الزلزال وآثار الإهمال: معاناة المتضررين وسؤال المحاسبة

0
180

تحديات الحياة في ظل الإهمال: الزلزال في المغرب وأزمة المرافق

أثار زلزال الحوز، الذي وصف بأنه الأقوى في تاريخ المغرب منذ قرن، موجة من المعاناة لم تشهدها البلاد من قبل. فالآلاف من الضحايا، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن، لا يزالون يعيشون في ظروف كارثية في المخيمات والملاجئ غير الرسمية، حيث يفتقرون إلى المرافق الأساسية مثل الماء والكهرباء والصرف الصحي.

مفارقة التدين والعيش في ظل الإهمال

كيف يمكن للنساء والأطفال، الذين يواجهون صعوبات في تأمين احتياجاتهم الأساسية، أداء شعائر الصلاة التي تفرض عليهم خمس مرات يومياً في ظل غياب مرافق الطهارة؟ هذا التساؤل يبرز حجم الأزمة التي يعيشها المتضررون من الزلزال، إذ يتعين على السكان ممارسة حياتهم اليومية في ظروف صعبة للغاية، تتناقض بشكل صارخ مع التزاماتهم الدينية.

المخاطر الصحية والتهديدات المتصاعدة

التقرير الصادر عن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر يشير إلى مخاطر صحية جادة تتعرض لها الفئات الأكثر ضعفاً في المخيمات. انتشار الأمراض الناجمة عن مصادر المياه غير المعالجة وسوء ممارسات النظافة يهدد حياة المتضررين، ويزيد من معاناتهم في ظل نقص الخدمات الطبية الأساسية.

الأطفال والحوامل، الذين يعتبرون الأكثر عرضة للخطر، يعانون من غياب الرعاية الصحية اللازمة، مما يزيد من حدة الأزمة.

المدارس المدمرة: ضياع مستقبل الأجيال

تأثير الزلزال امتد إلى التعليم أيضاً، حيث توقفت العديد من المدارس عن العمل، مما أثر بشكل مباشر على الأطفال، وخاصة الفتيات. الظروف التي يعودون إليها بعد الزلزال تكون في كثير من الأحيان صعبة للغاية، مما يعرضهم لمخاطر إضافية. هذا الوضع يطرح سؤالاً ملحاً حول كيفية ضمان تعليم آمن ومستدام للأطفال في ظل هذه الظروف الصعبة.

القصور في الاستجابة: تساؤلات حول فعالية جهود الإعمار

أكثر من عشرة أشهر بعد الزلزال، لا يزال الوضع في المناطق المتضررة متأثراً بشكل كبير. رغم إطلاق الحكومة المغربية “البرنامج الاستعجالي لمكافحة آثار البرد” و”برنامج تأهيل الغابات”، إلا أن العديد من الأسر ما زالت تعيش في الخيام ولا تزال جهود إزالة الأنقاض وبناء المنازل متعثرة. كيف يمكن تبرير هذا التأخير في مواجهة الأزمات في ظل وجود خطة طوارئ وإعادة إعمار بمليارات الدراهم؟

حاجة ملحة للتحقيق والمساءلة

الأزمات التي يعيشها المتضررون من الزلزال تدعو إلى فتح تحقيق شامل في فعالية جهود الإغاثة وإعادة الإعمار. ماذا عن الشفافية في إدارة الموارد المالية المخصصة؟ كيف يمكن ضمان عدم تكرار الإخفاقات؟ على السلطات المعنية، أن تتحمل مسؤولياتها وتفتح المجال للرقابة العامة والتدقيق في كيفية صرف الأموال والموارد، لضمان تقديم المساعدة الفعالة للمتضررين وتجنب المزيد من الإخفاقات.

الدعوة للمحاسبة: هل سيسمع صوت المواطن؟

لطالما كان المواطن المغربي يتطلع إلى الاستجابة الفعالة لأزماته، ولكن هل سيستمر في رؤية صوته غير مسموع؟ المعاناة المستمرة للمتضررين من الزلزال تطرح تساؤلات حول مدى اهتمام السلطات بمشاكل المواطنين، وتدعو إلى ضرورة المحاسبة والتأكد من تحقيق العدالة في تقديم المساعدات وإعادة الإعمار. إن استجابة السلطات لهذه الأزمات يجب أن تكون أكثر شفافية وكفاءة، وإلا فإن الإهمال سيستمر في تعميق معاناة المواطنين.

الوقت حان لفتح المجال لتحقيق شامل وواقعي، ولفحص مدى فعالية الجهود المبذولة. لا يمكن الاستمرار في تجاهل أصوات المنكوبين والتسويف في معالجة أزماتهم. المواطن المغربي يستحق أكثر من ذلك، ويجب أن يكون هناك محاسبة حقيقية وضمانات ملموسة لتحقيق الإصلاح والتغيير.