“الصحافة المغربية بين الفوضى والانتفاع: تحذيرات النقابة الوطنية ودعوات لإصلاحات عاجلة”

0
145

في الآونة الأخيرة، أصبحنا نسمع عن ظاهرة غريبة تجتاح المشهد الإعلامي المغربي. من سائقي سيارات الأجرة إلى أصحاب المغاسل، وحتى من يملكون محلات لكراء السيارات، هؤلاء الأشخاص أصبحوا “صحفيين” بقدرة قادر. لم يعد الصحافي الشخص الذي يُعرف بقلمه وتحليله العميق للقضايا التي تشغل الرأي العام، بل تحول اللقب إلى مجرد وسيلة يستخدمها البعض لتحقيق مصالح شخصية، ولتجنب القوانين أمام السلطات.

هذه الظاهرة المثيرة للجدل ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل تعكس خللاً أعمق في المنظومة الإعلامية، حيث أصبحت المهنة وسيلة للانتفاع بعيدًا عن القيم الحقيقية التي تحملها مهنة الصحافة.

تحذيرات النقابة الوطنية للصحافة: الخطر المحدق بالإعلام

وفي ظل هذه الفوضى، أصدرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بلاغًا صارمًا، محذرة من تزايد “الفوضى والتنطع” في الساحة الإعلامية. فبدلاً من أن تكون الصحافة وسيلة لنقل الحقيقة بموضوعية ومهنية، باتت عرضة لاختراق غير المؤهلين، مما يهدد الدور الأساسي الذي يلعبه الإعلام في المجتمع. يزداد هذا التهديد خطورة في ظل غياب الرقابة الجادة على منح بطاقات الصحافة، حيث يتم منحها أحيانًا لمن لا يمتلك القدرة أو الكفاءة للقيام بدور صحفي حقيقي.

إشكاليات المهنة وغياب الإصلاحات

تشير النقابة إلى أن تعامل الحكومة مع مشاكل الإعلام يعاني من حالة من التراخي والتباطؤ. فعلى الرغم من وجود قوانين تنظم مهنة الصحافة، إلا أن غياب التطبيق الفعلي لهذه القوانين أدى إلى تسلل أفراد لا يمتلكون أية خبرة أو تأهيل إلى المجال. وهذا يثير أسئلة ملحة: لماذا لم تبادر الحكومة حتى الآن بإصلاحات جدية تحد من هذه الفوضى؟ وكيف يمكن حماية المهنة من الانحراف عن مسارها المهني؟

مطالب الإصلاح وضرورة التدخل البرلماني

أمام هذا الوضع المتدهور، ترى النقابة أن البرلمان يجب أن يتدخل بشكل عاجل لإصلاح الوضع. من بين أبرز مطالبها:

خارطة طريق تشريعية واضحة: وضع جدول زمني محدد لإصدار القوانين المنظمة للمهنة، خلال الدورة البرلمانية القادمة.

تسريع إصدار قانون المجلس الوطني للصحافة: لإعادة تنظيم المهنة بشكل يضمن عدم تسلل غير المؤهلين إليها.

ضمان حرية الصحافة: ضرورة دعم مشاريع قوانين تحمي حرية الصحفيين المهنيين وتضمن حقوقهم في مواجهة التدخلات غير المبررة.

المسؤولية والتحديات

ومع كل هذا، يبقى التحدي الأكبر هو في مدى قدرة الجهات الرسمية على مواجهة هذه التحديات. هل ستقوم الحكومة والبرلمان بإصلاحات حقيقية تعيد للصحافة قيمتها؟ وهل ستتمكن الهيئات المنظمة من وضع حد للفوضى التي تجتاح القطاع؟

ختامًا، تبقى الأسئلة معلقة في انتظار الإجابة: هل سنشهد إصلاحات جذرية تضع حدًا لهذه الفوضى، أم أن الأمور ستستمر في التدهور؟ وهل ستستعيد الصحافة المغربية مكانتها كسلطة رابعة، أم أنها ستظل رهينة لأهواء المصالح الشخصية؟