الداخلية الفرنسية تتابع زينب الغزوي بتهمة “الدعاية للإرهاب”: ازدواجية المعايير أم تطبيق القانون؟

0
289

لماذا لا يُعامل العرب والمسلمون بالمثل؟ قضية زينب الغزوي والازدواجية في المعايير

تتصاعد في فرنسا موجة جديدة من الجدل السياسي والإعلامي، بعد إعلان وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو اتخاذ إجراءات قانونية ضد الصحفية والناشطة الفرنسية-المغربية زينب الغزوي، بسبب تصريحاتها التي وصفتها الحكومة بأنها “دعاية للإرهاب.”

تغريدة وزير الداخلية الفرنسي:”لقد أرسلت اليوم إلى السيدة المدعية العامة للجمهورية في باريس بلاغًا بشأن جريمة تمجيد الإرهاب المتعلقة بتصريحات السيدة زينب الغزوي التي أدلت بها خلال مقابلة مع صحيفة ‘نوفيل أوب’ والتي نُشرت في 4 أكتوبر الماضي.”

أعلن برونو ريتايلو، اليوم الثلاثاء 15 أكتوبر، أنه قدم شكوى إلى المدعية العامة في باريس، لور بيكو، بشأن أعمال “الدعاية للإرهاب” التي تستهدف الصحفية السابقة في شارلي إبدو. قال في حسابه على منصة X: “لقد أرسلت اليوم إلى مديرة النيابة العامة في باريس إبلاغًا بخصوص جريمة الدعاية للإرهاب المتعلقة بتصريحات السيدة زينب الغزوي التي أدلت بها خلال مقابلة مع صحيفة نوفيل أوب التي نُشرت في 4 أكتوبر.”

برونو ريتايلو يشير إلى مقابلة الصحفية مع نوفيل أوب، النسخة الفرنسية من الصحيفة التركية المحافظة يني شفق، حيث تقارن فيها إسرائيل بمنظمة إرهابية وترفض إدانة الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. “لا أُدين 7 أكتوبر”، أكدت ذلك في صفوف الصحيفة. وأوضحت قائلة: “إسرائيل هي داعش الناجحة.”

“لا يوجد مدنيون في إسرائيل، إذ إن الجميع يقوم بالخدمة العسكرية ويأتي لاستعمار أرض لا تعود له.”

تأتي هذه التهمة نتيجة موقف الغزوي المعلن عن تأييدها للفلسطينيين ووصفها لإسرائيل بأنها “دولة إرهابية” في مقابلة أجرتها مع صحيفة “نوفيل أوب” (Nouvelle Aube) في 4 أكتوبر الجاري.

ازدواجية في التعامل مع المواقف السياسية

ما يثير التساؤلات هنا هو كيفية تعامل فرنسا، وأوروبا بشكل عام، مع التصريحات والمواقف السياسية. لماذا يتم التعامل مع المواقف المؤيدة لفلسطين أو المنتقدة لإسرائيل بحدة، بينما تتغاضى الحكومات الغربية عن مواقف مشابهة تصدر لصالح إسرائيل أو ضد المسلمين والعرب؟ على سبيل المثال، هل كان سيتم متابعة زينب الغزوي بنفس الشدة إذا كانت قد دافعت عن السياسات الإسرائيلية بنفس الحدة؟

هذا السؤال يعيدنا إلى تاريخ طويل من التمييز والازدواجية في المعايير التي تمارسها الحكومات الغربية تجاه قضايا العرب والمسلمين. عندما يتعلق الأمر بالتأييد لإسرائيل، يبدو أن هناك مساحة أكبر للتعبير عن الرأي دون عواقب قانونية تذكر، بينما يتم التعامل مع المواقف المؤيدة للفلسطينيين بشكل مختلف تماماً.

