العيون المغربية تشهد أكبر مسيرة منذ المسيرة الخضراء تنديداً باعتداءات البوليساريو والمطالبة بتصنيفها إرهابية

0
347

في مشهد مهيب رسم لوحة الانسجام والتوافق والولاء، حجزت فيه كافة القوى المجتمعية الحية في الأقاليم الجنوبية للمملكة  المغربية مكانا متقدما، انطلقت أكبر مسيرة تشهدها المملكة، منذ المسيرة الخضراء اواسط سبعينيات القرن الماضي، تعبيرا عن الغضب والاستنكار لمحاولات زعزعة أمن واستقرار الأقاليم الصحراوية الهادئة والمتمتعة بمشاريع التنمية والبناء والإعمار، وتأكيدا على الولاء للوطن والبيعة للعرش العلوي المجيد.

شارك الآلاف من سكان مدينة العيون؛ كبرى حواضر الصحراء المغربية، الأحد، في مسيرة حاشدة ضد الهجوم الذي تعرضت له مدينة السمارة يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأدى إلى مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين بجروح بليغة وتدمير أربعة منازل سكنية، مطالبين المجتمع الدولي بتصنيف الجبهة منظمة إرهابية.

وصدحت أصوات آلاف الصحراويين المنددين بإرهاب البوليساريو ضد أهالي الصحراء المتمسكين بالوحدة الترابية للمغرب، وحمل المتظاهرون الأعلام المغربية وصور العاهل المغربي الملك محمد السادس، ولافتات تدين العملية التي نفذت بصواريخ ضد أحياء سكنية.

وتعرضت مدينة السمارة فجر الأحد لانفجارين في منطقتين متفرقتين، أحدهما وقع بالقرب من مخيم “الربيب”، فيما وقع الانفجار الثاني بالقرب من ثكنة عسكرية تابعة للقوات المسلحة الملكية حيث يتواجد مقر بعثة المينورسو في المدينة، ويأتي هذا الاعتداء الإرهابي بعد نحو أسبوع من هجوم تبنته جبهة البوليساريو الانفصالية أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين.

وعبر مولاي حمدي ولد الرشيد رئيس المجلس الجماعي للعيون، عن تنديد شعبي واسع بهذا الاعتداء الذي استهدف مدنيين آمنين بأحياء سكنية بالعاصمة الروحية والعلمية للأقاليم الجنوبية للمملكة.

وخرج ما يناهز 100 ألف مواطن في مظاهرات حاشدة جابت الشوارع، بدءا من التجمع في ساحة أم السعد وسط المدينة، وصولا إلى ساحة المشور، وسط حضور كافة الممثلين لأطياف الشعب بمختلف انتماءاتهم الحزبية وشيوخ القبائل الصحراوية، ومشاركة الفعاليات المدنية والاقتصادية المحلية.

المسيرة دعا إليها «شيوخ القبائل الصحراوية المغربية بجهة العيون الساقية الحمراء»، الذين أصدروا بياناً أدانوا فيه «الاعتداء الغاشم والخطير الذي تعرضت له مدينة السمارة؛ العاصمة العلمية والروحية للأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، والمدينة الهادئة والآمنة معقل الشرفاء والأولياء والزوايا وطلبة العلم».

وحمل المتظاهرون الأعلام المغربية وصور العاهل المغربي الملك محمد السادس، ولافتات تدين العملية التي نفذت بصواريخ ضد أحياء سكنية، حيث شارك أعيان الصحراء وشيوخ القبائل والمنتخبون في المسيرة الحاشدة.

وحمل حمدي ولد الرشيد، رئيس بلدية العيون القيادي في «حزب الاستقلال»، لافتة كتب عليها: «لا للقصف لا للعدوان… نعم للأمن والأمان»، كما ردد مع المتظاهرين شعار: «لا للإرهاب… نعم للوحدة الترابية المغربية».

 

وأشار رئيس المجلس الجماعي للعيون إلى أن المسيرة التي دعت إليها الهيئات السياسية والمدنية هي بمثابة “تجديد دعم الساكنة القوي لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي تقدم بها المغرب”، لافتا إلى أن “هذا المقترح هو الحل الوحيد والأوحد الذي لا بديل عنه لوضع حد لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء، ولإنهاء معاناة أهالينا في مخيمات تندوف”.

