تعيد الانتقادات الموجهة إلى التجمع الوطني للأحرار، ما عاشه المشهد السياسي في المغرب في السنوات الماضية، من اتهامات لحزب “العدالة والتنمية ” من استغلاله للعمل الخير في حشد الأصوات الانتخابية.وعلى بعد أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية في المغرب، طفا مجددا إلى السطح النقاش حول لجوء بعض الأحزاب السياسية لطرق ملتوية، من أجل استمالة أصوات الناخبين والتأثير على اختياراتهم.
الرباط – استنكر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، توزيع القفف والإكراميات بسبب الانتخابات، مؤكدا أن هذا لا يليق بكرامة المواطنين والمواطنات وليس في مستوى مغرب اليوم.
واعتبر العثماني، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب ( الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) مساء الاثنين، أن توزيع مساعدات رمضانية (القفف) والإكراميات بسبب الانتخابات لا يليق بكرامة المواطنين والمواطنات وليس في مستوى مغرب اليوم، كاشفاً أنه يضم صوته لأصوات جميع الأحزاب والفعاليات الرافضة لهذه الممارسة.
وفيما عبر العثماني عن أمله في أن تكون الانتخابات المقبلة نزيهة، انتقدت كتلة “الأصالة والمعاصرة”، أكبر حزب معارض، ما سمتها بثقافة توزيع الإكراميات، لافتة خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، إلى أن الأموال التي توزع اليوم عبر “القفف” أتت من الإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ وتضارب المصالح.
ودعت كتلة “الأصالة والمعاصرة” الحكومة إلى وضع حد لمثل هذه الممارسات، مبدية استغرابها من أن الولاية الحكومية شارفت على الانتهاء دون أن تقوم الحكومة بأي تحرك في هذا الصدد.
وتصاعدت في الأيام الأخيرة حدة الجدل في المغرب بشأن توظيف العمل الخيري في العمل السياسي، مع تبادل قادة ومسؤولين حزبيين الاتهامات باستغلال المبادرات الإحسانية لاستمالة الناخبين واستخدامها كرشى لشراء أصواتهم.
ويتركز الجدل على توظيف حزب التجمع الوطني للأحرار، الساعي لقيادة الحكومة المغربية القادمة، للمساعدات الرمضانية عبر جمعية تابعة له، من أجل استمالة الناخبين، استعداداً للانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية المقررة هذه السنة.
غير أن هذا الجدل تحول إلى قضية رأي عام، بعد استنكارها من طرف غالبية الأحزاب السياسية، وفي الإعلام ووسط مواقع التواصل الاجتماعي، كما كانت محل مساءلة للوزير المنتدب لدى وزير الداخلية بمجلس النواب، أخيراً.
وفي السياق، كان لافتاً إعلان أحزاب المعارضة (الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، التقدم والاشتراكية) عن رفضها واستنكارها المبدئي لظاهرة التوظيف السياسي للعمل الخيري والتضامني، كيفما كان مـيـوله السياسي، في استمالة الناخبين، بأشكال بئيسة استقبلها الرأي العام بكثير من السخط، والاستهجان.
واعتبرت الأحزاب الثلاثة أنَّ هذه الظاهرة غير القانونية، التي تعتمد على استغلال غير مشروع، وغير أخلاقي للبيانات، والمعطيات الشخصية للمواطنين والمواطنات، تقتضي تدخل السلطات العمومية من أجل ردعها، وإيقافها.
بالمقابل، عبر المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار عن أسفه مما أسماه “محاولة بائسة للضرب في قيم الإحسان الأصيلة”، لافتاً إلى أن “هناك أطرافاً سياسية تركت كل إكراهات البلاد ومشاغل المواطنين، لتنبري في محاولة بئيسة للضرب في قيم الإحسان الأصيلة التي جبل عليها المغاربة، ودأبوا على ممارستها كل حسب موقعه وإمكانياته”.
وأكد الحزب المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، أنه لا يمكن أن يسمح لأي كان أن يمارس الابتزاز والإرهاب الفكري، أو أن يقدم له الدروس، معتبراً أن تاريخه السياسي “الناصع البياض، لم يسجل قط أن سخر فيه الجانب الجمعوي، أو جمع بينه وبين الجانب السياسي، لخدمة أجندات سياسية”.
وتمكن الحزب، خلال السنوات الماضية، من إنشاء ذراع إحساني قوي تحت اسم “مؤسسة جود للتنمية”، التي تعمل مع مجموعة من الجمعيات وفي مختلف المجالات بصورة نشيطة أقلقت باقي الأحزاب السياسية، إلى درجة أنها أعلنت عن عزمها توزيع مليون قفة خلال شهر رمضان.
ورغم الاتهامات الصريحة باستغلاله نفوذه المالي والسياسي والحكومي لاستقطاب الناخبين، إلا أن أخنوش لم يعرها أي اهتمام ودعا المديرين الجهويين التابعين لوزارته إلى مواصلة عملهم، وتنزيل المشاريع دون الالتفات إلى الانتقادات التي توجه إليهم.
واعتبر أخنوش الانتقادات والشكوك بشأن نوايا مؤسسة “جود” تأتي في سياق أجندة سياسية. مشيرا إلى أن “المؤسسة تشتغل منذ مدة طوية ولم يتم الالتفات إليها، وقبل الانتخابات أصبحت تشكل مشكلة”.
وخرجت مؤسسة “جود” عن صمتها لتعلن عن تفاجئها بما وصفته بـ”لادعاءات اللامسؤولة” لبعض الأحزاب التي “تضرب في العمق العمل الاجتماعي والجمعوي”.
وعبرت المؤسسة في بيان لها، عن استغرابها من محاولات إقحامها في صراع سياسي لا علاقة لها به، مؤكدة سعيها المتواصل منذ نشأتها لـ”مواكبة المئات من الجمعيات المحلية، ذات الاهتمامات المتنوعة والمجالات الجغرافية المختلفة”.
وأوضح أخنوش أن “جود مؤسسة تضامنية تجتهد في جميع المجالات، وتشتغل مع المئات من الجمعيات، وأنجزت المئات من المشاريع، مثل الطرق في العالم القروي، والماء الصالح للشراب، وبناء الأقسام والتعليم الأولي وتكوين النساء في الخياطة، وفي الصحة والتمريض، والفن والرياضة”.
ويفرض في المغرب على الجمعيات والمؤسسات الخيرية اتباع مسطرة الترخيص بالتماس الإحسان العمومي، عبر تقديم طلب لدى السلطات العمومية، التي ترسله بدورها إلى الأمين العام للحكومة، والذي يعرضه على لجنة خاصة قبل إبداء الرأي فيه ومنح الترخيص بالعمل الخيري.