تهمة “الدعاية للإرهاب” والحرية الإعلامية

وصف زينب الغزوي لإسرائيل بأنها “داعش ناجحة” وإشارتها إلى أن “لا يوجد مدنيون في إسرائيل” هي تصريحات تستحق التحليل العميق. هل يمكن اعتبار هذه التصريحات مجرد رأي شخصي ضمن حرية التعبير، أم أنها تندرج تحت تهمة “الدعاية للإرهاب” كما تزعم الداخلية الفرنسية؟

هنا يكمن التناقض الواضح. في فرنسا، التي تعتبر نفسها مدافعاً قوياً عن حرية التعبير، كيف يتم تصنيف انتقاد دولة معينة على أنه تحريض على الإرهاب؟ هل أصبحت حرية التعبير انتقائية لدرجة أن بعض المواقف السياسية تعتبر جريمة، بينما الأخرى تُحترم تحت مظلة “الحرية الفردية”؟

إسرائيل ودورها في النقاشات الغربية

لا يمكن تجاهل الخلفية السياسية والدبلوماسية التي تؤثر في هذه المواقف. إسرائيل تتمتع بدعم واسع من الحكومات الغربية، وفرنسا ليست استثناءً. هذا الدعم قد يفسر جزئياً لماذا يتم التعامل بحساسية مفرطة مع أي انتقادات توجه لإسرائيل، حتى عندما تأتي من شخصية إعلامية أو ناشطة سياسية.

من الجدير بالإشارة أن تصريحات الغزوي حول الفلسطينيين، الذين وصفتهم بأنهم “فريسة للاحتلال الإسرائيلي” وأنهم “يعيشون في معسكر اعتقال يسمى غزة”، لم تحظ بنفس الاهتمام الإعلامي أو القانوني. لماذا؟ هل لأن الفلسطينيين، في وجهة نظر بعض الدول الغربية، ليسوا طرفاً يستحق الدفاع عنه بنفس القدر؟

ازدواجية المعايير في مكافحة الإرهاب

تعتبر تهمة “الدعاية للإرهاب” من أكثر التهم إثارة للجدل، خاصة عندما يتم توجيهها ضد ناشطين أو إعلاميين. في حالة زينب الغزوي، يتضح أن هناك ازدواجية في تحديد ما يمكن اعتباره إرهاباً. فبينما تدافع إسرائيل عن نفسها ضد تهم الإرهاب، يتم في بعض الأحيان تجاهل الأفعال الإسرائيلية التي تؤدي إلى معاناة الفلسطينيين.

السؤال المحوري هنا هو: هل بات مصطلح “الإرهاب” يُستخدم كأداة سياسية لتبرير قمع الآراء المعارضة؟ وما الذي يجعل وصف دولة مثل إسرائيل بـ”الإرهابية” جريمة في حين يتم تمرير سياسات القمع والقتل بحق المدنيين الفلسطينيين دون أي تبعات؟

  1. السياق القانوني:

    • تُظهر هذه التصريحات كيف أن الحرية في التعبير قد تُواجه بتحديات قانونية في السياقات السياسية الحساسة، خاصة عندما تتعلق بموضوعات مثل الإرهاب والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

  2. تأثير تصريحات الغزوي:

    • تُعد تصريحات زينب الغزوي مثيرة للجدل، حيث تروج لوجهة نظر تعتبر إسرائيل دولة إرهابية. هذا الموقف قد يعكس وجود وجهات نظر متباينة حول الصراع، مما يؤدي إلى تصعيد النقاشات حول الحقوق والحريات.

  3. دور وسائل الإعلام:

    • تشير الحادثة إلى الدور الحيوي الذي تلعبه وسائل الإعلام في تشكيل الآراء العامة. مع إشارة ريتايلو إلى صحيفة نوفيل أوب، يمكن ملاحظة تأثير الإعلام على فهم القضايا المعقدة مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

  4. حرية التعبير في خطر:

    • هذه الحالة تطرح تساؤلات حول الحدود المفروضة على حرية التعبير في الغرب. إذ تُظهر كيف يمكن للآراء، حتى إن كانت تتعلق بقضايا إنسانية، أن تؤدي إلى عواقب قانونية.

  5. تحليل اليمين الفرنسي:

    • يُعتبر موقف برونو ريتايلو، الذي ينتمي إلى تيار يميني، جزءًا من استجابة أوسع للأحزاب السياسية في فرنسا تجاه التصريحات التي تُعتبر غير مقبولة أو متطرفة. هذا يسهم في فهم الكيفية التي يتم بها توجيه النقاشات حول الهوية الوطنية والسياسات المتعلقة بالهجرة والإسلام.

الخلاصة:

تمثل هذه القضية تجسيدًا للتوتر بين حرية التعبير والرقابة الحكومية، وتسليط الضوء على كيفية تأثير السياسة على الإعلام، خصوصًا في الأوقات التي تتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية.