“الفساد في المغرب تهيكل بأدوات محكمة وصار منظومة قائمة الذات, لا تنفع معه المسكنات والحلول الترقيعية” لكون أن “آهات الناس بسبب الفساد تسمع في كل ركن وزاوية”.
من جهته ، طالب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، النيابة العامة بإماطة اللثام عن مجموعة من ملفات الفساد ونهب المال العام، “طالها النسيان”.
وفي هذا السياق، قال الحقوقي محمد الغلوسي, رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن ملفات تحوم حول أبطالها شبهات فساد تفجرت وتابعها الرأي العام الوطني، سرعان ماطالها النسيان او امتدت اليها البرودة ،مشيرا إلى أن هذه الملفات تتعلق بالشأن العام وتفرض على النيابة العامة إماطة اللثام عنها والحرص على سيادة القانون على الجميع والقطع مع الإفلات من العقاب وتجسيد دور السلطة القضائية في مكافحة الفساد ونهب المال العام والمساهمة في تخليق الحياة العامة.
و أكد في تدوينة على صفحته في /فايسبوك/ على ضرورة كشف النيابة عن مآل عدد من الملفات، أولها ملف القناة الثانية، والذي سبق للجمعية المغربية لحماية المال العام أن قدمت بخصوصه شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء خلال سنة 2019 واستعرضت من خلال الشكاية شبهات تبديد واختلاس اموال عمومية بناء على ماورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018 وهي الشكاية التي احيلت على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والتي لم تستدعي لحدود الآن الجمعية للإستماع اليها.
وأشار رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى أنه سبق للوكيل العام للملك لدى محكمة الدر البيضاء، أن وجه تذكيرا للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بخصوص ملف القناة الثانية.
و أضاف الحقوقي، يجب التذكير أيضا بملف المركب الرياضي محمد الخامس وهو الملف الذي قدم بخصوصه الفرع الجهوي الدار البيضاء الوسط للجمعية المغربية لحماية المال العام شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء بخصوص شبهة تبديد مبالغ مالية مهمة وصلت إلى 22 مليار،وهي الشكاية التي أحالها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية واستمعت إلى رئيس الفرع الجهوي للجمعية محمد مشكور ولازال البحث لم ينته بعد.
ودعا الغلوسي، النيابة العامة إلى إماطة اللتام عن ملف “تذاكر المونديال بقطر”، والذي لم يعلن عن نتائجه الكاملة بعدما قيل بأن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لاتزال تجري أبحاثها حول الموضوع، قائلا إن كل ماحصل لحدود الآن هو محاكمة شخصين صحفي وبرلماني، معبرا عن تخوف “حماة المال العام”، من ان يكون الملف قد طوي بشكل نهائي.
وسلط الحقوقي الضوء، على ملف هدم بنايات بمدينة تمارة لعدم توفرها على الرخص الضرورية عزل عامل الإقليم ورجال سلطة، مبرزا أنه قيل بأن أبحاثا تجريها الشرطة القضائية على خلفية ذلك، إلا أن تلك الأبحاث لم تظهر نتائجها لحدود الآن رغم مرور مدة طويلة، بالإضافة إلى ملف تورط أمين مجلس الجالية وقيادي حزبي في عملية تمويل أحد الأشخاص المبحوث عنهم من اجل النصب والتزوير والإبتزاز واهانة هيئات منظمة وغير ذلك، اذ فتح الملف وتم الإستماع للمعنيين بالأمر لكن لحدود الآن لم يتخذ أي قرار بخصوص هذه القضية.
أحزاب مغربية الحكومة أجهزت على القدرة الشرائية للمغاربة ولم تلتزم بوعودها ما أدى الى توسع الفجوة الاجتماعية من خلال ارتفاع نسبة الفقر والتشرد
في سياق ذي صلة، أكد الغلوسي في بداية أبريل الجاري، أنّ الحكومة الحالية لا تعنيها قضية محاربة الفساد والرشوة، رغم خطورة ذلك على أية برامج أو سياسات عمومية موجهة للتنمية، وأوضح أنّ حكومة رجل الأعمال “لا تريد أية معارضة أو تشويش وفضلت تكميم الأفواه بعناية تامة وتتوعد كل من يتجرأ عليها”، محذّرا من “احتقار المجتمع”.
واعتبر الغلوسي أنّ حكومة رجال الأعمال “تملصت من وعودها المعسولة المقدمة للمجتمع خلال مرحلة الإنتخابات والذي يرزح تحت أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة”، ومقابل ذلك، “قامت بسحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع وسحب مشروعي قانون احتلال الملك العمومي واستغلال المعادن، والتفت عن مطالب المجتمع الرامية إلى مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
ويعيش المغرب أزمات خانقة متعددة الابعاد في ظل الاحتجاجات المتواصلة على قضايا الفساد و تنصل الحكومة من مسؤوليتها و اكتفائها بالتفرج على معاناة الشعب.
الفساد في المغرب، كما في أي بلد آخر، يعتبر تحديًا جسيمًا يؤثر على جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. من الصعب تجاهل أو إنكار وجود الفساد، وقد تأثرت الثقة العامة في المؤسسات والحكومة بسببه.
على الرغم من جهود مكافحة الفساد التي تبذلها الحكومة المغربية، إلا أن بعض التقارير والدراسات تشير إلى استمرار تحديات كبيرة تتعلق بالفساد، وتشير إلى أنه يتم تهيئة بيئة منظومية تسهل انتشاره.
في الواقع، يمكن أن يؤدي وجود أدوات محكمة ومنظومة تدعم الفساد إلى تعميق المشكلة وتعقيد جهود مكافحته. يمكن أن تشمل هذه الأدوات الفسادية تلاعبًا بالقوانين واللوائح، وسوء استخدام السلطة، وعدم الشفافية في العمليات الحكومية.
مكافحة الفساد تتطلب جهودًا شاملة ومستمرة من قبل الحكومة والمؤسسات والمجتمع المدني، بما في ذلك تعزيز الشفافية والحكم الرشيد وتطبيق القوانين بشكل صارم. إذا لم يتم التصدي بجدية لهذه المشكلة وتحقيق التغييرات اللازمة، فقد يستمر الفساد في تهديد استقرار البلاد وتنميتها على المدى الطويل.
يُشار إلى أنّ الجمعية المغربية لحماية المال العام دعت مراراً إلى فتح مسائل الاشتباه في غسيل الأموال ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشوة واستغلال النفوذ، مطالبة بمصادرة ممتلكاتهم وأموالهم لفائدة الدولة.
وطالبت بضرورة تحريك المتابعات القضائية ضدّ المفسدين وناهبي المال العام وإصدار أحكام قضائية رادعة في قضايا الفساد والرشوة ونهب الأموال العمومية، داعيةً السلطة القضائية إلى ممارسة أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد المالي والاقتصادي وربط المسؤولية بالمحاسبة.