأضرار الناتجة عن الأعمال التخريبية أو الاعتداءات.

من جانبها، وبعدما فضّلت الصوم عن الكلام منذ أسابيع حول واقع الاعتداءات التي يتعرض لها الناقلون المغاربة، خرجت الحكومة لتُعلن على لسان الناطق باسمها المصطفى بايتاس، خلال الندوة الأسبوعية للحكومة التي عقدتها اليوم الخميس، أن “موضوع الشاحنات المغربية، يجب أن نتوقف حوله عند نقطة أساسية هو أن هناك اتفاقا للتبادل الحر، وهو اتفاق شمولي وليس انتقائي”.

واكتفت الحكومة المغربية، بالقول إنه “تم التفاوض حول مختلف تفاصيله المواد والكميات وغيرها كما تم تفعيل القنوات الدبلوماسية من أجل حماية ولوج المنتجات المغربية إلى هذا الفضاء الأوروبي”، دون تقديم أي تفصيل أو توضيح للرأي العام بهذا الخصوص، أو تبيان كيف ستتعامل الحكومة مع واقع الاعتداءات وما يتكبّده الناقلون ماديا ومعنويا، على الرغم من أن هذا التصريح الحكومي يأتي بعد أسبوعين فقط على أزيد من 25 شاحنة مغربية محملة بالخضر والفواكه المتوجهة نحو الأسواق الأوروبية ومنها الإسبانية، لمجموعة من العراقيل وصعوبات في سلك الطرق السيارة بالخزيرات، بينما خرب مزارعون إسبان 4 منها.

وانتقد وزير الخارجية ناصر بوريطة ما سماها “سياسة الخوف والرفض” في أوروبا لكل ما هو قادم من جنوب البحر المتوسط. وبينما دعا رئيس غرفة للتجارة والصناعة والخدمات في المغرب، عبر تصريح للأناضول، إلى إيجاد حل لهذا الوضع، اعتبر اقتصادي أن الأزمة الراهنة تمثل فرصة للبحث عن بدائل، وإعادة النظر في سياسة المملكة التصديرية بالمجال الزراعي.

جاء انتقاد بوريطة خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورني في الرباط الاثنين، انتقد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة اعتراض شاحنات تقل بضائع مغربية في أوروبا.

ووصف استهداف المنتجات القادمة من جنوب البحر المتوسط نحو دول الاتحاد الأوروبي بأنه “أمر غير منطقي”، مشيرا إلى أن واردات بلاده الزراعية من الاتحاد تفوق صادراتها.

بوريطة أوضح أن الاتحاد الأوروبي لديه فائض مع المغرب بنحو 600 مليون يورو في القطاع الزراعي، ويحقق فائضا بنحو 10 ملايين يورو في مبادلاته التجارية بشكل عام مع المملكة.

وتابع: “ما يقلقنا أكثر هو سياسة الخوف والرفض التي توجد في الفضاء المتوسطي، حيث انتقل الإشكال من قضايا الهجرة (غير النظامية) إلى مختلف الأمور التي تأتي من الجنوب”.

وأعربت غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة سوس ماسة (وسط المغرب)، عبر بيان في 17 فبراير/ شباط الجاري، عن قلقها إزاء استهداف عمليات عبور البضائع بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ودعت جميع الأطراف إلى التدخل الفوري لإيجاد حل للأزمة.

وشددت الهيئة (رسمية) على أن “عبور البضائع بين المغرب والاتحاد الأوروبي يشهد تعطيلا خطيرا في الوقت الحالي نتيجة الدعوات غير القانونية التي تقوم بها جمعيات زراعية إسبانية وفرنسية”‪.

وقال رئيس الغرفة لجهة سوس ماسة سعيد ضور، إنه “وصلت إلى الغرفة شكايات عديدة من طرف مهنيي النقل الدولي (المغاربة) عن الاعتداء الذي تعرضوا له في إسبانيا وفرنسا”.

ودعا في تصريح صحفي، إلى “إيجاد حل لهذه القضية، خاصة وأن جهة سوس ماسة هي الأكثر تضررا، كونها مصدر جزء كبير من الصادرات الزراعية”.

وبخصوص إمكانية التوجه إلى المؤسسات القضائية في أوروبا، اعتبر أن الغرفة “قامت بما عليها، عبر إصدار بيان والعمل على توعية المهنيين الأوروبيين بخطورة هذه الخطوات”.

