الصحراء المغربية بين الجمود السياسي والتفوق الميداني: هل أخفق دي ميستورا في مهمته الأممية؟

0
157

تحليل مقال بلال التليدي حول نزاع الصحراء: هل أخفق دي ميستورا؟

في مقاله الأخير، قدم الكاتب المغربي بلال التليدي قراءة تحليلية لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول نزاع الصحراء المفتعل، حيث أشار إلى أن التقرير رغم ما يتضمنه من إشارات إلى الأمل في إمكانية التوصل إلى حل سياسي، يكشف في جوهره عن نهاية المسار الأممي والاقتراب من نقطة الحسم، إما بالاتجاه نحو تصعيد عسكري أو بتكريس واقع سياسي جديد.

ولكن التليدي يطرح تساؤلات هامة حول قدرة المبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا، على تحقيق أي تقدم حقيقي في ظل الظروف الراهنة.

هل أخفق دي ميستورا؟

بلال التليدي يتناول مسألة الفشل المحتمل لدي ميستورا بطرح أسئلة محورية، منها: هل كانت مهمته محكوم عليها بالفشل منذ البداية؟ ويشير التليدي إلى أن دي ميستورا، رغم محاولاته، لم يستطع كسر الجمود السياسي بين المغرب والبوليساريو، خاصة مع تمسك كل طرف برؤيته (الحكم الذاتي مقابل الاستفتاء)، ورفض الجزائر الجلوس إلى طاولة الحوار.

يبدو أن الكاتب يرى أن المبعوث الأممي لم يحقق أي اختراق كبير في هذا الملف. ومع ذلك، هل كان هذا الإخفاق نتيجة ضعف دبلوماسية دي ميستورا أم بسبب الظروف المعقدة والمواقف المتصلبة للأطراف المختلفة؟ هنا نلمس تحليلاً لواقع يصعب تجاوزه حتى على أكثر الدبلوماسيين خبرة، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة.

دور الجزائر وجمود المواقف: هل من أفق للحوار؟

التليدي يشير إلى نقطة مهمة وهي دور الجزائر في تعقيد الحل، إذ ترفض الانخراط في أي مباحثات مباشرة بحجة أنها ليست طرفاً في النزاع. هذا الموقف أدى إلى عرقلة جهود الأمم المتحدة في تقريب وجهات النظر، وبالتالي أصبح من الصعب تحقيق تقدم ملموس في الملف.

ولكن السؤال الذي يطرحه التليدي هنا: إلى متى يمكن للجزائر الاستمرار في هذا الموقف دون أن تواجه عزلة دبلوماسية؟ خاصة في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، والدعم المتزايد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي من قبل الدول الكبرى مثل فرنسا وإسبانيا.

تحولات المواقف الدولية: هل اقترب المغرب من فرض الأمر الواقع؟

من النقاط البارزة التي يتناولها التليدي في مقاله هي تحولات المواقف الدولية الداعمة للمغرب، والتي تعزز من احتمالية فرض سياسة الأمر الواقع. فالتقرير الأممي يشير بوضوح إلى دينامية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ويبرز الموقف الفرنسي (تموز/يوليو 2024) والديناميات الإيجابية التي أحدثتها المبادرة الأطلسية لدول الساحل جنوب الصحراء.

لكن هل يمكن اعتبار هذا الدعم الدولي بمثابة مؤشر على نهاية المسار الأممي؟ التليدي يرى أن المسار السياسي والدبلوماسي الدولي يسير نحو دعم موقف المغرب بشكل متزايد، مما يضعف أي أمل في أن تحقق جبهة البوليساريو أهدافها بالاستفتاء.

الأمن والجيش المغربي: تعزيز التفوق على الأرض

التقرير الأممي يشير إلى تحسين الجيش المغربي لمواقعه غرب الجدار الرملي لمواجهة التهديدات الأمنية القادمة من جبهة البوليساريو. وهذا يعكس، كما يشير التليدي، التفوق المغربي على المستوى العسكري والأمني في المنطقة، مما يعزز من قدرته على إدارة الوضع حتى في ظل غياب أي حل سياسي.

ومع ذلك، يبقى السؤال: هل سيستمر المغرب في تبني هذا النهج الدفاعي أم سيتحول إلى استراتيجية هجومية أكثر حسمًا؟ خاصة وأن الوقت يبدو لصالحه مع مرور الزمن واستمرار الجمود.

الخطاب الملكي ووضع النقاط على الحروف

الخطاب الملكي في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان المغربي، كما يوضح التليدي، وضع نهاية واضحة للنقاش حول الحلول الممكنة للنزاع. فالملك محمد السادس أشار بشكل حاسم إلى أن المغرب أحرز تقدمًا كبيرًا في هذا الملف، وأن الحكم الذاتي هو الخيار الوحيد المطروح. هذا التوجه الملكي يعزز من سياسة المغرب تجاه النزاع ويضع ضغوطًا إضافية على الأطراف الأخرى، خاصة الجزائر.

أسئلة مفتوحة:

  • هل يمكن للجزائر تغيير موقفها في ظل الضغط الدولي المتزايد؟

  • إلى أي مدى يمكن لجبهة البوليساريو الاستمرار في التهديدات دون أن تفقد دعمها الإقليمي؟

  • هل ستواصل الأمم المتحدة مساعيها رغم عدم تحقيق أي تقدم حقيقي؟

خلاصة التليدي: سياسة الأمر الواقع هي الحل

في النهاية، يرى بلال التليدي أن الحل الواقعي لنزاع الصحراء يتجسد في فرض سياسة الأمر الواقع، مع استمرار المغرب في تطوير الأقاليم الجنوبية وتحقيق الدعم الدولي لمبادرته للحكم الذاتي.

وفي ظل تراجع نفوذ الجزائر في المنطقة، يبدو أن المسار يسير نحو تعزيز الهيمنة المغربية وإنهاء النزاع بشكل عملي، حتى لو لم يتم التوصل إلى حل سياسي نهائي في إطار الأمم المتحدة.