رئيس الحكومة المغربية، اعتبر تعديل قانون القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية غير ديمقراطي، وغير مقبول، وذلك في أول تعليق له على قرار المحكمة الدستورية التي أقرت بدستوريته.
الرباط – أعلن سعد الدين العثماني ، رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني،والأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، السبت، أن تعديل “القاسم الانتخابي” على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية “غير ديمقراطي، وغير مقبول”، وذلك في أول تعليق له على قرار المحكمة الدستورية التي أقرت أمس بدستوريته.
جاء ذلك في كلمة للعثماني، أمين عام “العدالة والتنمية” (إسلامي)، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العادية للجنة المركزية لشبيبة حزبه، المنعقدة اليوم السبت، أن موقف حزبه الرافض للقاسم الانتخابي على أساس المسجلين لا يزال ثابتا، وقال في هذا السياق: “نضالنا مستمر وحزبنا باق على الموقف نفسه من القاسم الانتخابي، وعلينا أن نمضي في نضالنا”.
وكشف أمين عام “العدالة والتنمية”، أن الأمانة العامة (أعلى هيئة تنفيذية) ستصدر بيانا تعلن فيه موقف الحزب من قرار المحكمة الدستورية، داعيا في المقابل أعضاء حزبه إلى الالتزام بما سيحدده البيان.
وقال العثماني إن القاسم الانتخابي “ليس هو الإشكال الوحيد في القوانين الانتخابية الصادرة، معتبرا أن حذف العتبة في انتخابات الجماعات الترابية (البلديات، ومجالس الجهات) أخطر وأصعب لأنها ستؤدي إلى بلقنة الخريطة الانتخابية، وبالتالي تعقيد عملية تشكيل التحالفات، ما سيكون له آثار سلبية على التدبير الجماعي لشأن المواطنات والمواطنين”.
وكانت المحكمة الدستورية قد أجهضت، أمس، آمال “العدالة والتنمية”، بإسقاط تعديل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، بعدما قضت بدستورية مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان).
وقالت المحكمة الدستورية، في القرار الذي اطلع “العربي الجديد” على نسخة منه، إنه لا يندرج ضمن صلاحياتها التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع في شأن اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها، أو المفاضلة بين اختيارات تشريعية ممكنة، أو اقتراح بديل تشريعي من شأنه أن يحقق الغايات الدستورية نفسها، طالما أن ذلك لا يمس بأحكام الدستور.
إلى ذلك، وجه وزير الشغل والإدماج المهني والكاتب الوطني لشبيبة “العدالة والتنمية”، محمد أمكراز، خلال الجلسة الافتتاحية للجنة المركزية للتنظيم الشبابي، رسائل مباشرة إلى خصوم حزبه السياسيين، معتبرا أنه “لا يمكن هزم العدالة والتنمية بالقوانين الانتخابية، وببعض الممارسات التي تسيء إلى الديمقراطية التمثيلية”، مضيفا: “هؤلاء إذا أرادوا هزم العدالة والتنمية، فما عليهم إلا اللجوء إلى آليات ديمقراطية بدءا من هيئاتهم الداخلية”.
وتابع هجومه بالقول إن “الأحزاب التي ترغب في هزيمة العدالة والتنمية، يمكنها أن تنجح في ذلك لو أنها قدمت بديلا غير الذي تقدم اليوم، من خلال هذا القاسم الانتخابي الغريب، ولو أن هذه الأحزاب، قدمت مثالا حقيقيا للمغاربة على مصداقيتها وتمثلها للديمقراطية الحقة وفق قواعد ومساطر نزيهة وشفافة”.
ولفت أمكراز إلى أنه يمكن أن يخسر “العدالة والتنمية” الانتخابات، لكن فكرته الإصلاحية التي يدعو إليها ويناضل من أجلها، لا يمكن أن تنهزم، لأنه حتى إذا لم يعد هذا الحزب قادرا على حمل هذه الفكرة سيأتي بعده من هو قادر على ذلك بهمٍّ أكبر.
وقال إنه يحترم قرار المحكمة الدستورية بشأن القاسم الانتخابي، “لكن لا يمكنه الاقتناع بأن هذا القاسم الانتخابي على أساس المسجلين ديمقراطي”، معتبرا أن اعتماده يشكل رسالة سلبية في وقت يحتاج فيه البلد إلى نفس ديمقراطي جديد لتعزيز المكتسبات وإلى رسائل إيجابية على هذا المستوى.
وسيمكّن إقرار التعديل الخاص بالقاسم الانتخابي من منع الحزب، الذي سيحصل على أكبر عدد من الأصوات، من الحصول على أكثر من مقعد واحد في الدائرة الانتخابية، وهو ما قد يحرم حزب “العدالة والتنمية” في حال فوزه من نحو 40 مقعداً، ومن تكرار سيناريو اكتساحه لصناديق الاقتراع في 2016 بحصوله آنذاك على 125 مقعدا.
واقترحت أحزاب “الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية”، في تعديلاتها على مشاريع القوانين الانتخابية، تعديل المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي، بالتنصيص على توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة “قاسم انتخابي” يُستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.
وعللت ذلك التعديل بـ”تحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدائرة المحلية، وفتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية”.
وفي 6 مارس الماضي، أقر مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) مشروع القانون التنظيمي للمجلس، نص على تعديل طريقة حساب “القاسم الانتخابي” الذي يتم على أساسه توزيع المقاعد البرلمانية وبالمجالس البلدية، بعد الاقتراع.
وصادق مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) عليه، في 12 من الشهر ذاته، وبعد نشر القانون في الجريدة الرسمية يدخل حيز التنفيذ، وهو ما لم يتم حتى اليوم.
ووفق التعديل الجديد، سيتم قسمة مجموع الناخبين المسجلين على عدد المقاعد بدل قسمة عدد الأصوات الصحيحة.
ويتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية والمحلية بالمغرب، في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ويمر “العدالة والتنمية”، بفترة هي الأصعب عليه منذ سنوات، إثر تجميد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية السابق، عضويته بالحزب، عقب تصديق الحكومة على مشروع قانون القنب الهندي.
وللمرة الأولى في تاريخ المغرب، يقود “العدالة والتنمية” الحكومة منذ عام 2012، إثر فوزه في انتخابات عامي 2011 و2016.