ولفت أن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحظى بدعم أكثر من مائة دولة من كل جهات العالم، كما افتتحت قرابة 30 دولة ومنظمة إقليمية قنصليات عامة لها في مدينتي العيون والداخلة، مؤكدة بذلك دعمها التام لمغربية الصحراء”.

ورفع المشاركون في المسيرة الحاشدة لافتات منددة بعمل قيادة البوليساريو، جاء في أحدها: “جبهة العجاج والتراب كافيك من الإرهاب”، مع شعارات تدعو إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، وتدين تفجيرات السمارة التي تهدد السلام والأمن الإقليميين، وهو ما يعتبره المغرب خطا أحمر.

وأصدر شيوخ القبائل الصحراوية المغربية بجهة العيون الساقية الحمراء، بياناً أدانوا فيه “الاعتداء الغاشم والخطير الذي تعرضت له مدينة السمارة”. وجاء فيه “إننا نحن شيوخ القبائل بجهة العيون الساقية الحمراء، نعلن للمجتمع الدولي والأممي عن استنكارنا وتنديدنا القويين بهذا الاعتداء الجبان”.

وعدّ البيان أن “الاعتداء يتنافى مع المواثيق والأعراف الدولية، لاستهدافه مدنيين أبرياء (عزل) بمنطقة مدنية مأهولة بالسكان غير عسكرية”، واعتبر الشيوخ الموقعون على البيان أن الهجوم محاولة يائسة “لخصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية من أجل النيل والتشويش على المساعي الأممية والدولية والإقليمية الداعمة لوحدة المغرب على أراضيه”.

وأضاف البيان أن “شيوخ القبائل يستنكرون هذا الاعتداء، معتبرين أن المغرب وأراضيه وسلامة أبنائه خط أحمر، معلنين تجندهم وراء العاهل المغربي الملك محمد السادس، مباركين جميع الخطوات الحكيمة والنيرة للدفاع عن الوحدة الترابية، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية في حق الجهة التي كانت وراء هذا الفعل الإرهابي الشنيع”.

وقال عبد اللطيف بيرا أحد شيوخ القبائل الصحراوية، إن “العمل الوحشي الذي مس مدنيين بالسمارة يعتبر عملا إرهابيا وجبانا، ويؤكد بالملموس فشل أطروحة البوليساريو التي باتت تهدد أمن واستقرار منطقتنا الغالية على جميع المغاربة”.

وأشار بيرا إلى أن “المسيرة التضامنية التي يشارك فيها شيوخ القبائل الصحراوية رفقة المنتخبين والمواطنين هي دعوة للمنتظم الدولي للوقوف إلى جانب المملكة المغربية، وإدانة جبهة البوليساريو التي تجاوزت الخطوط الحمراء بتبنيها الفكر الإرهابي المدان دوليا”.

ويرى متابعون أنه الوضع لم يتغير منذ أزمة الكركرات 2020، التي كانت نقطة البداية لارتفاع تصعيد جبهة البوليساريو بعد إعلانها التنصل من اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة مع الأمم المتحدة عام 1991، مدعومة من الجزائر التي لا تريد أن يهدأ التوتر.

وقال مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، المسؤول الأمني السابق في جبهة “البوليساريو”، أن “أزمة الكركرات انتهت في 13 نوفمبر 2020 بتأمين المغرب للمنطقة ومد حزامه الدفاعي حتى الحدود مع موريتانيا، محققا بذلك انسيابية دائمة في حركة الأشخاص والبضائع عبر المعبر، وربط حدوده السيادية البرية مع إفريقيا لأول مرة منذ الحقبة الاستعمارية”، وأضاف أن “هذه الخطوة المغربية أفقدت البوليساريو ومن ورائها الجزائر الورقة الأهم، التي كانوا يأملون أن تفضي إلى محاصرة المغرب بأقل تكلفة بإبقائه معزولا جغرافيا عن إفريقيا، حيث لم يبق أمام الجبهة من سبيل لاستمرار حضورها في النزاع ولو بالحد الأدنى غير اللجوء إلى الخيار الأسوأ، وهو إعلان التنصل من اتفاقية وقف إطلاق النار والعودة إلى الحرب”.

ولفت ولد سيدي مولود في تصريح لموقه “هسبريس” المغربي أن “عودة البوليساريو إلى الحرب كان خيار ضرورة، ولم تكن لا الجبهة ولا حليفتها الجزائر الغارقة في أزمة “الحراك” جاهزين وقتها لذلك”.