فرغم كل ما يقال عن الرياضة وروحها المحايدة، إلا أنها توظف سياسياً في بعض المراحل، خصوصاً حين تعامل انتصاراتها كبدائل لانتصارات سياسية، وبذلك تلعب دور العلاج المؤقت في عالم غير عالمها!
قبل ثلاثة سنوات طرح السوسي مدير نشر صحيفة “المغرب الآن” موضوع قضية الرياضة والشباب، تتمحور حول فصل الرياضة عن الشباب وذلك بإنشاء وزارة للرياضة وكاتب دولة في الرياضة أو العكس، المهم أن يكون هناك فصل تام بين القطاعين لخدمة الرياضة والشباب كأحد الحلول لمشاكل الشباب والرياضة في المغرب والتي تتفاقم بشكل كبير إلى درجة أنه أصبح من الصعب السيطرة عليها ووضع الحلول الناجعة لها ووزارة الشباب والرياضة لا تدري من أين تبدأ؟ وكيف تعمل؟ أيهما أولى بالحل مشاكل الرياضة أم مشاكل الشباب؟.
لو نظرنا إلى تجارب بعض البلدان التي فصلت الرياضة عن الشباب، سنجد أنها نجحت إلى حد كبير في الارتقاء بالرياضة كون الجهد تركز على الرياضة وكيفية تطويرها، فعندما نجمع الرياضة والشباب في وزارة واحدة تزيد الأعباء، لأن الوزارة تحمل هموم الشباب والرياضة، وكل له مشاكله والتزاماته، أضف إلى ذلك أننا في المغرب إمكانياتنا وبنيتنا التحتية الرياضية ضعيفة جداً وهذا يحتم علينا ضرورة فصل القطاعين.
مازال الوضع كما هو ومازالت الوزارة كما قالت جدتي هي وزارة للشباب والرياضة واضافوا لها الثقافة وكل من يأتي إليها يخاف من عملية الفصل كما أن البعض منهم يبقي الوضع كما هو عليه من باب حب المسؤولية وجمع كل الخيوط والأطراف في يده وهو لا يدري أنه بذلك يسير في طريق استمرار الفشل، فهل سيأتي الوزير أو المسؤول الشجاع الذي يعمل على فصل قطاع الرياضة عن قطاع الشباب؟.
غير أن جمال السوسي، رئيس المنظمة الوطنية للنهوض بالرياضة وخدمة الأبطال الرياضيين، كإعلامي ومتتبع لقطاعي الشباب والرياضة في بلادنا يسمع عن مجموعة من الاختلالات في قطاع مضطرب لا يسير سيره العادي الشيء الذي يشكل قاصمة الظهر لمجال قلنا عن أنه حيوي وذو أهمية فقد أفادتنا الأخبار مؤخراً أن هذه الاختلالات تجلت في كون ميزانية ضخمة ترصد للجامعات الرياضية من غير أن تحقق النتائج المرجوة من أنشطة هذه الجامعات ، بمعنى أن هناك أموالا عمومية تهذر ووقتٌ يضيع وطاقات بشرية تتلاشى بسبب سوء التدبير وعدم انتظام الأمور في مجال الشباب والرياضة.
فإدا نحن تساءلنا عن أسباب هذه الاختلالات وسوء التدبير المشار إليه فإنه لا مفرّ من أن نسمي الأمور بمسمياتها هنا في هذا الصدد وأن نُحَمّل المسؤولية الكاملة في ذلك للوزارة المشرفة على قطاع الشباب والرياضة والوصية عليهما.
ولا بأس من إثارة الانتباه في هذا الصدد إلى أن ما يعانيه قطاع الرياضة من تفكك واضطراب وفقر قد تبيّن بكيفية جلية منذ أربع سنوات بمناسبة الألعاب الأولمبياد بالبرازيلي وقبل شهر في طوكيو تلكم الألعاب التي رجعت منها الفرق المغربية المشاركة بخفي حنين رغم الطواقم الرياضية التي سافرت للبرازيل وإلى طوكيو باليابان على نفقة الوزارة من المال العام، ومع ذلك ورغم هذه النتائج الهزيلة والمضحكة والمخجلة ومع هذا الإهدار بقية الوزارة على ما هي عليه من التخللخل والفقر الإداري ولم يتم محاسبة المسؤولين في مديرية الرياضة عن هذا الحدثين المؤسفين وغيرهما من الأمور المؤسفة بل إننا نشاهد أن المساهمين في هذا الإخفاق قد تم إعفائهم بطلب مهم تهربا من كل مسائلة من طرفهم ثم تم إلحاقهم بجامعات ملكية كانوا هم وراء إنشائها ليشغلوا بها مناصب مديرين إداريين حتى تصبح هذه الجامعات أدات طيعةٌ في أيديهم ويستفدوا من الامتيازات المخولة لهم بصفتهم مديرين إداريين داخل هذه الجامعات.
