هددت الجزائر، اليوم الأربعاء، إسبانيا بفسخ العقد المبرم بينهما لتصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا إذا ما أعادت الدولة الأوروبية تصدير أي شحنة من هذا الغاز إلى طرف ثالث، في إشارة إلى المغرب، وذلك في خضم توترات دبلوماسية بين الدول الثلاث حول الصحراء .
وقالت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية في بيان إن “أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وُجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستُعتبر إخلالاً بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان”.
وفي بيانها أوضحت الوزارة الجزائرية أنّ “وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب تلقّى اليوم بريداً إلكترونياً من نظيرته الإسبانية تيريزا ريبيرا تبلغه فيه بقرار إسبانيا القاضي بترخيص التدفّق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي. وحسب الوزيرة الإسبانية فإنّ الشروع في هذه العملية سيتمّ اليوم أو غداً”.
وكان قسم من الغاز الجزائري يصدر إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز المغاربي (جي إم إي) الذي يمرّ عبر المغرب، لكنّ الجزائر أغلقت صنبور هذا الخط في تشرين الأول/أكتوبر بعدما قطعت في آب/أغسطس علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب. وأدى إغلاق الجزائر لهذا الصنبور إلى حرمان الرباط من الغاز الجزائري، في وقت يؤكّد فيه خبراء أنّ رسوم المرور التي كان يجبيها المغرب من الجزائر على شكل كميّات من الغاز بأسعار تفضيلية كانت تؤمّن له 97% من احتياجاته من هذه المادة الحيوية.
كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمر في 31 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، بعدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز (المغاربي -الأوروبي) الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مرورا بالمغرب، بعد أكثر من شهر من قرار الجزائر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط للسبب ذاته.
ويوم السبت المنصرم، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، إنه “يطمئن الشعب الإسباني، فالجزائر لن تتخلى عن تعهداتها بخصوص تزويد إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف”.
وكان المغرب طلب في يناير الماضي، استيراد الغاز المسال عبر إسبانيا، ونقله إلى المغرب من خلال خط الأنبوب المغاربي، فيما أكدت الحكومة الإسبانية موافقتها على طلب المغرب في فبراير الماضي.
وقبل وقف تشغيل الأنبوب المغاربي، كانت الرباط تحصل سنوياً على نحو مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بثمن تفضيلي، وهو ما يمثل أكثر بين 60 و80% من احتياجات البلاد، وفق وكالة “بلومبرغ”، إضافة إلى تعويضات مالية قدرت بنحو 50 مليون دولار في 2020.
وقالت وزارة التحول البيئي الإسبانية في بيان إلى “بلومبرغ”، إن “المغرب طلب المساعدة في ضمان أمن الطاقة بناءً على العلاقات التجارية، وإسبانيا استجابت للطلب بشكل إيجابي”.
وجاء في البيان أن “المغرب سيتمكن من الحصول على الغاز الطبيعي المُسال في الأسواق الدولية وتفريغه في مصانع لإعادة تحويله إلى غاز في إسبانيا، واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي لإرساله إلى أراضيه”.
ويأتي ذلك على خلفية تصاعد حدة التوتر بين الجزائر وإسبانيا في أعقاب إعلان مدريد في 18 مارس/اذار دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، معتبرة إياها حاليا “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”. واستنكرت الجزائر “تحوّل” موقف مدريد واستدعت في اليوم التالي سفيرها في إسبانيا.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقابلة مع وسائل إعلام الأسبوع الماضي، إن موقف إسبانيا بخصوص الصحراء المغربية “غير مقبول أخلاقياً وتاريخياً”، وبيّن أن “المطلوب من إسبانيا مراجعة نفسها وتطبيق القانون الدولي في قضية الصحراء”، وشدد على أن بلاده “لن تتخلى عن التزامها بتموين إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف”.
ورد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، على تصريحات الرئيس الجزائري خلال مقابلة مع إذاعة “أوندا ثيرو” الإسبانية، قائلاً إنه “لا يريد تأجيج جدال عقيم مع الجزائر”، مضيفاً أن “إسبانيا اتخذت قراراً سيادياً في إطار الشرعية الدولية، وليس هناك أمر نضيفه”.
وأكد وزير الخارجية الإسباني أن الأهم في تصريحات تبون، هو “ما كنا نقوله منذ أسابيع، وهو الضمان الكامل لتوريد الغاز الجزائري إلى إسبانيا، والاحترام الدقيق للعقود الدولية التي أبرمتها شركاتنا مع الحكومة الجزائرية”.
المغرب وإسبانيا يستعدان لتشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود البحرية