في ظل تصاعد موجات التهميش والإقصاء، يجد آلاف الشباب المغربي أنفسهم بين مطرقة البطالة وسندان الأمل المفقود، مما يدفعهم إلى البحث عن مخرج بأي وسيلة، حتى لو كانت الهجرة غير الشرعية.
ومع ازدياد عمليات الاعتقال والترحيل إلى مناطق نائية، يبرز السؤال الحارق: هل يمكن للسياسات الأمنية وحدها أن توقف نزيف أحلام الشباب المغربي؟ أم أن الحل يكمن في معالجة جذور الأزمة التي دفعتهم إلى الهروب؟ بين اليأس والطموح المجهض، تتجلى صورة قاتمة لواقع الشباب المغربي الذي يعاني في صمت، باحثًا عن فرصة لحياة أفضل.
“تغريدة المحامي والحقوقي محمد الغلوسي، رئيس جمعية حماية المال العام، تسلط الضوء على الفساد المستشري…”
الأزمة الخفية: ما وراء ترحيل آلاف الشباب نحو المناطق النائية
في الآونة الأخيرة، شهد المغرب تصاعدًا في عمليات ترحيل واعتقال آلاف الشباب المغاربة إلى مناطق نائية مثل الرشيدية وورزازات، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الوضع المتأزم.
تشير الأرقام إلى أن ما يقرب من عشرة آلاف شاب قد تم اعتقالهم بسبب محاولاتهم المتكررة للهجرة غير الشرعية إلى مدينة سبتة المحتلة، مما يثير القلق حول فعالية الحلول الأمنية التي تعتمدها السلطات المغربية لمواجهة هذه الظاهرة.
“شبكات سرية تحرك الشباب نحو الهجرة: السياج الحدودي بين الفنيدق وسبتة في مهب العاصفة”
الشباب المغربي: ضحايا الإقصاء والتهميش في وطنهم
إن هذا العدد الكبير من الشباب الذين يحاولون الهجرة جماعيًا ليس مجرد مؤشر على رغبة الأفراد في البحث عن حياة أفضل، بل هو انعكاس لأزمة أعمق في المجتمع المغربي.
في فيديو مؤثر، يظهر مئات الشباب والقاصرين من شمال المغرب يتدفقون نحو الهجرة، وكأنهم في زحف جماعي للوقوف على "عرفة" بحثًا عن مستقبل أفضل.
"مقطع الفيديو يعكس عمق المعاناة والأمل في حياة جديدة، وسط تحديات كبيرة تواجههم في رحلتهم هذه." pic.twitter.com/2Nbc5Coq41
— المغرب الآن Maghreb Alan (@maghrebalaan) September 16, 2024
هؤلاء الشباب هم نتاج مجتمع يشعر بالتهميش والإقصاء من الفرص الاقتصادية والاجتماعية. ومع وجود تقارير تفيد باستخدام تطبيقات مغلقة لتنظيم محاولات الهجرة، يطرح التساؤل حول من يقف خلف هذه التنظيمات وكيفية تمويلها، خاصة أن الشباب يعاني من الفقر والبطالة.
بكل أسى وحزن، نجد أنفسنا اليوم أمام واقع مؤلم يدمي القلوب، واقع يكشف عن جروح عميقة تعاني منها شرائح واسعة من مجتمعنا. كما غرد طارق أحد الناشطين على منصة X قائلاً: “من خلال احتكاكي اليومي بالطبقة المسحوقة وبصفتي من الشعب، أقسم بالله أنه في حال ما فُتحت الحدود لن يبقى فيها أحد، الصغير سيهرب قبل الكبير. هذا هو الواقع الذي نسف الصورة الجميلة التي يروج لها الإعلام والمطبلون.”
من خلال احتكاكي اليومي بالطبقة المسحوقة وبصفتي الن الشعب أقسم بالله انه في حال ما فُتحت الحدود لن يبقى فيها أحد ،اقسم بالله العظيم الذي لا اله سواه ان الصغير سيهرب قبل الكبير .
هذا هو الواقع الذي نسف الصورة الجميلة التي يروج لها الإعلام والمطبلون والذباب .
اللهم اصلح حال وطننا . pic.twitter.com/Gp2p1EbwUP— 🔻طارق🔻 (@TARIKO94238547) September 15, 2024
بكل أسف وألم، نواجه اليوم واقعاً مريراً يفضح عمق الأزمات التي تعيشها فئات كبيرة من مجتمعنا. كما غردت الصحفية والناشطة هجر الريسوني على منصة X قائلة: “طفل في عمره 10 سنوات يريد ‘يحرك’، لم يحاول بعد، لم يفشل بعد، لم يراكم تجارب، لم ينضج، مازال في مرحلة النمو.. بالنسبة لي هذا أكبر مؤشر على الأزمة. كيف لطفل يريد الهجرة والمغامرة بحياته، والهرب من بلده.. هذشي خطير وتتحمل مسؤوليته الدولة، الأسرة، والمجتمع، الإعلام، والمجتمع المدني.”
طفل في عمره 10 سنوات يريد "يحرك"، لم يحاول بعد ، لم يفشل بعد، لم يراكم تجارب، لم ينضج، مازال في مرحلة النمو..
بالنسبة لي هذا أكبر مؤشر على الازمة، كيف لطفل يريد الهجرة والمغامرة بحياته، والهرب من بلده..
هذشي خطير وتتحمل مسؤليته الدولة، الأسرة والمجتمع، الاعلام، المجتمع المدني— hajar raissouni 🇵🇸هاجر الريسوني (@hajarraissounu) September 15, 2024
وفقًا لتقري المجلس الاقتصادي الاجتماعي، فإن معدلات البطالة بين الشباب تتجاوز أربعة ملايين ونصف ، ومعظمهم من فئة “النيت”، الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتريضون ولا يتلقون تدريبًا. هذا الواقع الصعب يجعلهم يشعرون بأنه لا أمل في المستقبل، مما يدفعهم للبحث عن أي وسيلة للهروب، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية.
“اللامبالاة بين الشباب المعتقلين: قراءة في أسباب التصعيد واحتمالات العنف مع السلطات المغربية”