الحكومة تصادق على مواعيد الانتخابات البرلمانية والبلدية والمهنية..ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات يعود إلى اجترار الخطاب الحزبي نفسه والبرنامج نفسها !!؟

0
311

أمل الأحزاب الوطنية في المغرب أن تكون الانتخابات البرلمانية والبلدية حافزا للشباب للانخراط في الشأن العام واعتبروا الطابع المحلّي لهذه العمليّة السياسيّة فرصة لحثّهنّ/هم على لعب دور سياسي فاعل، آخرها القوانين المحددة للانتخابات التي غيّرت الكثير من ملامح المشهد، وأهمّها إلغاء لائحة الشباب التي كان بموجبها يجري تخصيص نسبة من المقاعد في مجلس النواب للشباب. الإلغاء الذي قوبل باستياء كبير لدى شباب الأحزاب، قابله ترحيب واسع لدى الشباب غير المتحزب الذي أفاد بأن اللائحة لم تخرجهم من الهامش الحزبي، وعليه فإن القوانين الجديدة المنظمة للعملية الانتخابية تدفع في اتجاه تحميل الأحزاب مسؤولية إشراك هذه الفئة العمرية المهمة في لوائح مرشحيها.

الرباط – صادق مجلس الحكومة المنعقد اليوم الأربعاء، على مشاريع المراسيم المحددة للتواريخ والجدولة الزمنية المتعلقة بالعمليات الانتخابية التي ستشهدها بلادنا خلال هذه السنة.

وصادق المجلس على مشروع مرسوم يحدد تاريخ انتخاب أعضاء مجلس النواب، ومشروع مرسوم يحدد تاريخ انتخاب أعضاء مجلس المستشارين، ومشروع مرسوم يحدد تاريخ انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والأقاليم، ومشروم مرسوم يحدد تاريخ انتخاب أعضاء مجالس الجهات، ومشروع مرسوم يحدد  تاريخ انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، ومشروع مرسوم يخص تحديد تاريخ انتخاب أعضاء الغرف الفلاحية، وآخر خاص بتحديد  تاريخ انتخاب أعضاء غرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري.

وبموجب هذه المراسيم تقرر برمجة الانتخابات على الشكل التالي:

يوم الجمعة 6 غشت 2021: انتخاب أعضاء الغرف المهنية (الصناعة والتجارة والخدمات، الصناعة التقليدية، الصيد البحري، الغرف الفلاحية)؛

يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021: انتخاب أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس الجهات وأعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات.

يوم الثلاثاء 21 شتنبر 2021: انتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم.

يوم الثلاثاء 5 أكتوبر 2021: انتخاب أعضاء مجلس المستشارين.

وتكشف معطيات “المندوبية السامية للتخطيط” (هيئة رسمية مكلفة بالإحصاءات والمسوح الاقتصادية والاجتماعية) عن علاقة الشباب المشهد السياسي والحزبي ككل في المغرب، إذ تفيد بأن 70 في المئة من الشباب لا يثقون في جدوى العمل السياسي، و5 في المئة يؤمنون بالعمل الحزبي، و1 في المئة فقط يزاولون الفعل السياسي من داخل الهيئات السياسية، بينما يشكل الشباب 40 في المئة من الكتلة الناخبة.

هذه الأرقام تحيل مباشرة على مكمن العطب الذي يحول دون دوران آلة المشاركة الشبابية في الانتخابات، وتؤكد غياب الثقة في الأحزاب المشكلة للمشهد ككل، مما يؤشر على أن الهيئات الحزبية المغربية مطالبة بتطوير آليات تواصلها وتجديد دمائها، وفق ما يقول مراقبون.

وتكشف إحصائيات وزارة الداخلية نزوع الشباب إلى عدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، إذ لا تتجاوز نسبة الشباب المتراوحة أعمارهم بين 18 و24 سنة المسجلين في اللوائح الانتخابية نسبة 3 بالمئة، مقابل 19 بالمئة لدى الشباب ما بين 25 و35 سنة.

الشاب المغربي الذي عاش تجربة أحزاب يسارية وأخرى يمينية، يرى أن كل هذه الأطياف لم تستطع أن تحرك عجلة تنمية حقيقية، مشيراً إلى أنه يرى العملية الانتخابية مجرد تناوب على السلطة فقط، لتلبية أهداف وأجندة معينة دون تحقيق طموحات المغاربة التي تتمثل في توفير العيش الكريم.

يشعر الشباب في المغرب بمختلف فئاته الاجتماعية بالقلق والتوتر إزاء سلوك رجال السياسة الذين يملكون زمام الأجهزة التقريرية ويتحكمون في تحديد الاختيارات والتوجهات، زد على ذلك ما تعيشه الأحزاب السياسية من سيادة الزبونية والمحسوبية وغياب الديمقراطية الداخلية، وهو ما يشكل عائقاً في وجه تجديد النخب بواسطة استقطاب الشباب ذوي الكفاءات والقادرة على وضع المشاريع المبتكرة للحلول، علماً أن الفصل السابع من الدستور المغربي ينص على أنه تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.

ويعود ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات إلى اجترار الخطاب الحزبي نفسه والبرنامج نفسها، وعدم وجود وجوه شابة معروفة في أوساط المجتمع في هرم التنظيمات الحزبية، مؤكداً أن هذا العزوف يهم المشاركة في الانتخابات وليس في السياسة.

