“الطلاق بين الواقع والأرقام في المغرب: وهبي يدعو للموضوعية ويرفض التضخيم وسط جدل المحامين”

0
124

في مداخلة أثارت نقاشًا حول قضايا اجتماعية وقانونية حساسة، أكد وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، على رفضه لتضخيم الأرقام المتداولة حول الطلاق في المغرب، معتبرًا أن وزارة العدل هي الجهة الوحيدة التي تمتلك الإحصاءات الدقيقة حول هذا الملف.

وأوضح أن أرقام الطلاق لا تعكس دائمًا الواقع لأن الملفات قد تبقى قيد الدراسة لفترة تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات قبل البت فيها.

الطلاق بين الحقيقة والتضخيم: رؤية وهبي للأرقام المتداولة

وأشار وهبي في مداخلته إلى أن الطلاق مسموح به كحق شرعي، كما هو الحال مع الزواج، مشيرًا إلى أن المجتمع غالبًا ما ينظر إليه بشكل سلبي. وفي هذا السياق، استعرض إحصائيات الوزارة التي تشير إلى 24 ألف حالة طلاق اتفاقي مقابل 240 ألف حالة زواج. من جهة أخرى، واجه وهبي تساؤلات من المستشار البرلماني لحسن آيت صحا، الذي أشار إلى أن الأرقام الحقيقية تصل إلى 60 ألف حالة طلاق في سنة 2022، مما يعكس فجوة بين الأرقام الرسمية والأرقام التي يتم تداولها في أوساط المجتمع.

وهنا تبرز تساؤلات عديدة: هل تُقدم الأرقام المتاحة للعامة صورة دقيقة تعكس واقع المجتمع؟ أم أن هناك حاجة لإعادة النظر في آليات تسجيل الحالات وإظهارها بشكل شفاف؟ وهل يهدف وهبي من خلال تقليل الأرقام إلى تهدئة الرأي العام وتخفيف الضغط المجتمعي، أم أن هذه الأرقام بالفعل تعكس حالة متوازنة تتطلب إيضاحات إضافية؟

آليات المصالحة ودور الوساطة: تجديد أم عودة للمشاكل؟

أوضح وزير العدل أن المصالحة كانت في السابق تتم عبر مجلس العائلة، لكن دراسات حديثة أظهرت أن هذا الأسلوب قد يؤدي إلى تعقيد القضايا الزوجية بدلاً من حلها. وتبحث الوزارة الآن في إمكانية تفعيل دور الوساطة، سواء عبر القطاع الخاص أو المجالس العلمية، كخيار بديل.

لكن هل ستكون هذه الوساطة بديلاً كافياً لمواجهة تزايد حالات الطلاق؟ وكيف سيتم تحديد المعايير لضمان حيادية وكفاءة هذه الوساطة؟ هل يمكن أن تشكل هذه الخطوة سابقة في تحويل مسائل أسرية حساسة إلى أيدي أطراف غير حكومية؟ وهل سيسهم ذلك في تحسين بيئة العمل الأسري أم قد يضيف تعقيدات جديدة؟

مشروع مدونة الأسرة: هل من تحديثات وشيكة؟

ربط وهبي النقاش حول الطلاق بمشروع مدونة الأسرة المزمع تقديمه، مشيراً إلى أن هذا المشروع يعكس توجه الحكومة نحو تنظيم العلاقات الأسرية بشكل يدعم الاستقرار الاجتماعي. ولكن السؤال هنا: هل يكفي تحديث المدونة لتحقيق هذا الهدف؟ وما هي التعديلات المتوقعة التي قد تؤثر بشكل مباشر على معدل الطلاق وحالة الأسر في المجتمع المغربي؟

إضراب المحامين والحوار المفتوح: حدود المواجهة

انتقل وهبي للحديث عن الإضراب الشامل الذي ينفذه المحامون، وأكد على ترحيبه بالحوار، إلا أنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة الالتزام بالحدود القانونية والدستورية. كما أعرب عن استغرابه من شروط جمعية هيئات المحامين، متسائلًا: “هل هناك جمعية تشترط على الدولة والحكومة؟”. ويثير هذا السؤال تساؤلات أعمق حول دور السلطة التنفيذية في الحفاظ على سيادة القانون، وكيف يمكن للمحامين كجزء من النظام القضائي أن يسعوا لتحسين ظروفهم المهنية دون فرض شروط مسبقة على الحكومة.

هل هناك مساحة للتوافق بين الحكومة والمحامين؟

وجه وهبي رسالة للبرلمانيين قائلاً إنهم الوحيدون الذين يمتلكون الحق في إلغاء أو تعديل النصوص القانونية، موضحًا أنه يدافع عن النص القانوني الذي يعتقد بصوابه. يشير هذا الموقف إلى سعي الوزير لإيجاد توازن بين تلبية مطالب المحامين والحفاظ على الصيغة القانونية للنصوص التي يرى أنها تلبي حاجة العدالة.

وهنا، يبقى التساؤل: هل يمكن أن تنجح جهود وهبي في تحقيق هذا التوازن، أم أن الحوار المستمر مع المحامين سيحتاج إلى تنازلات من كلا الجانبين لتحقيق توافق يلبي مصالح الجميع؟

ختامًا: الطلاق وإصلاح النظام القضائي – تحديات تنتظر الحل

يظل ملفا الطلاق وإضراب المحامين من أبرز التحديات أمام وزارة العدل، حيث يتطلب الأمر معالجة موضوعية للإحصاءات والظواهر الاجتماعية، وضمان بيئة قانونية متوازنة تحمي حقوق جميع الأطراف.

فما هي الخطوات القادمة التي ستتخذها الوزارة لضمان هذه التوازنات؟ وهل سيسهم مشروع مدونة الأسرة في إيجاد حلول عملية ومستدامة لظاهرة الطلاق؟ وهل سيستمر الحوار مع المحامين في تحسين النظام القانوني أم أنه قد يواجه تعقيدات أخرى؟