الزبونية والمحسوبية “باك صاحبي” في المغرب..قضية امتحان المحاماة تعود مجدداً في المغرب؟!

0
414

الزبونية والمحسوبية في المغرب وأثرهما في تغلغل الفساد الإداري والاجتماعي. ومخالفتهما للقوانين والأنظمة الصارمة التي تصدرها المملكة الشريفة للمحافظة على نزاهة وأخلاقيات العمل. والابتعاد عن كافة الممارسات التي يمكن أن تنشر الفساد بكل صوره وفي مختلف القطاعات والشركات. ومن هذه الممارسات الزبونية والمحسوبية والواسطة والمحاباة وغيرها.

“باك صاحبي” (والدك صديقي)، عبارة مغربية تختزل كل معاني المحسوبية والزبونية والاعتماد على نفوذ العائلة لتحقيق امتيازات، ما يعني تجاوز كل المعايير المرتبطة بالكفاءة والاستحقاق، واستحضار اسم العائلة لا غير.

الرباط – عادت قضية امتحان الأهلية لممارسة المحاماة، إلى واجهة الأحداث بعد الإعلان عن نتائج دورة 9 يوليوز، مع تجدد الاتهامات بالتلاعب بالنتائج والإقصاء والمحاباة.

قالت التنسيقية الوطنية لمرسبي امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، واللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، في بلاغ مشترك إن الدورة الجديدة التي أعلنت عنها الوزارة، لم تخل من اختلالات مشابهة لتلك التي صاحبة دورة 4 دجنبر 2022.

وأشار البلاغ إلى أن هذه الدورة أظهرت وللمرة الثانية تواليا، تخبط وزارة العدل وضربها العشوائي في طريقة إجراء هذا الامتحان بشكل متسارع وبنفس الشروط المجحفة، بل تجاوز الأمر ذلك إلى التستر وعدم الإفصاح عن اللجنة المشرفة على الامتحان، وتعمد حشو أسئلة خارجة عن التوصيف، فضلا عن الغش الذي كان مسموحا به بشكل واضح ومفضوح.

وأضاف البلاغ أن النتائج تم إعلانها بعد شهر وبشكل مفاجئ، وتضمنت على عكس تصريحات وزير العدل أكثر من 2600 ناجح دون الإعلان عن معايير النجاح، التي تحكمها كما العادة مزاجية وزير العدل والمحاصصة الحزبية والمهنية، في خرق سافر للقانون، والذي تؤكده للمرة الثانية لوائح المنجحين في الامتحان الجديد.

وأكد الموقعون على البلاغ على موقفهم الثابت تجاه فضيحة امتحان المحاماة دورة 04 دجنبر 2022، ورفضهم لمحاولات طمس وتجاوز الجريمة والفساد الذي شاب الامتحان المذكور بأي شكل من الأشكال، متأسفين حيال عدم احترام توصيات وسيط المملكة والمتعلقة بضمان شفافية الامتحان وعدم تكرار ما حدث، والالتزام بشروط اجراء الامتحان الجديد وما يضمن عدم التلاعب به، والذي كان شرطا أساسيا لقبول هذا الامتحان.

وجددت التنسيقيتان رفضهما لطريقة إجراء الامتحان، بدءا بطريقة التنقيط المعتمدة، وعدم نشر نموذج التصحيح المعتمد من طرف الوزارة مما يثير مجموعة من التساؤلات حول طبيعة الأجوبة الصحيحة وإمكانية التلاعب بها، وعدم وضع المنصة الالكترونية لتمكين الممتحنين من الاطلاع على أوراقهم.

وقال البلاغ إن الوزارة فرضت سياسة الأمر الواقع وأصرت على إعادة نفس الخروقات السابقة في امتحان 4 دجنبر 2022 في هذا الامتحان، ولكن بشكل جديد يهدف لإخفاء التلاعبات بهذه النتائج كحذف رقم البطاقة الوطنية من لائحة الناجحين، واعتماد منطق اللوائح الجاهزة والمحسوبية والزبونية في هذا الامتحان الجديد أيضا، وهو ما يتبدى بوضوح من خلال أسماء المنجحين التي تنحدر معظمها من أحزاب سياسية أو عائلات تنتمي لأسرة العدالة.

ونددت التنسيقيتان بالاقصاء الممنهج لوجوهها البارزة في هذا الملف لردع أي شكل من الأشكال الاحتجاجية المشروعة التي تهدف لفضح الفساد الذي شاب امتحان المحاماة لسنة 2022.

وأكد المحتجون أن من شأن هذا الإصرار على تجاهل مطالبهم وتكرار نفس الخروقات بطرق مختلفة ترمي إلى شرعنة الفساد وفرض سياسة الأمر الواقع وتوريث الوظائف والمهن التي تشرف عليها الوزارة، أن يخلق جوا من عدم الثقة والاطمئنان لدى أبناء المغرب.