وخلصت دراسة حديثة حول “مؤشر الثقة بالمؤسسات 2020”  التي نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات، واعتمدت التحليل الكمي على عينة من 1000 شخص تتراوح سنهم بين 18 سنة وما فوق، إلى نتائج مقلقة.

وأظهرت أن الشباب عبّروا عن مستوى متدنٍّ من انعدام الثقة بالأحزاب السياسية، إذ إن 81 في المئة من المستطلَعين لا يثقون بها، و42 بالمئة منهم لديهم انعدام ثقة تامّ، فيما لا تبلغ نسبة الشباب الذين لديهم ثقة كاملة بالأحزاب السياسية إلا نسبة 1 بالمئة.

ضَعف الثقة هذا لا يتعلق بالأحزاب السياسية فقط كما سجلت الدراسة، بل يتعداها إلى المؤسسة البرلمانية والحكومة، إذ يبدي الشباب أقلّ من 30 سنة ثقة متدنية إزاءهما.

وتشير بيانات رسمية، بأن الهيئة الناخبة المدعوة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية المزمع إجراؤها ابتداءً من غشت المقبل، حصرت عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في ما “مجموعه 15 مليونا و 702 ألف و 592 ناخبة وناخبا”.

وبحسب المصدر نفسه فإن “هؤلاء الناخبين يتوزعون 55% من الرجال مقابل 45% من النساء” مشيرة إلى أن 55% منهم في المدن مقابل 45% في القرى.

كما تتوزع شرائح أعمار المسجلين حسب المصدر نفسه، بين 30% تقل أعمارهم عن 35 عاما، مقابل 43% تتراوح أعمارهم بين 35 و54 عاما و27% تفوق أعمارهم سن ال54.

ويبلغ عدد الذين باتوا في سن التصويت (18 عاما) قرابة 26 مليون نسمة، فيما يبلغ عدد سكان المغرب قرابة 34 مليونا.

والانتخابات هي الثالثة بعد إقرار دستور جديد صيف 2011، عقب حراك شعبي قادته حركة 20 فبراير الاحتجاجية في سياق “الربيع العربي”.

وأُجريت انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 بعتبة 6 بالمئة، ثم تم تخفيضها إلى 3 بالمئة في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2016.

كما يوجد خلاف حول مطلب إلغاء اللائحة الوطنية للشباب، وهي تضم 30 من مقاعد مجلس النواب البالغة 395.

ويتشبث حزبا “العدالة والتنمية” و”التجمع الوطني للأحرار” (عضو بالائتلاف الحكومي) بتلك اللائحة، بينما تطالب بقية الأحزاب بلائحة للكفاءات من 90 مقعدا تضم الشباب والنساء، ويتم اعتمادها جهويا.

ويرى محللون مغاربة وخلص إلى أن “الرهان (في الانتخاتبات المقبلة) سيكون على ما هو اقتصادي واجتماعي وليس سياسي، كما كان عليه الحال في انتخابات 2011 و2016، والمؤكد أنه لن يحصل التنافس الحاد الذي كان في الانتخابات السابقة”.

واعتبروا أنه “يوجد حرص على أن نتجه للانتخابات المقبلة بدون رهانات وبدون نقاش سياسي ولا مجتمعي وبدون نقاش للمشاريع الفكرية والمجتمعية”.

وتابعوا : “إن استحضرنا السياق الموضوعي المرتبط بكورونا، والسياق الذاتي المرتبط بالأحزاب السياسية، وأجندة المجتمع المغربي المتعلقة اليوم بالبحث عن القوت اليومي وتحسين الظروف الاجتماعية، فكلها اعتبارات تؤكد أن الانتخابات المقبلة ستكون لضمان شرعية المؤسسات القائمة، وللحفاظ على عرف مغربي هو انتظامية إجراء الانتخابات”.

وفي خضم كل هذا الجدل والنقاش السياسي، يترقب كثيرون نتائج الانتخابات المقبلة للبحث عن إجابات لأسئلة عديدة، لعل أبرزها: هل سيقود “العدالة والتنمية” الحكومة للمرة الثالثة على التوالي أم لا؟

ومن نافلة القول، نضيف، أنه بالرغم من اهتمام الدستور المغربي بالشباب، وبالرغم من القوانين الداخلية والأساسية للأحزاب التي تنص على مشاركة وتشجيع الشباب في الهياكل التنظيمية الحزبية، فإن هذا المراد مازال بعيد المنال، مما دعا إلى عزوف الشباب عن السياسة والانخراط في الأحزاب، أي أننا نعيش حالة غياب الديمقراطية داخل الأحزاب بسبب غياب التمثيل السياسي للشباب.

وهذا أمر، أصبح يرهق الأحزاب والدولة، لأن إبعاد الشباب عن الممارسة السياسية يؤدي إلى شعور الشباب بالإحباط السياسي وعدم قدرته على التأثير في القرارات والقوانين التي تنظم كيفية مباشرة حقوقه في المعيشة والحياة والسياسة.

“لا يمكن أن نقنع الشباب بالمشاركة السياسية إلا عبر الشباب، وهنا نسائل الأحزاب عن مدى تفعيل دورها في تأطير المواطنين وتكوين مناضليها من الشباب من أجل صناعة خلف يسمح باستمرارية العمل الحزبي وتحسين الصورة النمطية السيئة التي يراها الشباب العازف عن العملية الانتخابية”.