بعد الشد والجذب ، بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم و البوسني وحيد خليلوزيتش والضغط الكبير من الشارع المغربي ، أفضى في النهاية إلى (طلاق اتفاقي)، قبل أسابيع معدودات من منافسة بحجم كأس العالم ، تبقى مغامرة كبيرة “فالوقت لا يرحم ” والإعداد لاستحقاق عالمي مثل المونديال يتطلب الهدوء، والرزانة، والانسجام داخل النخبة الوطنية، إقالة البوسني خليلوزيتش شراً لا بد منه خاصة عدم الرضى عن الطريقة التي يعمل بها، واتخاذه لقرارات صادمة في حق لاعبين نجوم يلعبون في أعتى الأندية الأوربية .
وأمام هذه المعطيات يحمل المدرب الجديد الركركي للمنتخب المغربي عبئا ثقيلا و مسؤولية كبيرة على عاتقه، لا سيما أن تعيينه يأتي قبل أسابيع قليلة من المونديال . ويأمل الجمهور الرياضي أن يتمكن من توحيد صفوف الأسود وتعزيز تماسك الفريق وطي صفحة الخلافات بداخله.
فتعيين الركراكي مدرباً أملته عدة دوافع أساسية ؛ أولها ضغط الشارع الرياضي ورغبة المغاربة في استبدال المدير الفني خاليلوزيش بمدير فني مغربي بالنظر لسوء العلاقة مع الجماهير، ومع اللاعبين وحتى مع مسؤولي إتحاد الكرة “.
وليد الركراكي المدرب رقم 34 في تاريخ المنتخب الأول في 63 سنة
ثانيها حالة التوتر التي طبعت علاقة المدير الفني وحيد مع رئيس إتحاد الكرة حول مجموعة من الاختيارات الفنية المتعلقة باللاعبين الممنوعين من عفو وحيد، خاصة زياش و حمد الله، ومزراوي .
أما النقطة الهامة التي قربت الركراكي، هي النتائج التي حصل عليها وليد الركراكي في تجربته الأخيرة مع الوداد الرياضي حيث حقق لقب بطولة الدوري المحلي وبطولة كأس رابطة الأبطال الإفريقية، وتأهل لنهائي كأس السوبر الإفريقي .
كما أن تكوين الركراكي الفرنسي، ليكون امتداداً لوحيد، المؤمن بالمدرسة الفرنسية . وكذا معطى عامل سن الركراكي الذي زال شابا ، وباستطاعته تذويب كل الخلافات ، وخلق جسور الفريق المتماسك الأمر الذي سيخلق تفاهما وتجاوبا مع كل العناصر الوطنية .
أما النقطة الأخيرة، فهي رغبة اتحاد الكرة في استنساخ نموذج مغربي يحاكي المدير الفني السينغالي اليو سيسيه مدرب المنتخب السنغالي أي بنفس المواصفات؛ احتراف في فرنسا وتجربة في المنتخب .
رأب الصدع داخل المنتخب .
يعقد المغاربة آمالاً كبيرة على المدرب الجديد ( الذي تم تقديمه للإعلام اليوم الأربعاء) ، وعلى رأسها تحقيق الانسجام داخل صفوف المنتخب .
فأول شيء وجب القيام به عند تقديم الركراكي من طرف إتحاد الكرة “هو توضيح خارطة الطريق مع الجماهير المغربية، وكذلك تلطيف الأجواء داخل بيت المنتخب لإعطاء روح ودينامية جديدة بالنسبة للاعبين، حتى يكون هناك تحرر أكثر على مستوى الملعب وخارج الملعب”.
وليد الركراكي يرفض الانتقادات …!