وأردف ضور أنه “لباقي المؤسسات والوزارات الحكومية كامل الصلاحيات للقيام بإجراءات أخرى”، داعيا مهنيي بلاده إلى “العمل بشكل مشترك لإيجاد حلول للأزمة”.

كما دعا الهاشمي حكومة الرباط إلى “التدخل لحماية شركات النقل المغربية والمستثمرين، وفي المقابل على الأوروبيين احترام اتفاقيات التجارة الدولية وتلك الموقعة مع المغرب”.

وبنسبة تفوق 60 بالمئة من إجمالي مبادلات المغرب التجارية، يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للمملكة.

ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول 2008، يستفيد المغرب من صفة “الوضع المتقدم” مع الاتحاد الأوروبي، والتي تتيح للمملكة الاستفادة من اتفاقيات وتمويلات أوروبية.

وقالت غرفة التجارة والصناعة والخدمات، في بيانها، إن “هذه التحريضات أدت إلى تنظيم احتجاجات وعمليات احتجاز تسببت في ازدحام في نقاط العبور، مما ترتبت عنه أضرار جسيمة للشركات الناقلة المغربية، ويشكل تهديدا كبيرا للعلاقات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي”.

ودعا البيان السلطات الإسبانية والفرنسية إلى “احترام التزاماتها التعاقدية، والعمل على تيسير حركة وعبور البضائع المغربية، مع الحرص على المحافظة على ظروف تجارية مستقرة وعادلة، تعزز التعاون الاقتصادي مع الرباط”.

وشددت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (غير حكومية تضم هيئات مزارعين ومهنيين)، على أنها “لن تسمح بأي تصرف غير لائق تجاه المنتجات المغربية الزراعية”‪.

وأعربت الكونفدرالية، في بيان، عن استعدادها للعمل مع الأطراف الأوروبية للحفاظ على العلاقات التجارية، في إطار الاحترام المتبادل.

وسبق أن حدث السيناريو نفسه في أعوام سابقة، إذ هاجم مزارعون إسبان شاحنات مغربية وأتلفوا حمولاتها في فبراير 2020، وأكتوبر 2023.

وتعليقا على عرقلة الشاحنات المغربية والاعتداء عليها، قالت المفوضية الأوروبية، في بيان مؤخرا، إن “الإضراب والاحتجاج هي حقوق أساسية يحترمها الاتحاد الأوروبي بالكامل، كما يجب ممارستها وفقا للقانون والنظام العام، اللذين تكفلهما سلطات الدول الأعضاء”.

لكنها شددت في الوقت نفسه على أنها “تدين كافة أشكال العنف والإهانة”، مضيفة: “لم نتلق أي احتجاجات أو شكاوى رسمية من السلطات المغربية بخصوص ما تعرضت له الشاحنات في إسبانيا وفرنسا”.

في ظل الوضع الراهن، اعتبر الاقتصادي المغربي محمد نظيف، في حديث مع الأناضول، أن “هذه الأزمة تشكل فرصة للمغرب من أجل إعادة النظر في سياسته التصديرية في المجال الزراعي”.

وزاد أن “كل أزمة تشكل فرصة للبحث عن بدائل، خاصة أن الصادرات الزراعية مكلفة في ظل دخول البلاد أزمة مياه”.

وبخصوص احتمال توجه بلاده إلى مؤسسات دولية، مثل منظمة التجارة العالمية، قلل نظيف من أهمية هذا الاحتمال، مشددا على أن “الأساس هو التقليل من التبعية للخارج، خاصة وأن الدول الغربية تبحث عن مصالحها ولا تهمها الدول الأخرى”.

ومنذ أكثر من شهر، تتواصل احتجاجات بمشاركة مئات آلاف من المزارعين في دول أوروبية بينها إسبانيا وفرنسيا وبلجيكا، ما عرقل حركة مرور شاحنات والتواصل بين مدن رئيسة‪.

ويدعو المزارعون المحتجون في غالبية الدول الأوروبية الحكومات إلى مساعدتهم في تحسين أوضاعهم، وتطبيق إعفاءات ضريبية على المحاصيل المحلية، ووقف ما يعتبرونها سياسة إغراق بمنتجات أجنبية رخيصة، وفرض ضرائب على المحاصيل المستوردة‪.