العثماني يحذر من مافيات “الإنزال المالي” في الانتخابات المقبلة

0
283

يستعد المغرب لتنظيم انتخابات تشريعية وجماعية وجهوية، في 8 سبتمبر المقبل، وسط تباين بين الخبراء حول توقعات نتائج الاقتراع التشريعي، الذي يعد الأهم سياسياً ضمن الاستحقاقات المذكورة، بين من يرى صعوبة التنبؤ بالنتائج، وبين من يتوقع سقوط حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة منذ 2011.

قال سعد الدين العثماني، أمين عام حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية، إن الإنزال المالي الذي شاهده المواطنون خلال الانتخابات المهنية الأخيرة يسيئ إلى المملكة، داعيا إلى تعاون الجميع ضد مافيات الإنزال المالي.

وأوضح سعد الدين العثماني، في لقاء حزبي المقر المركزي بالرباط، إن “الانزال المالي الذي شاهده المواطنون خلال الانتخابات المهنية الأخيرة يسئ إلى البلد”، مشددا على وجوب تعاون الجميع “ضد مافيات الإنزال المالي”. وفق تعبيره. 

وحذر من استغلال المال في الانتخابات المقبلة، وقال إن “شراء الذمم والأصوات يفقد الثقة في الأحزاب والمشهد السياسي والمؤسسات، ويجب اتخاذ إجراءات قوية لوقف إشكال المال، لأنه مسيء للسياسة”، مذكراً بأن حزبه سبق له أن واجه في انتخابات سابقة إنزالات قوية للمال وغلبها.

ما هو واضح حتى اليوم، هو أن المواطنين المغاربة لا ينتظرون من الانتخابات أملا في التغيير وتبديل واقعهم نحو الأفضل والأحسن، أو ما يستجيب لانتظاراتهم في مجالات الصحة والتعليم والشغل وفي تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون. وذلك بسبب تعمق فعل فقدان ثقتهم على مدار عقود خلت في المؤسسات الانتخابية. هي لعبة سياسية بعيدة عن انشغالاتهم وأحلامهم. لذلك ينحصر التفاعل مع قرب موعد الانتخابات في وسائل التواصل الاجتماعي. وبينما يزيد اتساع الهوة بين الأحزاب والشارع المغربي، نرى أن أغلب الأحزاب تتسابق للإعلان عن أسماء وكلائها على رأس قوائم الانتخابات في كبريات المدن والجهات بالمملكة، وتنخرط في “حملة انتخابية سابقة لأوانها”.

وأشاد بالأحكام الصادرة في حق وكيل لائحة حزب “التجمع الوطني للأحرار” بغرفة الصناعة والتجارة، الذي ضبط متلبسا بتوزيع المال على الناخبين، مشيرا أن هذه الأحكام وإن لم تكن قاسية ولكنها قوية وهذا أمر مهم.

ولفت العثماني إلى أن هناك من صرف ما يقارب من 200 مليون درهم مقابل القفف الرمضانية التي وزعت على المواطنين، في إشارة واضحة منه إلى حزب “التجمع الوطني للأحرار”.

وشدد على أن حزب “العدالة والتنمية” يواجه حملة شرسة ويتعرض أعضاؤه لطغوطات وإغراءات وعراقيل، في محاولة لثنيهم عن الترشح باسم الحزب.

وأكد العثماني أن هذه الحملات لن تزيد حزب “العدالة والتنمية” إلا إصرارا على المضي في طريق الإصلاح، داعيا من يقف خلف هذه الحملات إلى بذل الجهد لاستعادة ثقة المواطنين في العمل السياسي لا العكس.

وأضاف أنه أدوات استعادة هذه الثقة، أن يتسم الخطاب السياسي بالمعقول والتعالي والنقاش الموضوعي، وأن لا يكون فيه طعن في الظهر. 

وحسب العثماني، فإن حزبه ما زال يجذب ملتحقين جدداً، وهو ما قال إنه لاحظه في جولته الأخيرة في أقاليم الشرق، غير أنه حذر الأعضاء والملتحقين الجدد بضرورة الالتزام بمبادئ الحزب، وعلى رأسها الالتزام بـ”مبادئ الحزب والمرجعية الإسلامية والاستقامة والإخلاص والولاء للوطن والمؤسسات الدستورية”، متوعداً المخالفين لهذا التوجه بالقول: “لا يمكن أن نقبل بعدم الالتزام بالمبادئ، ونريد بناء حزب نظيف ولو كان صغيراً، وليس هدفنا فقط هو الكثرة”. 

وستعرف استحقاقات هذه السنة العمل بما يسمى بـ”القاسم الانتخابي”، وهي الوسيلة التي توصل إليها أصحاب الشأن في البلاد، لفرملة حزب “العدالة والتنمية” الذي يوجد على رأس الحكومة منذ 2012. وقد اعتبر اللجوء إلى القاسم الانتخابي “تزويرا انتخابيا بشكل قانوني”. ومجرد عبث ومهزلة وتحايل على الديمقراطية، “يخفي هاجسا سياسيا ثقيلا لدى السلطة والأحزاب حول حصول عزوف كبير للناخبين عن المشاركة”.

ويرى محللون سياسيون أن المغرب يشهد اليوم مرحلة احتضار للأحزاب وموت العمل الحزبي، بعد استمرار الإدارة في توغلها في الشؤون الداخلية للأحزاب منذ الاستقلال، باختراقها وإفساد الحياة السياسية.

في هذا الإطار، يرى الكاتب والمحلل السياسي، إدريس جنداري، أنه “يجب أن نكون أكثر وضوحا في حديثنا عن تخليق الحياة السياسية، فلا يكفي تدبيج الخطابات الداعية إلى السلوك السياسي القويم، ولكن يجب تنزيل مقتضيات قانون الأحزاب، وفتح المجال أمام السلطة القضائية لتقوم بدورها في زجر كل التجاوزات، مع فسح المجال لصحافة التحقيق لتقوم بدورها في فضح الممارسات المنحرفة”.

ويذكر المصدر نفسه، أن “الواقع الحزبي مختل مما يؤثر بشكل سلبي على الممارسة السياسية التي تعاني من غموض في التصور وإعاقة في الممارسة”.

“لذلك أصبح مطلوبا اليوم القيام بإصلاح عاجل يؤهل المؤسسة الحزبية للقيام بدورها الدستوري المنوط بها، أو إعادة النظر في الدور التمثيلي عبر تعديل دستوري، لأن المغاربة غير مستعدين لطي الولايات الحكومية دون إنجازات من أجل تأمين الريع الحزبي”، يوضح جنداري.