كان من المفترض أن يتولى إتحاد الكرة ضبط مشروع رياضي وأهداف على مدى سنوات فأي مدرب لا يحمل عصا سحرية ، لانتكلم هنا على الإمكانيات اللوجستيكية التي يتم رصدها، لكن إتحاد الكرة تعاقد مع مدرب وطني نجح كمدرب لعدة أندية ، لكن تعوزه خبرة تدريب المنتخب، فهو أمام تحديات كبيرة ، و انتقادات الشارع الرياضي التي لن يسلم منها في أي كبوة ، والتسلح بالصبروالجلد والاجتهاد أمور لا مفر منها ،خاصة وأن من شاهد مباريات المنتخب الأخيرة يتضح له انعدام الشخصية لدى الفريق وغياب فلسلفة لعب واضحة… حتى الركراكي عبّر بعد فوزه بثلاثية تاريخية مع الوداد عن عدم قبوله للانتقادات بشأن الأداء، مؤكدا أن الكرة الحديثة تعتمد بالأساس على النجاعة والنتيجة”…وهنا سيقع الاصطدام مع الجماهير ، لأن الشعب المغربي يتنفس الكرة، وكلهم مدربون وفقهاء في الكرة … ويرغبون في رؤية منتخب له منهجيته وفلسفته حتى يستعيد ذاكرة كأس العالم 1986 !
*زياش ليست النقطة الوحيدة التي أفاضت الكأس
الملاحظة الأساسية أن مستودع المنتخب الوطني لاتلمس فيه السعادة الضرورية لاستكمال عقدة الهدف، اللاعبون والجمهور لم يتقبلوا أن لاعبين حملوا القميص الوطني لفترة تتراوح ما بين 6 و7 سنوات أصبحوا مبعدين وممنوعين من تمثيل المنتخب ، وخارج مفكرة المدرب .
ثانيا، كان هناك نوع من اللامبالاة عندما يتعلق الأمر بتفضيل اللاعبين ارتباطهم بالمغرب وحمل القميص الوطني والذوذ عليه ، وهو ما كان سيحفزهم لإعطاء أفضل ما لديهم، وهنا يكمن الدور الرئيسي للمدرب هذا الوضع ولد نوعا من الإحباط”، وبالتالي ففي هذه الفترة المستعصية ، ينبغي على الركراكي أن يكون حكيما ويترجم حصيلة خبرته حينما كان لاعبا ، أو حينما أصبح مدربا ، بتقريب وجهات النظر ، ورأب الصدع ، وتلطيف الأجواء خاصة وأن الانتفاضة الأخيرة للاعبين مؤثرين وعلى رأسهم عميد الفريق سايس ، والحارس بونو ، وحكيمي ، في وجه وحيد بعدما افتقد المنتخب فلسفته في اللعب ، الأمر الذي أدى لهزيمة ثقيلة أمام أمريكا وفوز صعب أمام جنوب إفريقيا في إقصائيات كأس إفريقيا للأمم .
المشاكل التي ستقف في وجه الركراكي متعددة ومتنوعة لإعادة العناصر التي تم إقصاؤها جراء ( عنترية) وحيد ، أولاها ان هذه العناصر باتت خارج أضواء المنافسة مع أنديتها .
فزياش في وضعية صعبة ، جراء عدم الاعتماد عليه من طرف مدرب تشيلسي ، وعليه التعاقد مع فريق حتى يتمكن من المشاركة في كأس العالم ، ويكسب رسميته ، وإلا فإنه سيجد نفسه خارج حسابات المدرب ، وهو الأمر الذي سيدخل الركراكي في دوامة لن يخرج منها .
نفس الوضعية يعيشها جملة من اللاعبين وعلى رأسهم مزراوي الذي يلعب للبايرن ميونيخ ، وهو الآخر يعاني من كسب رسميته مع الفريق البلفاري( لم يلعب سوى 30 دقيقة) ، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة الاختيارات للجهاز الفني المغربي .
فكما قيل في المثل العربي أن الناجح يعمل والخاسر يأمل، دعونا نتجاوز الأمل الزائف إلى العمل المستمر الدائم.