“العصا والجزرة”..حكومة رجل الاعمال أخنوش تصادق على قانون أنظمة الحماية الاجتماعية للصحافيين المهنيين والصحافيين المعتمدين

0
203

تقرير : جمال السوسي

منذ سنوات مضت، والمشهد الإعلامي يعاد ترتيبه في المغرب لصالح السلطة، وصولا للحظة الحالية التي وصل إليها الإعلام العمومي والخاص، المرئي والمكتوب والمسموع، إلى حالة ضعف غير مسبوقة، وتبعية شبه مطلقة لرئيس الحكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش.

وسائل السيطرة، وفق مراقبين، ليست بالمال والإشهار والتعويضات السخية فقط، بل أيضا عبر الترهيب، واستخدام القضاء لحجب أصوات رافضي العزف على الوتر المردد لنغمة أخنوش، أو تلك المناهضة للحدود التي يرسمها للسلطة الرابعة.

صادق مجلس الحكومة المنعقد اليوم الخميس برئاسة رجل الأعمال ،عزيز أخنوش، على مشروع المرسوم رقم 2.22.861 بتطبيق القانون رقم 98.15 والقانون رقم 99.15، فيما يتعلق بالصحافيين المهنيين والصحافيين المعتمدين، غير الأجراء، ومن في حكمهم.

ويهدف هذا المشروع إلى إدماج الصحافيين المهنيين غير الأجراء، الحاملين لبطاقة الصحفي المهني، ضمن الفئات المشمولة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ونظام المعاشات، وذلك من خلال إقرار إلزامية التسجيل بالنسبة للمعنيين بالأمر، برسم نظامي التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والمعاشات، وإقرار سريان أثر التسجيل بالنسبة للمعنيين بالأمر، ابتداء من فاتح الشهر الموالي للشهر الذي يستوفي فيه هؤلاء شروط الخضوع لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.

كما تحدد مقتضيات هذا المشروع الدخل الجزافي بالنسبة للمعنيين بالأمر، وتُعَيَّنُ وزارة الشباب والتواصل- قطاع التواصل هيئة الاتصال المكلفة بموافاة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمعلومات المتعلقة بالصحافيين المهنيين المعتمدين غير الأجراء ومن في حكمهم، الحاملين لبطاقة الصحافي المهني، واللازمة لتسجيلهم؛ ويُعَيَّنُ المجلس الوطني للصحافة هيئة الاتصال المكلفة بموافاة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمعلومات المتعلقة بالصحافيين المهنيين غير الأجراء الحاملين لبطاقة الصحافي المهني، ومن في حكمهم، الحاملين لبطاقة الصحافة الخاصة واللازمة لتسجيلهم. 

الوضع الذي يعيشه المغرب اليوم، في ظل حكومة رجل الأعمال، عزيز أخنوش، غير مسبوق، ذلك أنه منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني لم يكن هناك ثلاثة صحفيين في السجن، بشكل متزامن، كما هو حال الراضي والريسوني وأيضا توفيق بوعشرين، مؤسس جريدة “أخبار اليوم”. 

الخيط الناظم بين هؤلاء الصحفيين الثلاثة، أنهم على درجة عالية من الاستقلالية عن السلطة، ويملكون نزعات نقدية مؤثرة، جلعت لهم مكانة وتقديرا في الشارع المغربي، كما تميزوا بفضح الفساد وسوء الإدارة، داعين إلى تحقيق ديمقراطية حقيقية في البلاد.

ففي قضية بوعشرين، أيدت محكمة النقض في اليوم الموالي لاكتساح أخنوش الانتخابات البرلمانية في 8 سبتمبر/أيلول 2021 الحكم الابتدائي القاضي بحسبه 15 سنة بتهمة “الاتجار بالبشر”، و”الشطط في استخدام السلطة لأغراض جنسية”، ثم “الاعتداء الجنسي” و”الاغتصاب”.

وأما الريسوني، والذي ترأس تحرير جريدة “أخبار اليوم” بعد اعتقال بوعشرين، فقد حكمت عليه محكمة استئناف بالدار البيضاء بخمس سنوات نافذة، في 24 فبراير/شباط 2021.

وحوكم الريسوني بتهمة الاعتداء الجنسي على أحد الشواذ، في متابعة قضائية شابها العديد من التجاوزات، وفق محاميه ومنظمات حقوقية محلية ودولية.

بدوره، يقبع الصحفي والحقوقي عمر الراضي خلف القضبان، وقضت محكمة الاستئناف في 4 مارس/آذار 2021 بحبسه ست سنوات بتهمة “الاغتصاب والتجسس”.

كما قضت المحكمة نفسها على عماد ستيتو زميل الراضي، بسنة واحدة، منها ستة أشهر موقوفة التنفيذ، بتهمة “عدم الإبلاغ على جريمة”.

