“السفير البصري: دعم هولندا للحكم الذاتي… خطوة نحو تحول استراتيجي في العلاقات المغربية الأوروبية؟”

0
135
صورة : موقع هيسبريس المغربي

شهدت العلاقات بين المغرب وهولندا تطورات مهمة في السنوات الأخيرة، تجسدت في التعاون الثقافي والاقتصادي، ودعم هولندا لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

في حوار مع “هسبريس”، أشار السفير المغربي لدى هولندا، محمد البصري، إلى هذه التطورات التي ساعدت في تجاوز مرحلة التوترات، مؤكدًا على أهمية احترام السيادة المتبادلة كقاعدة أساسية لتعزيز التعاون بين البلدين.

من “الأزمة الصامتة” إلى الانفراج الدبلوماسي

منذ توقيع خطة عمل مشتركة بين البلدين في يوليو 2021، انتقلت العلاقات المغربية الهولندية من فترة “الأزمة الصامتة” إلى مرحلة جديدة من التعاون المثمر.

وأوضح السفير البصري أن هذه العلاقات، كباقي العلاقات الدولية، تشهد أحيانًا تذبذبات، لكن الأسس القوية المبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كانت العامل الحاسم في تجاوز الأزمة.

في هذا السياق، يمكن طرح تساؤل حول مدى قدرة هذه المبادئ على الصمود في وجه التحديات السياسية المستجدة، خاصة مع ظهور ملفات مثل “حراك الريف”. تجربة الماضي تشير إلى أن الحفاظ على هذه المبادئ يتطلب جهوداً دبلوماسية مستمرة لمواجهة الضغوط الداخلية والخارجية.

موقف هولندا من قضية الصحراء المغربية: دعم للحكم الذاتي

يعد دعم هولندا لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الثنائية، حيث يعكس هذا الموقف رؤية واقعية تدعم السيادة المغربية كحل للنزاع المفتعل. هذه الخطوة تعزز من مكانة المغرب كشريك استراتيجي لأوروبا.

ومع ذلك، يطرح السؤال حول ما إذا كان هذا الموقف يمكن أن يشكل بداية لدعم أوروبي أوسع لهذا المقترح. في ظل التحديات الجيوسياسية التي تواجهها القارة الأوروبية، من الممكن أن تشهد العلاقات المغربية الأوروبية تقاربًا أكبر في هذا الملف، مما سيساهم في تعزيز الشراكات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين.

الثقافة: جسر لتعزيز العلاقات الثنائية

أشار السفير البصري إلى أن الثقافة تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الروابط بين المغرب وهولندا. تنظيم فعاليات مثل “مهرجان السفارات” ومعارض الفن المغربي يعكس مدى الاهتمام بتقريب الشعوب من خلال الأدوات الثقافية. وقد أثبتت الثقافة أنها من أكثر الأدوات فعالية في بناء العلاقات الدبلوماسية، خاصة في ظل تعقيدات السياسة.

الثقافة هنا لا تقتصر فقط على الجانب الفني، بل تمتد إلى التبادل الأكاديمي والتعاون في المجالات التعليمية، ما يعزز التفاهم المتبادل ويخلق فرصًا للتعاون على مستويات متعددة.

الجالية المغربية في هولندا: شريك للتنمية والاستقرار

رغم صعود التيارات اليمينية المتطرفة في هولندا، أكد السفير البصري أن الجالية المغربية تظل شريكًا مهمًا في تعزيز العلاقات الثنائية. إذ أن هذه الجالية المندمجة بشكل جيد في المجتمع الهولندي تلعب دورًا حيويًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وهنا يمكن التساؤل عن الدور الذي ستلعبه هذه الجالية في المستقبل، خاصة في ظل التحديات السياسية التي قد تواجهها. يبدو أن الجالية المغربية قادرة على مواصلة دعم العلاقات بين البلدين إذا حصلت على الدعم اللازم من كلا الحكومتين.

التعاون الاقتصادي: الطاقة والمياه في صدارة الملفات

تطرق السفير البصري إلى أهمية التعاون في مجالات الطاقة المتجددة وتدبير الموارد المائية بين المغرب وهولندا، في ظل التغيرات المناخية التي تؤثر على الأمن المائي والغذائي.

التعاون بين البلدين في مجالات الطاقات المتجددة، لا سيما الهيدروجين الأخضر، يعكس الالتزام المشترك بمواجهة التحديات البيئية العالمية.

من هنا، يمكن أن يتوسع التعاون ليشمل مجالات أخرى مثل الزراعة الذكية والابتكار التكنولوجي في مواجهة تحديات المناخ. هذه الشراكات الاقتصادية تُعد ركيزة أساسية لتعزيز العلاقات بين البلدين.

“قرار المحكمة الأوروبية: فرصة لإعادة رسم الشراكات المغربية الأوروبية – السيادة أولاً”

نهاية الأزمة وبداية جديدة

العلاقات المغربية الهولندية تعرف اليوم مرحلة جديدة من الانفراج والتعاون الفاعل. بفضل الحوار الدبلوماسي والثقافي، يبدو أن البلدين نجحا في تجاوز العديد من التحديات التي واجهتهما في الماضي. ومع ذلك، يظل السؤال الرئيسي حول مدى قدرة هذه العلاقات على الاستمرار في ظل التحولات السياسية التي تشهدها الساحة الأوروبية.

الخلاصة، المغرب وهولندا قد وضعا أسسًا متينة لتعاون مستدام يقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. هذا التعاون، سواء في المجالات الثقافية أو الاقتصادية، يفتح أفاقًا واسعة لمزيد من الشراكات في المستقبل.