“الرياضة المدرسية المغربية: اختلالات هيكلية ومالية تعكس فشل المنظومة الوطنية وتفاقم الأزمات” ومطالب بالتحقيق

0
90

تُعَد الرياضة المدرسية من أهم القطاعات التي يُفترض أن تسهم في تكوين جيل جديد من الرياضيين وتعزيز قيم الانضباط والتنافسية لدى التلاميذ. لكن الواقع يكشف عكس ذلك، حيث تواجه الرياضة المدرسية في المغرب أزمات متفاقمة تُظهر فشلًا واضحًا في التدبير، بحسب الجامعة الوطنية للتعليم (FNE)، التي وجهت رسالة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، تطالب فيها بفتح تحقيق عاجل في اختلالات مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية والجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية.

اختلالات هيكلية ومالية: إلى أين تذهب الأموال؟

رصدت النقابة خروقات متعددة في إدارة الرياضة المدرسية، أبرزها:

  1. إهدار الزمن المدرسي:
    يتم برمجة أكثر من 50 نشاطًا رياضيًا سنويًا، تتطلب 20 بطولة وطنية على الأقل، تمتد كل واحدة منها لثلاثة أيام خارج العطل المدرسية. هذا الإجراء يُرهق التلاميذ المشاركين، الذين غالبًا ما يحصلون على معدلات دراسية ضعيفة بسبب تغيّبهم عن الحصص الدراسية.

  2. غياب الشفافية المالية:
    رغم أن التلاميذ يشكّلون الممول الرئيسي للجامعة من خلال انخراطاتهم السنوية، فإن المصاريف المباشرة المتعلقة بهم ضئيلة جدًا مقارنة بالنفقات العامة للجامعة. السؤال الذي يطرح نفسه:

    • أين تُصرف هذه الأموال؟

    • ولماذا لا توجه لتحسين ظروف التلاميذ المشاركين؟

بطولات دولية دون نتائج: مهرجانات سياحية بدلًا من رياضة تنافسية

تشير الجامعة الوطنية للتعليم إلى أن البطولات الوطنية والدولية التي تنظمها الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية ومديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، أصبحت أشبه بمهرجانات سياحية. فالنتائج التي حققها المغرب في بطولات دولية، مثل تلك التي أُقيمت في الصين، مصر، كينيا، وصربيا، كانت مخيبة للآمال رغم الميزانيات الضخمة المصروفة.

ومن بين الاختلالات التي سُجلت:

  • اختيار الوفود بناءً على المحسوبية:

    يتم إقصاء الأساتذة المؤطرين الأكفاء الذين عملوا على تدريب التلاميذ واستبدالهم بمسؤولين لا علاقة لهم بالرياضة المدرسية، مما يُحوّل هذه البطولات إلى فرصة للاستجمام المجاني على حساب المال العام.

  • تغييب الكفاءات:

    غياب المرافقة التقنية اللازمة أثّر بشكل مباشر على أداء الفرق الوطنية، ما يُبرز غياب الرؤية المهنية.

إشكالية الهيكلة: تجاوز الصلاحيات والارتجال الإداري

اتهمت النقابة مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية بالتدخل في اختصاصات مديريات أخرى، مثل مراجعة مناهج وبرامج مادة التربية البدنية، التي تعد من صميم عمل مديرية المناهج.

  • سؤال جوهري:

    • هل تعمل هذه المديريات وفق رؤية تكاملية؟ أم أن هناك تضاربًا في المهام يضر بجودة التدبير؟

الرياضة المدرسية وفشل الرياضة الوطنية: ارتباط وثيق

غياب الإنجازات في الرياضة المدرسية انعكس بشكل مباشر على الرياضة الوطنية. لم تستطع البطولات المدرسية رفد الرياضة المدنية بالمواهب، مما يفسر الأداء المخيب للآمال في الألعاب الأولمبية الأخيرة.

  • لماذا لم تُنتج الرياضة المدرسية أبطالًا عالميين؟

  • هل يمكن تحميل المسؤولية للمديرية وحدها؟ أم أن الخلل يشمل بنية الرياضة الوطنية بشكل عام؟

دعوة للمساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة

طالبت النقابة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بما يلي:

  1. إيفاد لجان افتحاص إداري ومالي:

    للوقوف على أوجه القصور ومعرفة مصير الميزانيات المرصودة.

  2. محاسبة المسؤولين:

    ربط المسؤولية بالمحاسبة وفق مبادئ الدستور المغربي لضمان الشفافية.

أسئلة مفتوحة تحتاج إجابة

  • كيف يمكن إعادة هيكلة الرياضة المدرسية لضمان تحقيق أهدافها؟

  • هل يمكن أن يكون هناك توافق بين الجانب الأكاديمي والرياضي للطلاب؟

  • ما الدور الذي يجب أن تلعبه وزارة التربية الوطنية في الرقابة على هذه الاختلالات؟

الخاتمة: الحاجة إلى تغيير جذري

لا يمكن فصل أزمة الرياضة المدرسية عن واقع الرياضة الوطنية. فتح تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين خطوة أساسية، لكنها لن تكون كافية ما لم تتبعها إصلاحات جذرية تشمل التسيير المالي، وإعادة توزيع الأدوار، وضمان استفادة التلاميذ من الأنشطة الرياضية دون المساس بمستواهم الأكاديمي. الوقت قد حان لتحويل الرياضة المدرسية من عبء إلى فرصة حقيقية لتطوير الرياضة الوطنية.

خاتمة: ربط المسؤولية بالمحاسبة

يبدو أن التحدي الأساسي أمام وزارة التربية الوطنية هو إعادة هيكلة الرياضة المدرسية بما يضمن الشفافية، الكفاءة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. تحقيق ذلك يستدعي تحركاً عاجلاً لإرسال لجان افتحاص مالي وإداري للوقوف على مكامن الخلل وضمان عدم تكرار هذه الاختلالات التي تضر بصورة الرياضة المغربية ومستقبل المواهب الناشئة.