العثماني:” إن رئاسة الحكومة كلها صعبة ومشاكلها لا تنتهي”..لا يزال حزب “الأصالة والمعاصرة” يحمل تشوه البداية

0
521

رئيس الحكومة المغربية السابق سعد الدين العثماني قد أشار في عدة مناسبات إلى تحديات العمل في منصب رئيس الحكومة وصعوبة إدارة الحكومة ككل. من بين تلك التصريحات، قد أكد العثماني أن رئاسة الحكومة ليست مهمة سهلة وأنها تتطلب تعاونًا وجهودًا مشتركة من جميع الأطراف.

في هذا الصدد أكد قسعد الدين العثماني إن رئاسة الحكومة كلها صعبة ومشاكلها لا تنتهي، مشيدا بقرارات الحكومة التي كان لها دور كبير في تجاوز العديد من المشاكل.

وأوضح العثماني خلال أحد البرامج، قائلا: “دخلنا ووجدنا مشكل الحسيمة قد بدأ، ووجدنا مشكلا في حله وحل تداعياته التي بقيت فترة من بعده، كما وقعت عدد من الأحداث بعدد من المناطق التي كانت فيها إشكالات اجتماعية، وحدثت [المقاطعة]، لكن أعقد ملف دبرته الحكومة كان فيروس كورونا، الذي كانت له تداعيات دولية، وحجر صحي وقرارات صارمة، وتقييد، وضغط على المستشفيات، وخاصة غرف الإنعاش، والوفيات، والإصابات الصعبة”.

وذكر أن “مرحلة كورونا قد عرفت ريادة ودعم وقرارات الملك التي كان لها دور كبير في تجاوز المرحلة، وجعلت المغرب نموذجا في تدبير الأزمة، وكثير من الدول بما فيها الأوروبية سبقناها في أمور وأشادت بتدبيرنا، ورغم الضغط فقد كان لتعاون المواطنين دور كبير، ولعمل مهنيي الصحة، في لحظة وطنية كبيرة”.

وأضاف: “لم نكن نعرف ما نتبناه غدا، نظرا لتطور الوباء وطنيا ودوليا، والمعطيات العلمية، والضغط الاقتصادي بسبب توقف الصادرات وإشكالات التأمين”.

وبخصوص المرتبة التي حصل عليها حزب “العدالة والتنمية” المغربي الذي كان يقوده العثماني في انتخابات سنة 2021، قال العثماني إن “الحزب متعاف وما وقع في الانتخابات الأخيرة غير مفهوم وغير منطقي ولا يعبر عن طبيعة الخريطة السياسية في بلادنا، بل إن خروقات استعمال المال وغيره فاقت جميع الانتخابات السابقة”.

كما أكد أن “الالتزام بأخلاقيات الانتخابات هو الانتصار الحقيقي”، مشددا على “دور النخب والثقافة والسياسة في تدبير الشأن العام”.

وعلق العثماني على “حملة الاعتقالات الأخيرة التي مست عددا من المسؤولين”، قائلا: “نرحب بأي حملة لتطبيق القانون على من يرتكبون جرائم في حق الوطن، مثل التجارة بالمخدرات، ودائما كان بعض البرلمانيين يحاكمون في بعض الملفات، لكن في عهدة هذا البرلمان ضرب رقم قياسي، كما ونوعا، في نوعية وطبيعة المتابعات، مما يجدد طرح إشكالية التخليق، فمن أعطاهم التزكية ليصلوا إلى البرلمان؟! هذا نتيجة إفراغ العمل السياسي من السياسة وإفراغ الانتخابات من السياسة”.

وأردف: “نحيي عمل الأجهزة الأمنية ونطالب بالمزيد حماية للوطن والشباب، ونحتاج الوقاية في المستقبل.. الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبرى لأنها تعطي التزكيات ولا ينبغي أن تسلمها إلا لمن ليست لهم مثل هذه الآفات الخطيرة التي نرى نتيجتها، وتشويهها، حقيقة، وجه السياسة”.