وستيتو قرر مغادرة المغرب قبل أربعة أشهر من صدور هذا الحكم، مقتنعا في قرارة نفسه أن محنته مع القضاء ناجمة عن عدم شهادته ضد عمر الراضي.

وتعد الصحفية حنان بكور من آخر الصحفيين المستهدفين بالمغرب، إذ استدعيت للمثول أمام القضاء في 27 يونيو/حزيران 2022، بعد أن رفعت ضدها دعوى من التجمع الوطني للأحرار، حزب رئيس الحكومة، على خلفية تدوينات نشرتها على فيسبوك، وجرى تأجيل جلسة محاكمتها إلى سبتمبر/أيلول من نفس العام.

الملاحظ أيضا، أن التهم التي توجه للصحفيين غير المرغوب فيهم تتعلق بالحق العام، وتحديدا ما تعلق بالجنس، كالاغتصاب أو التحرش أو الاتجار بالبشر.

ولذلك، استنكرت منظمة “مراسلون بلا حدود” الترهيب القضائي الذي تلجأ إليه الحكومة المغربية لإسكات الصحفيين، وعدت أن هذا الأسلوب غير مقبول بتاتا.

وفي 19 يونيو 2022، وجه إعلاميون وحقوقيون وبرلمانيون وجامعيون، من المغرب وخارجه، نداء لأجل الإفراج عن توفيق بوعشرين، كما انتشر وسم في وسائل التواصل الاجتماعي يطالب بالحرية لسليمان الريسوني وعمر الراضي.

ويرى الباحث والصحفي الاستقصائي المغربي، عبد اللطيف الحماموشي، أن الهدف من متابعة واعتقال الصحفيين المستقلين والناشطين والمدونين المؤثرين على مواقع التواصل هو خلق جو من الخوف والرعب وسط النخب السياسية والإعلامية وداخل مجتمع المدافعين عن حقوق الإنسان.

وشدد الحماموشي في مقال نشرته “مؤسسة كارنيغي”، في 12 مايو/أيار 2022، أن من وصفها بـ “السلطوية” لا تستخدم القضاء والسجن لتخويف المعارضة وكبح جماح الصحافة المستقلة فحسب، بل تعتمد أيضا على سلاح التشهير الإعلامي الصادر عن صحف ومواقع إخبارية تعلن صراحة عن ولائها للسلطات.

وأبرز المتحدث ذاته أن إعلام التشهير يهدف أساسا إلى تشويه سمعة الفرد من خلال نشر أحداث ووقائع لا أساس لها من الصحة أو محورة عن الواقع، كما يسعى إلى تهديد المستهدفين بالاعتقال حتى قبل متابعتهم قضائيا.

وحدث هذا مع الموقع الإخباري يديره مسؤول سابق بوزارة الداخلية، والذي أعلن قرب اعتقال سليمان الريسوني، حتى قبل أن تبدأ متابعته قضائيا بما نسب إليه، بل نشر مقالات عدة تحرض عليه.

وكان عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة الأسبق، قد شن هجوما لاذعا على الصحافيين الذين يهاجمونه وحزبه واختلاق ما وصفها بالأكاذيب، خدمة لأجندات مشبوهة.

جاء ذلك في مناسبات عدة، خلال مؤتمرات حزبه الجهوية، والتي عقدت شهري أبريل/نيسان ومايو 2022، بلغت أن قال فيها إن بعض هؤلاء الصحفيين ممسوك بحبل المال، ولذلك لا يملك حرية الكلام أو التصرف.




يعبر الكاتب الصحفي يونس مسكين عن أسفه لواقع الصحافة والإعلام في المغرب، في ظل الحكومة الحالية، مشددا على أن العطب بنيوي، مما يفسر دخول البلاد في مسلسل من التراجعات في مجال الحقوق والحريات والبناء الديمقراطي والمؤسساتي.

وبعد أن انتقد مسكين التراجع المسجل عن مكاسب سابقة في مجال حرية الصحافة بالمغرب، أكد أن هذا الوضع هو نتاج انسداد كبير وقع في الفضاء العام، وأدى بالتالي إلى غياب النقاش السياسي، وهيمنة منطق القوة والنفوذ، وزواج المال والسلطة.

وعد الكاتب الصحفي أن استمرار هذا الوضع المنغلق يهدد بنتائج أكثر سوءا من الوضع الحالي، وبالتالي فقدان المزيد من المساحات المخصصة دستوريا وقانونيا للمؤسسات التمثيلية.

وحذر من أن يؤدي الوضع الحالي للصحافة والإعلام إلى بروز مراكز قوى جديدة مستفيدة من حالة الارتخاء الشامل الحاصلة في مفاصل الدولة.

وبالتالي تعميق الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب حاليا، وفتح باب المستقبل على المجهول.