الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام البرلمان بمجلسيه يوم الجمعة، ركّز على تطورات قضية الصحراء المغربية، خصوصاً في سياق الاعترافات الدولية المتزايدة بسيادة المغرب على الصحراء. وفيه، أشار الملك بشكل مباشر إلى المواقف الأخيرة لفرنسا وإسبانيا، معتبرًا أن اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء يعكس فهماً عميقاً لحقيقة النزاع، وأن موقف إسبانيا يحمل أبعاداً سياسية وتاريخية بالغة الأهمية.
التأكيد على نهج المبادرة والاستباقية
منذ توليه العرش، أصر الملك على ضرورة الانتقال في معالجة قضية الصحراء من مجرد رد الفعل إلى مرحلة المبادرة والحزم، مشيرًا إلى أن المغرب استثمر كل وسائله الممكنة للتعريف بعدالة قضيته على الساحة الدولية.
هذا التحول في السياسة المغربية أثمر بعد سنوات من العمل الدؤوب، حيث أصبح المغرب يعتمد أكثر على التحرك الاستباقي والمبادرة بدلاً من الانتظار أو التفاعل مع الأحداث فقط.
الدلالات السياسية للاعتراف الفرنسي
في تحليله لأهمية الاعتراف الفرنسي الأخير بسيادة المغرب على الصحراء، أوضح الملك أن هذا الاعتراف يمثل نصراً للحق والشرعية. ففرنسا، كدولة مؤثرة في مجلس الأمن، تعرف جيداً خلفيات الصراع الدائر، ويعكس موقفها دعماً واضحاً لجهود المغرب وللحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام.
السؤال الذي يطرح هنا هو: كيف سيؤثر هذا الاعتراف على مسار المفاوضات الدولية؟ وهل يمكن أن يشكل ضغطاً على باقي القوى العظمى للاعتراف بمغربية الصحراء؟
إسبانيا والموقف التاريخي
كما سلط الملك الضوء على موقف إسبانيا، التي لطالما كانت على دراية تامة بتفاصيل وخبايا قضية الصحراء. هذا الموقف الإسباني يحمل دلالات تاريخية عميقة بالنظر للعلاقات المعقدة بين المغرب وإسبانيا، وللتاريخ الاستعماري في المنطقة.
هنا يبرز تساؤل: ما هي أبعاد هذا الموقف الإسباني في ظل التغيرات السياسية الداخلية والخارجية؟ وهل يحمل هذا الدعم استمرارية على المدى الطويل؟
الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي
أشار الملك إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تحظى بدعم واسع من دول مختلفة، منها الولايات المتحدة وفرنسا، إلى جانب الدول العربية والإفريقية التي دعمت الوحدة الترابية للمغرب بوضوح. ومن اللافت أن العديد من هذه الدول فتحت قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة، ما يعكس دعمها السياسي والاقتصادي.
وهنا يمكن طرح سؤال مهم: كيف يمكن للمغرب الاستفادة من هذا الدعم السياسي لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء؟
الصحراء كجسر تواصل مع إفريقيا
أكد الملك أن الصحراء ليست فقط محورًا للصراع الدولي، بل هي أيضًا جسر تواصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، في إشارة لمشاريع استراتيجية مثل أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا. هذه المشاريع تعزز موقع الصحراء كجزء من مبادرات قارية واستراتيجية للمغرب.
فكيف يمكن لهذه المشاريع أن تساهم في تعزيز مكانة المغرب في إفريقيا وتعميق علاقاته الاقتصادية والسياسية في القارة؟
ختاماً
الخطاب الملكي كان واضحًا في رسم مسار جديد لقضية الصحراء، يعتمد على الاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء وتعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية.
ومع ذلك، تبقى العديد من الأسئلة المهمة حول تأثير هذه التحولات على المستوى الإقليمي والدولي، ومدى قدرة المغرب على مواصلة حشد الدعم الدولي لقضيته.