الصحراء تحت السيادة المغربية: خطوة تاريخية لمجلس الأمن والولايات المتحدة تدعو إلى مفاوضات مباشرة لحسم الملف

0
99
مُسعد بولس

بعد قرار مجلس الأمن: الولايات المتحدة تدعو إلى مفاوضات مباشرة لحسم ملف الصحراء

في مشهد دبلوماسي يتسم بالثقل الرمزي والاستراتيجي، جاء التصويت الأخير لمجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) لعام إضافي ليؤكد على تطور بارز في الملف الذي طالما شهد جمودًا وشدًا وجذبًا بين الأطراف. ليس مجرد تصويت روتيني، بل هو مؤشر على توجه عالمي متنامٍ نحو الاعتراف بخيار الحكم الذاتي المغربي كأساس لأي حل مستقبلي.

من واشنطن، جاء صوت كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، مُسعد بولس، ليضع الأمور في سياقها العملي: “الوقت لا يحتمل الانتظار، والمفاوضات المباشرة هي الطريق لتحقيق سلام دائم في الصحراء”.

تغريدة واحدة، تحمل ثقل التاريخ والواقع الجيوسياسي، وتعيد التأكيد على أن الحل، وفق منظور واشنطن، لا يمكن أن يخرج عن حدود السيادة المغربية والحكم الذاتي الواقعي المقدم من الرباط.

التحليل هنا لا يتوقف عند الجانب الدبلوماسي البسيط، بل يمتد ليطرح سؤالًا جوهريًا: هل حان الوقت فعليًا لأن تعيد الجزائر النظر في مواقفها التقليدية التي غابت فيها عن التصويت أو امتنعت عن المشاركة؟ وهل ستشهد العلاقات المغربية-الجزائرية تحولات ملموسة بعد هذا الزخم الدولي، أم أن الطريق لا يزال محفوفًا بالعقبات السياسية التي تثقل تاريخ الجوار؟

كما أن الموقف الأمريكي، الذي ينسجم مع رؤية الملك محمد السادس، يفتح نافذة على إعادة بناء الثقة بين الرباط والجزائر، وهي خطوة تحمل رمزية أخوية ودبلوماسية في آن واحد. هنا، يتشكل السؤال الأهم: هل سيكون الحوار الأخوي المباشر قادرًا على تجاوز سنوات الجمود، أم أن الجغرافيا السياسية للمنطقة ما زالت تتحكم في مصائرها بيد القوى الكبرى أكثر من إرادة الأطراف المحلية؟

أما على مستوى مجلس الأمن الدولي، فقد كان القرار رقم 2797 لسنة 2025 علامة فارقة: 11 صوتًا مؤيدًا، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، مقابل ثلاثة امتناعوا، من بينهم روسيا والصين وباكستان، فيما اختارت الجزائر الانسحاب الكامل من التصويت للمرة الثانية على التوالي. في هذا المشهد، يتضح أن التحولات الكبرى غالبًا ما تولد من لحظات الغياب والامتناع بقدر ما تولد من الحضور والتصويت.

وفي هذا السياق، يبقى السؤال مفتوحًا للقارئ: هل يشكل هذا التصويت الدولي بداية نهاية مرحلة الغموض للانفصاليين؟ وهل يمكن اعتبار هذا الزخم العالمي مؤشرًا على انحسار الدعم الخارجي لمواقف الجزائر التقليدية؟

المشهد الآن متاح للقراءة بعمق: قرار مجلس الأمن ليس مجرد وثيقة رسمية، بل هو إشارات متعددة المستويات؛ دبلوماسية، سياسية، واستراتيجية. وفي خضم هذه الإشارات، يبدو أن المغرب يسير بثقة نحو بناء حل سياسي مستدام، بينما يُترك للجميع، بما فيهم الجزائر، اختبار الإرادة الحقيقية نحو السلام.