الخارجية الأمريكية “الحكومة المغربية لا تَفِي تماما بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر ولكنها تبذل جهودا كبيرة”

0
163

ذكر تقرير لـ“مكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر” في وزارة الخارجية الأمريكية، إن الحكومة المغربية لا تلتزم حتى بأدنى المعايير للقضاء على الاتجار في البشر، “إلا أنها تبذل جهودا كبيرة للتحقيق ذلك” حسب ما ورد في تقرير الاتجار في البشر برسم عام 2022.

وبحسب ما يفيد التقرير، أنه حدد “ثلاثة مستويات” للدول بناء على مدى استيفائها للمعايير المحددة لمكافحة الظاهرة التي باتت تؤرق بال العالم في ظل اشتداد النزاعات واتساع رقعتها، ومدى امتثالها لـ”قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر والعنف” الصادر عام 2000.

كما أشار التقرير إلى إنّ المغرب أبان عن جهود متزايدة مقارنة بالفترة التي شملها التقرير السابق، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير جائحة كوفيد 19 على قدرته على مكافحة الاتجار في البشر، نتيجة لذلك يحافظ المغرب على مكانته في المستوى الثاني.

وخلص التقرير أن بلدان المستوى الثاني تحاول أن تجعل نفسها ملتزمة حتى لا يكون العدد التقديري لضحايا الأشكال الخطيرة للاتجار في البشر ببلدان المستوى الثاني كبير للغاية أو آخذ في الازدياد بشكل كبير.

وتتخذ هذه البلدان إجراءات ملموسة أو تستطيع تقديم أدلة تؤكد الجهود المبذولة لمكافحة الأشكال الخطيرة للاتجار بالأشخاص خلال السنة الماضية؛ وتشمل هذه الأدلة زيادة التحقيقات والمحاكمات والإدانات في جرائم الاتجار، وتعزيز مساعدة الضحايا، فضلا عن تناقص الأدلة على التواطؤ في أشكال خطيرة من الاتجار الاتجار من قبل المسؤولين الحكوميين.

وأوضحت الخارجية الأمريكية في تقريرها أن الجهود المبذولة من طرف المغرب شملت زيادة الملاحقات القضائية المتعلقة بالاتجار بالبشر، حيث أصدرت المحاكم على المتاجرين أحكاما سجنية طويلة الأمد، كما واصلت الحكومة الشراكة مع المنظمات الدولية لتدريب المسؤولين الحكوميين.

ومع ذلك، لم تفِ الحكومة بالمعايير الدنيا في العديد من المجالات الرئيسية، يضيف التقرير أن السلطات المغربية حددت أقل عدد من الضحايا منذ 2018 لكن استمر عدم التدخل الاستباقي من خلال تحديد هوية الضحايا، وخاصة المهاجرين، الذين تركوا عرضة للعقوبات القضائية بسبب الأعمال غير القانونية التي أجبرهم المتاجرون على ارتكابها بما في ذلك انتهاك قوانين الهجرة.

على مدى السنوات الخمس الماضية، استغل تجار البشر الضحايا المحليين والأجانب في المغرب، كما وقع مغاربة في الخارج ضحايا الاتجار في البشر. وأكد التقرير أن المهاجرين الأجانب المسجلين وغير المسجلين، وخاصة النساء والأطفال، معرضون بشدة للعمل القسري والاتجار بالجنس في المغرب، وهم يمرون عبر المغرب للوصول إلى أوروبا.

في عام 2020 انخفض، بحوالي 30 في المائة مقارنة بالعام السابق، عدد المهاجرين من جنوب الصحراء الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، والذين ينوي أغلبهم العبور نحو أوروبا. وبحسب ما ورد استمر هذا الاتجاه في عام 2021، لكن البيانات لم تكن متاحة. ومع ذلك، ورد أن عدد المهاجرين المغادرين من المغرب إلى أوروبا زاد ثمانية أضعاف بسبب عبور المهاجرين للمحيط الخطير إلى جزر الكناري في عام 2020، مقارنة بعام 2019.

أوصى التقرير باعتماد إجراءات منهجية للتعرف بشكل استباقي على ضحايا الاتجار، لا سيما بين الفئات الضعيفة من السكان مثل المهاجرين غير المسجلين. فضلا عن إحداث آلية وطنية لإحالة الضحايا، وتدريب السلطات القضائية وسلطات إنفاذ القانون على تطبيقها.

وشددت الخارجية الأمريكية على تشديد الملاحقة القضائية ضد المتاجرين بالبشر وادانتهم بقانون الاتجار في البشر، بما في ذلك قضايا العمل الجبري. كما من اللازم تدريب مسؤولي إنفاذ القانون والمسؤولين القضائيين ومفتشي عمل الأطفال وموظفي الرعاية الصحية على الوعي بقانون مكافحة الاتجار وتحديد الضحايا وعدم معاقبة الضحايا.

في فبراير الماضي من العام الجاري، تصدر الاستغلال الجنسي قائمة أكثر صور الاستغلال شيوعاً في إطار الاتجار بالبشر في المغرب، وفق التقرير الوطني السنوي الأول للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر الذي كُشف عنه.

