في ظل التغيرات المناخية التي تجتاح العالم، أصبحت إدارة الموارد المائية تحديًا استراتيجيًا للمغرب، الذي يعتمد بشكل كبير على الفلاحة كمحرك رئيسي للاقتصاد. ومع تساقط الأمطار الأخيرة التي أنعشت آمال الفلاحين، تبرز تساؤلات حول كيفية استغلال هذه الموارد المائية، ومن هو المستفيد الحقيقي من السدود المغربية؟
الأمطار تنعش الآمال.. ولكن هل تكفي؟
شهد المغرب خلال الأسابيع الماضية تساقطات مطرية مهمة، مما أدى إلى تحسن نسبي في مخزون السدود، حيث ارتفعت النسبة الإجمالية لملء السدود إلى 28.65%، مقارنة بـ 27.9% في الفترة نفسها من العام الماضي. ومع ذلك، لا تزال هذه النسب بعيدة عن تلبية الاحتياجات المتزايدة للمياه، خاصة في ظل التحديات المناخية والنمو الديموغرافي.
السؤال المطروح: هل يمكن اعتبار هذه التساقطات المطرية كافية لإنقاذ الموسم الفلاحي، أم أنها مجرد “قطرة في محيط” من الأزمة المائية التي يعانيها المغرب؟
تفاوت كبير في نسب ملء السدود
تشير المعطيات الرسمية إلى تفاوت كبير في نسب ملء السدود بين الأحواض المائية المغربية:
-
أحواض الشمال: سجلت أعلى النسب، مثل حوض زيز-كير-غريس (53.02%) وحوض اللكوس (44.92%).
-
أحواض الجنوب: تعاني من أزمة حادة، مثل حوض سوس ماسة (17.53%) وحوض أم الربيع (6.58%).
السؤال المطروح: لماذا تتركز الاستثمارات المائية في الشمال بينما تعاني المناطق الجنوبية من نقص حاد في المياه؟
الفلاحة التصديرية: نعمة أم نقمة؟
تُعتبر الفلاحة التصديرية أحد أبرز المستفيدين من السدود المغربية، حيث يتم تصدير منتجات مثل الطماطم والأفوكادو إلى الأسواق الأوروبية. ومع ذلك، يستهلك إنتاج هذه المحاصيل كميات هائلة من المياه:
-
الطماطم: يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد ما بين 25 إلى 30 لترًا من الماء.
-
الأفوكادو: يحتاج كيلوغرام واحد إلى 300 لتر من الماء.
السؤال المطروح: هل يستحق تصدير المياه عبر المنتجات الفلاحية الأرباح التي يجنيها المغرب، أم أن هذه السياسة تساهم في استنزاف الموارد المائية؟
من المستفيد الحقيقي؟
في حين أن الفلاحين الكبار والمصدرين هم الأكثر استفادة من السدود، تبقى الفلاحة التقليدية والمزارعون الصغار في وضعية هشة. فبينما يتم توجيه المياه لري المزارع التصديرية، تعاني المناطق الريفية من نقص في المياه الشروب والري.
السؤال المطروح: هل يتم توزيع المياه بشكل عادل بين الفلاحين الكبار والصغار، أم أن الأولوية تُعطى للمصالح الاقتصادية الكبرى؟
الحلول المقترحة: نحو إدارة مستدامة للمياه
لضمان استدامة الموارد المائية، يجب على المغرب اعتماد استراتيجيات متكاملة، تشمل:
-
تحلية مياه البحر: خاصة في المناطق الجنوبية التي تعاني من شح المياه.
-
إعادة تدوير المياه العادمة: لاستخدامها في الري الصناعي والفلاحي.
-
الربط المائي بين الأحواض: لتوزيع المياه بشكل عادل بين المناطق.
-
ترشيد استهلاك المياه: عبر تحسين تقنيات الري وتوعية المزارعين.