– الزبونية هو عبارة عن نظام اجتماعي وسياسي يتمثل في وصف علاقات غير متكافئة بين مجموعات معينة من الفاعلين السياسيين. يقوم هذا النظام على المحسوبية بإن يتيح عميل من للعملاء والجهات الراعية. الحصول على استفادة ومنفعة من الدعم المتبادل كونه متوازياً على عدة مستويات الاجتماعية والسياسية والإدارية. وغالبا ما يُستخدم هذا المصطلح للدلالة على وجود فساد إداري وعرقلة مؤسسات الدولة.

– أما بالنسبة لمصطلح المحسوبية فيقصد به: تفضيل أشخاص معينين بسبب قرابتهم أو جود معرفة شخصية وليس لكفاءتهم. مثل قيام أحد المدراء بتوظيف أو ترقية أو إعطاء مكافأة لأحد أقاربه بسبب صلة القربى. على الرغم من وجود من هو أحق وأجدر بهذا التفضيل. كما أن المحسوبية يمكن أن تدل على وجود نظام سياسي جوهره علاقة لا تماثلية بين مجموعات معينة، من الفاعلين السياسيين الذي يطلق عليهم رعاة وعملاء وأحزاب سياسية.

في سنة 2015، كشفت المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية)، عن معطيات صادمة تكشف حضورا قويا لمنطق “باك صاحبي” في التوظيفات.

المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي العلمي، قال حينها إن دراسات المندوبية أظهرت أن “26% من التوظيفات لا تفسير لها لا من ناحية الكفاءة ولا الشواهد ولا الخبرة”، وأن “تفسيرها الوحيد هو الزبونية والمحسوبية، وتأثير العائلات النافذة”، وهي المعطيات التي علقت عليها الحكومة المغربية حينها بوصفها “غير دقيقة”.

خلال السنة الماضية، تداولت مجموعة من وسائل الإعلام المحلية في المغرب معطيات منسوبة إلى تقرير دولي يفيد بأن “63.1 % من المغاربة حصلوا على عمل عن طريق المحسوبية”.

“الزبونية والمحسوبية واستعمال العلاقات تدخل في إطار منظومة الفساد”، يقول المسؤول في منظمة “ترانسبارانسي” المغرب، عبد الصمد صدوق، موضحا أن “منظومة الفساد والرشوة هي منظومة شاملة حيث يتم تبادل المصالح بمختلف أشكالها”.

ويشدد المتحدث، في تصريحات إعلامية، على أن “الدولة ينخرها الفساد” مستدلا على قوله هذا بالرتبة التي يحتلها المغرب في مؤشر الشفافية العالمي (المركز 81 من بين 180 دولة حسب آخر تقرير).

وبخصوص الزبونية، يقول صدوق “نحن نلاحظها ويمكن أن نسأل الشباب المعطل الذي يجد صعوبات في الحصول على عمل، وسيقولون إن أغلبية المناصب يتم الحصول عليها عن طريق التدخلات والعلاقات”، مبرزا أن مسألة “استعمال العلاقات” أو “استعمال الهواتف لحل المشاكل، هو أمر واقع ما يزال حاضرا ومترسخا في المجتمع المغربي”.

ويضيف أن “الخلل في منظومة الحكامة”، ومن تجليات ذلك أن “القانون لا يطبق كما يجب”.

“النقص في الحكامة يؤدي بالناس إلى حلول موازية من قبيل تقديم رشوة أو استعمال العلاقات” يقول صدوق الذي يختم بتصريحه بالقول “هذا ليس كلاما نظريا بل هو الواقع المغربي الذي نعيشه ونراه يوميا” على حد تعبيره.

من جانبه يرى الخبير في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عبد العزيز الرماني، أن “هذا الكائن المسمى فسادا ومحسوبية وزبونية موجود ومازال يفرض قوته بشكل أخطبوطي ويهيمن على كثير من الآليات”.

ويتابع المتحدث، في تصريحات إعلامية، بالإشارة إلى أن “المحسوبية لا تحضر فقط في التوظيف، بل في مجالات أخرى، منها القضاء والتعليم والإدارة، إلى جانب مجال الصفقات العمومية”.

إذا كان حجم الفساد والزبونية والمحاباة “غير معروف” حسب الرماني، فإن أثره ظاهر على الاقتصاد الوطني، الذي يتكبد خسائر كبيرة نتيجة لتلك الممارسات.

“رغم النوايا الطيبة للبلاد من أجل محاربة الريع والمحسوبية والفساد لا زالت هذه الممارسات تُخسرنا الملايير”، يقول الرماني الذي يكشف عن أرقام صادمة في هذا الإطار.

ويردف قائلا “المحاباة والزبونية وباك صاحبي وخوك تنعرفو وانت جارنا والقبلية وغيرها من الممارسات من هذا القبيل ما دامت موجودة فهي تخسرنا سنويا مبلغا خطيرا يفوق 30 مليار درهم” .

وحسب المتحدث نفسه فإن “كل تأخر في محاربة الفساد بكل أنواعه (رشوة أو زبونية أو محسوبية…) يكبد المغرب خسارة ما يقرب من مليار ونصف سنتيم يوميا (نحو 15 مليون درهم)”.

.