وحول وضع حزب “الأصالة والمعاصرة”، أوضح العثماني أنه “لا يتشفى”، قائلا: “هذا الحزب قام بأخطاء غير الأخطاء العادية للسياسيين والأحزاب، بسبب بعض من أعطاهم قيادته ولم يستحقوها، وهم متابعون في هذه الولاية وسابقتها.. عليه مراجعة هذه المسألة”.

كما أشار إلى أنه “كان اختلاف وتوجس بين حزبينا، لأن قياديين منه قالوا إنهم هنا لمواجهتنا، علما أن تأسيس حزب لمواجهة تيار أو فكرة أو توجه، ناقص وغير منطقي، ولا يزال هذا الحزب يحمل تشوه البداية، والتخلص من هذا التشوه يحتاج عملا بيداغوجيا قويا، ولو أن في الأصالة والمعاصرة عددا من الأشخاص المحترمين، إلا أن أناسا محدودين يشوهون الصورة.. لا ينبغي إعطاء المقاعد أهمية أكثر من الالتزام بالقيم والمبادئ، وينبغي التزكية بناء على توفر حد منطقي من الاستقامة والالتزام القانوني”.

في سياق متصل ، عندما جاء ما سمي الربيع الديمقراطي في 2011، كان المغرب مختلفا في تفاعله بالمقارنة مع باقي الدول، إذ تفاعل بطريقة استباقية وهو ما تمثل في قيادة جلالة الملك محمد السادس لجيل من الإصلاحات ما زال مستمرا إلى اليوم.

عندما برزت نزعة استئصال الإسلاميين في التسعينيات في المنطقة المغاربية مثلا، نأى المغرب بنفسه عن ذلك الخيار، وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول كان المغرب له خياره المتميز بهذه النزعة الإدماجية الإيجابية، وهو نفس النهج الذي سار عليه تفاعلا مع التحولات التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة.

فالنسق السياسي في المغرب يسع الفاعلين السياسيين المشتغلين في إطار الثوابت الدستورية، وقد كان لحكمة الملك محمد السادس وقيادته للإصلاحات الدور الحاسم في جعل التجربة الإصلاحية مستمرة وتتقدم رغم ما قد تواجهه من تحديات.

وهناك عوامل أخرى لها علاقة بتجذر التعددية السياسية والثقافية وأثر الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحكومة، وهنا لا بد من الوقوف عند حصيلة العمل الحكومي في السنوات الماضية مع الحكومة السابقة ومع الحكومة الحالية، فالحصيلة كانت مشرفة ونتيجة لذلك برز تصويت إيجابي في محطتين انتخابيتين سنتي 2015 و2016.

ففي سنة 2015 -سنة الانتخابات الجماعية- حصل الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي (أي العدالة والتنمية) على الأغلبية المطلقة من الأصوات في 19 مدينة من أصل 36 مدينة، وحصل على الأغلبية في المدن الست الكبرى التي تعتمد نظام وحدة المدينة، وتأكد هذا الرصيد في الانتخابات التشريعية لسنة 2016.

ظاهرة الاحتجاج في المغرب قديمة وجزء من الحياة السياسية في بلدنا، إذ تُنظم في المغرب ما بَين 30 و35 وقفة احتجاجية يوميا، وهي احتجاجات ذات طابع اجتماعي، وأسبابها ليست وليدة اليوم أو نتاج  قرار حكومي بل هي نتاج مشاكل في مناطق ينبغي أن نعترف أنها عانت من التهميش والتمييز لعقود، لذلك كان من الأولويات التي اشتغلت عليها الحكومة إطلاق البرنامج الخاص بمحاربة الفوارق المجالية، وخصصت له ثمانية مليارات درهم (حوالي 865 مليون دولار) في السنة الأولى، وهذه السنة سبعة مليارات درهم (حوالي 757 مليون دولار)، والهدف هو حل المشاكل المرتبطة بالتنمية ومحاربة الفوارق بين الجهات.

فعموم المطالب الاجتماعية -إن لم أقل غالبيتها- مشروعة ومتفهمة، لأن جوهرها ما هو اجتماعي وتطالب بمحاربة فوارق صارخة.

المصدر : المغرب الآن + موقع هيسبريس