وبهذه الطريقة فعوض أن تتم مساءلة مسؤولين عن الإخفاق لمدة سنوات داخل الوزارة الوصية على قطاع الشباب والرياضة ، فإنه يتم تكريمهم بترقية لم يكونوا يحلمون بها، وبهذه الطريقة يُفلتون من المساءلة عن الخلل والإخفاق وتبدير المال العام وما إلى ذلك من هذه الأمور التي تجري داخل الوزارة الوصية والتي لا تخفى على أحد.
انطلاقاً من اختصاصات “المنظمة الوطنية للنهوض بالرياضة وخدمة الأبطال الرياضيين” ، نرى ضرورة فصل قطاع الشباب عن الرياضة بحث يصبح قطاعين اثنين مختلفين لكن هما متكاملان متعاونان، إذ أن الفصل بين القطاعين يضمن الفعالية والنجاعة ويحول دون الإخفاقات التي جاءت من سوء التسيير والتدبير من جهة ومن ضخامة القطاع الذي يقتضي أن تشرف عليه وزارتان اثنتان بذل وزارة واحدة ضخمة ترزح تحت ثقل المسؤولية ولا يستطيع كوادرها الإطلاع بالمهام في غالب الأحيان ، خاصة أن البعض منهم غير مؤهل علميا وثقافيا وإدارياً للإضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقه.
ومما لا شك فيه ان إحداث قطاع جديد ممثلا في ” وزارة خاصة بالرياضة ” أو “مجلس أعلى للرياضة” سيعمل كما قلنا على ضمان مزيد من الفعالية التي تخول تحقيق نتائج مرضية في هذا القطاع الذي هو في حالة احتضار !! .
أتمنى أن نعمل جميعاً من أجل الوصول إلى الرؤية الصحيحة لتطوير الرياضة في المملكة المغربية الشريفة وأيضاً الاهتمام بالشباب من خلال تقديم مشروع علمي يواكب التطورات الهائلة في الرياضة، فالعالم يعيش الآن ثورة رياضية ونحن مازلنا في أسفل السلم الرياضي ومازلنا نتخبط بين الرياضة والشباب وهل من الأفضل فصل الرياضة عن الشباب أم يبقيان في كيان واحد؟
ألم يحن الوقت لأن تنظر الدولة والحكومة إلى هذا القطاع الهام وتركز جهدها على انتشاله من الأوضاع المأساوية التي يعيشها الرياضيون والشباب وتعرف الحكومة أن هؤلاء يقعون تحت مسؤوليتها وأن اهتمامها بالشباب والرياضة من شأنه أن يسهم في تطور البلد وتقدمه، فالشباب هم مستقبل الوطن وعنوان تقدمه؟
أجدِّد الدعوة من هنا للمسؤولين في المملكة للجنة الألمبية المغربية ووزارة الشباب والرياضة وكذا الإعلاميين والمهتمين بالشأن الرياضي والشبابي، لطرح آرائهم ووجهة نظر كل منهم في هذه القضية لنصل في الأخير إلى رؤية سليمة تنطلق من الواقع وتلبي احتياجات وطموحات الرياضيين والشباب وتنطلق بالرياضة المغربية إلى مستقبل أفضل يليق بمكانة المملكة المغربية الشريفة محليا وقاريا وعربيا ودولياً.
الرياضي والسياسي
يمكن لرجل السياسة التصفيق للرياضي الذي يشجعه، وليس الرياضي هو الذي يصفق ويتحمس أمام منبر سياسي. والرياضيون دخلوا مضمار العمل السياسي وفشلوا فشلاً ذريعاًأو فقدوا وهجهم بسبب سجن أنفسهم بأنفسهم في المكاتب مثل العداء نوال المتوكل التي اختارت الانتساب إلى حزب التجمع الوطني للأحرار فعينيتها حكومة جطو السابقة وزيرةً للشباب والرياضة، لكن أداءها في أروقة الحكومة لم يكن مثل أدائه على الملاعب.