السلطة والإعلام: تعاون أم صراع؟ اعتداء عون سلطة على طاقم هسبريس يثير دعوات لحماية الصحفيين

0
108

في سياق متصاعد من استهداف الصحفيين في المغرب، كما في العديد من دول العالم الثالث، يبرز تساؤل محوري: لماذا يتم استهداف الصحافة والإعلام؟ ولماذا تعتدي السلطات المحلية، التي من المفترض أن تحمي حرية التعبير، على صحفيين يؤدون عملهم بمهنية؟ هذا السؤال يزداد إلحاحاً بعد حادثة اعتداء عون سلطة في مدينة الفنيدق على طاقم هسبريس، وهو الاعتداء الذي تم توثيقه في مقطع فيديو نشره الموقع، حيث يظهر عون السلطة وهو ينتحل صفة شرطي ويعتدي على الصحفيين بشكل مباشر.




هذا الفيديو أثار موجة من الغضب والتساؤلات حول مستقبل حرية الصحافة في المغرب، وخاصة في مواجهة التصرفات غير المسؤولة من بعض أفراد السلطات المحلية.

الصحافة كعدو للفساد والتسلط

الاعتداءات على الصحفيين ليست حالة معزولة، بل هي جزء من نمط عام يشهده العالم الثالث، حيث يُنظر إلى الصحافة على أنها تهديد مباشر للسلطات المتورطة في الفساد أو التي تسعى لإخفاء إخفاقاتها. الصحفيون غالباً ما يكونون في الصف الأول لكشف المستور وتسليط الضوء على القضايا التي لا ترغب السلطات في إظهارها. وهذا يجعلهم عرضة للاستهداف سواء من خلال الاعتداء الجسدي أو المضايقات القضائية أو الحملات التشويهية.

“105 مليارات درهم وأزمة الواحات: تحقيقات مطلوبة في فساد التنمية ومواجهة الكوارث الطبيعية، فمن المستفيد؟”

إحدى الحوادث الأخيرة التي تعزز هذا التحليل هو ما حدث في الفنيدق، حيث تعرّض صحفيون من موقعي “العمق المغربي” و”هسبريس” للاعتداء من قبل مسؤولين في السلطة المحلية، رغم توفرهم على الوثائق والرخص اللازمة التي تخول لهم العمل الصحفي. هذا الهجوم على حرية الإعلام يمثل تحدياً حقيقياً ليس فقط للصحفيين، ولكن لحرية التعبير والمساءلة العامة في المغرب.

وهنا تُطرح الأسئلة: من المستفيد من قمع الصحافة؟ ولماذا يُسمح لعناصر السلطة المحلية بالاعتداء على الصحفيين بدون عواقب قانونية واضحة؟

التجييش ضد الإعلام: حماية الدولة أم تكميم الأفواه؟

في الوقت الذي تجند فيه وسائل الإعلام الوطنية لدعم جهود السلطات في حماية البلاد من التهديدات الخارجية والداخلية، مثل حملات التجييش لهجرة الشباب والقاصرين، نجد أن هذه الوسائل تتعرض للاعتداء من نفس السلطات التي تُفترض أنها تعمل بالتوازي معها. هذا التناقض الصارخ يثير تساؤلات حول نية بعض المسؤولين في تكميم الأفواه التي تفضح إخفاقاتهم أو تتحدى روايتهم الرسمية.

هل الاعتداء على الصحفيين في الفنيدق كان نتيجة لخوف السلطات من كشف حقائق معينة؟ وهل هذه الحوادث هي مجرد بداية لسلسلة من الاعتداءات التي تهدف إلى تقييد حرية الإعلام في مناطق أخرى من المغرب؟

السؤال هنا: كيف يمكن للإعلام أن يقوم بدوره الرقابي في ظل هذه الاعتداءات؟ وهل هناك أجندة حكومية أو محلية تسعى للتعتيم على الأزمات بدل مواجهتها بشفافية؟

دعوات للتعاون وضمان سلامة الصحفيين

رغم إدانة النقابة الوطنية للصحافة المغربية للاعتداءات على الصحفيين في الفنيدق، ودعواتها للسلطات بالتعاون الإيجابي مع الإعلاميين، إلا أن هناك حاجة ماسة لخطوات أكثر جدية لضمان سلامة الصحفيين. فالتصعيد الأخير يُظهر أن البيئة الصحفية في المغرب أصبحت محفوفة بالمخاطر، خاصة في ظل تغطية القضايا الحساسة مثل الهجرة غير الشرعية والأزمات البيئية.

النقابة دعت أيضاً الصحفيين إلى التحلي بالمسؤولية المهنية، وتجنب تصوير القاصرين أو استغلال الأوضاع الهشة في تغطياتهم. ولكن السؤال الأهم يظل: كيف يمكن للصحفيين أن يستمروا في عملهم وسط هذه الأجواء العدائية؟ وما هي التدابير التي يمكن أن تتخذها الحكومة لحماية حرية الإعلام وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث؟

نحو مستقبل صحفي حر وآمن

المطلوب الآن هو تحقيق قضائي شفاف في حادثة الفنيدق والاعتداءات التي تطال الصحفيين في مختلف مناطق المغرب. يجب على السلطات تحمل مسؤولياتها ليس فقط في حماية الصحفيين، بل في تعزيز دور الإعلام كسلطة رابعة تساهم في بناء مجتمع ديمقراطي شفاف.

في ظل تصاعد التحديات البيئية والسياسية، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتمكن الصحافة المغربية من الحفاظ على دورها الرقابي والتعبير الحر، أم أن الاعتداءات المتكررة ستؤدي إلى تراجع حرية التعبير وتكميم الأفواه؟