وبلغ عدد الأشخاص الذين تعرّضوا لاستغلال جنسي، في الفترة الممتدة ما بين عام 2017 وعام 2020، ما مجموعه 367 شخصاً، فيما طاول الاستغلال بالتسوّل 63 شخصاً. ويأتي ذلك إلى جانب صور أخرى من الاتجار بالبشر التي “لم توضح في إجابات الجهات المعنية”، بحسب ما جاء في التقرير الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي في لقاء في المدينة التكنولوجية “تكنوبوليس” الواقعة في مدينة سلا الجديدة، القريبة من العاصمة المغربية الرباط.

وبحسب ما يفيد التقرير، فإنّ عدد قضايا الاتجار بالبشر عرفت ارتفاعاً في عام 2018 تجاوز 200 في المائة، فيما تجاوز 96 في المائة في عام 2019. وفي عام 2018، بلغ عدد الإناث اللواتي تمتّ متابعتهنّ في قضايا الاتجار بالبشر 161، فيما بلغ عدد الذكور 119. وفي عام 2019، بلغ عدد الذكور 288 فيما بلغ عدد الإناث 135. كذلك، فإنّ عدد القصّر المتابَعين في إطار هذه الجريمة بلغ 108 في عام 2019، في مقابل 75 في عام 2018. أمّا في عام 2020، فبلغ عددهم 73 قاصراً. يُذكر أنّ معظم الضحايا، بحسب التقرير، هم مغاربة بنسبة 74.55 في المائة، في مقابل 25.45 في المائة من الأجانب.

ورأى وزير العدل عبد اللطيف وهبي أنّ التقرير كشف عن حجم ظاهرة الاتجار بالبشر ودرجة توسّعها وانتشارها في المغرب، وهو “ما يدعونا جميعاً إلى وضع معايير نوعية ودقيقة، والبحث عن الممارسات الجيدة وتجارب المكافحة الناجعة في الدول الرائدة في المجال، وطرق التعرّف على الضحايا وحمايتهم وتوفير آلية إحالة وطنية لهم وتمكينهم من خدمات جميع الفاعلين وفق كلّ حالة على حدة”.

أضاف وهبي أنّ وزارته، ومواكبة منها لعمل اللجنة الوطنية، تعمل جاهدة على إعداد نصوص قانونية مواكبة لتطوّر الجريمة وملاءمتها للاتفاقيات الدولية التي صادق المغرب عليها، خصوصا المستجدات التي طاولت مشروع قانون المسطرة. موضحاً أنّ التشخيص الذي أعدّته اللجنة الوطنية كشف عن مشكلات عديدة تعترض التطبيق السليم للقانون وفقاً لغاية المشرع المغربي، بالإضافة إلى الصعوبات على مستوى التطبيق.

وخلص التشخيص، وفق وهبي، إلى مجموعة من التوصيات، من قبيل ضرورة التملك المشترك لمقتضيات القانون 27-14 لمكافحة الاتجار بالبشر، وفق رؤية وطنية موحّدة، بحسب الاختصاصات الموكلة لكلّ فاعل على حدة، وتفعيلاً لمبدأ تكامل الخدمات المقدّمة لضحايا الاتّجار بالبشر والوقاية منه، وتكوين مدرّبين في مجال مكافحة الاتّجار بالبشر والوقاية منه في كلّ قطاع حكومي ومؤسسة عمومية في داخل اللجنة، بالإضافة إلى بعض المؤسسات أو القطاعات غير الممثلة في داخلها.

كذلك أوصى وهبي بضرورة رفع الوعي العام بخطورة جريمة الاتّجار بالبشر وكيفية الوقاية منه والتبليغ عنه في حال تمّ الاشتباه فيه، إلى جانب اعتماد مؤشّرات وطنية دالة على جريمة الاتّجار بالبشر، بحسب تخصّص كل متدخّل، وكذلك إنشاء آلية وطنية لإحالة ضحايا الاتّجار بالبشر لضمان حماية أنجع للضحايا المفترضين.

تجدر الإشارة إلى أنّ المادة 7 من قانون الاتّجار بالبشر حدّدت اختصاصات اللجنة في تقديم مقترحات للحكومة من أجل وضع سياسة عامة وخطة عمل وطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر ورصد مستجداته والوقاية منه وحماية ضحاياه، وتتبّع وتقييم تنفيذها، واقتراح مختلف أشكال التنسيق والتعاون بين السلطات المختصة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، المعنيّة بمكافحة الاتّجار بالبشر والوقاية منه.

كذلك تمتلك اللجنة صلاحية اقتراح إعداد دراسات وأبحاث في مجال مكافحة الاتّجار بالبشر ورفعها إلى السلطات والهيئات المعنية، ورصد المظاهر الجديدة للاتّجار بالبشر، واقتراح مختلف أشكال التنسيق والتعاون بين السلطات المختصة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، المعنيّة بمكافحة الاتّجار بالبشر والوقاية منه.

 

 

21 قاصراً يتسللون لمدينة سبتة المحتلة سباحة مستغلين الضباب الكثيف