تعرَّض عدد من البرلمانيين في الأشهر الأخيرة في المغرب لمتابعات قضائية، والبعض الآخر تم اعتقاله بسبب الاشتباه في تورطهم في قضايا لها علاقة بالفساد المالي وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ، إلى جانب الاتجار في المخدرات.
وأمام عجز الحكومة الذريع في وضع حد للفساد والمفسدين ومحاربة الإثراء الغير المشروع، طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بوقف صرف الأجور والتعويضات الخاصة بالمنتخبين في كافة المؤسسات، الذين يتابعون قضائيا في ملفات الفساد ونهب المال العام، بتهم مشينة وخطيرة، تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير وغيرها من الجرائم الخطيرة.
و أكد في تدوينة على صفحته في /فايسبوك/، على أن هماك 30 برلمانيا يتقاضون 36000 درهم شهريا لكل واحد منهم، أي مامجموعه1.080.000 درهم شهريا، فضلا عن تعويضات وامتيازات أخرى، وهو ما يشكل تبديدا وهدرا لأموال عمومية وتعميقا للريع والفساد في الحياة العامة.
وأضاف ” يحدث ذلك دون أن يقال لهم “كونوا تحشموا شويا ” بل إنهم يتمتعون “بشجاعة ” قل نظيرها ويستمرون في تقلد مسؤوليات حزبية وبرلمانية وغيرها، بل إن منهم من يعطي الدروس للمغاربة في النزاهة والشفافية”.
وأكد رئيس الجمعية، محمد الغلوسي، ضرورة منع هؤلاء الأشخاص من تمثيل المؤسسات التي ينتمون إليها في أية أنشطة رسمية داخلية أو خارجية، داعياً في تدوينة على حسابه الرسمي بـ (فيسبوك)، الأحزاب السياسية إلى تجميد عضويتهم إلى حين صدور حكم قضائي نهائي في ملفاتهم المعروضة على القضاء.
وتابع “يحدث هذا في حين يتم توقيف نساء ورجال التعليم عن العمل، ويعرضون على المجالس التأديبية مع توقيف صرف أجورهم، مع ما يترتب عن ذلك من آثار سلبية على أوضاعهم المادية والأسرية، وتهددهم الأبناك ببيع منازلهم في المزاد العلني، كل هذا بسبب احتجاجهم على أوضاعهم المزرية والمطالبة بإنصافهم”.
وتشمللائحة البرلمانيين المتابَعين في المغرب، حسب ما نشره موقع بديل نحو 30 عضواً بمجلس النواب الحالي، تم إصدار أحكام قضائية في حقهم، أو متابعين قضائياً أو في طور التحقيق.
وتضم اللائحة 27 عضوا في البرلمان الحالي تم إصدار أحكام قضائية في حقهم، أو متابعون قضائيا أو في طور التحقيق، 6 أعضاء من من حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة.
أما في حزب الأصالة والمعاصرة فقد تمت 5 برلمانيين، وفي الاتحاد الدستوري تمت متابعة 4 برلمانيين، والحركة الشعبية 3 برلمانيين، والاستقلال 3 برلمانيين، والاتحاد الاشتراكي ثلاث برلمانيين، والتقدم والاشتراكية برلمانيين اثنين، الحركة الديمقراطية الاجتماعية 1
هذه الأرقام تجعل الولاية البرلمانية الحالية واحدة من أكثر الولايات التي تمكّن خلالها برلمانيون “فاسدون” أو متهمون أو متابعون قضائياً، من الوصول إلى هذه المؤسسة التشريعية.
توقيف العديد من البرلمانيين، رغم وضعهم الاعتباري، يعطي إشارات على أن السلطات المغربية تسعى “لاجتثاث” الفساد، خصوصاً في المؤسسة التشريعية والمجالس المنتخبة، ووضع حد لمجموعة من السلوكيات التي تسيء للعمل البرلماني والسياسي في المملكة.
وكان ملف ما يعرف بـ”إسكوبار الصحراء” الأكثر جدلاً بعد أن أطاح بأسماء سياسية وازنة في البلاد، وعلى رأسهم البرلماني ورئيس نادي الوداد الرياضي سعيد الناصري، ورئيس جهة الشرق عبد النبي البعيوي، وهما القياديان في حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الحكومة.
ودعا الغلوسي كل المؤسسات المعنية لوقف نزيف الريع والفساد، والبداية من وقف صرف أجور وتعويضات البرلمانين المتابعين قضائيا، مؤكدا أن المجتمع في حاجة إلى قرارات شجاعة تعيد الثقة في المؤسسات وتعزز الأمل في المستقبل .
وسبق للغلوسي أن انتقد تصرفات وزير العدل الذي يسعى بحسبه، بكل ما أوتي من أجل التضييق على نشطاء حماية المال العام، حيث توعدهم بعقوبة سجنية تصل إلى عشر سنوات، مشيرا الى أنه يتهرب من تجريم الإثراء غير المشروع وحول هذه القضية إلى مجال للتهريج.
وانتقد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، طريقة تعامل وزير العدل مع قضية تجريم الإثراء غير المشروع وتهكّمه على الموضوع، معتبراً أنه لا معنى للمحاسبة القضائية في جرائم الفساد، دون مصادرة الأموال الناجمة عنه وصرفها في مشاريع تنموية يستفيد منها المجتمع.
في سياق ذي صلة، أكد الغلوسي أنّ الحكومة الحالية لا تعنيها قضية محاربة الفساد والرشوة، رغم خطورة ذلك على أية برامج أو سياسات عمومية موجهة للتنمية، وأوضح أنّ حكومة رجال الأعمال “لا تريد أية معارضة أو تشويش وفضلت تكميم الأفواه بعناية تامة وتتوعد كل من يتجرأ عليها”، محذّرا من “احتقار المجتمع”.
واعتبر الغلوسي أنّ حكومة رجال الأعمال “تملصت من وعودها المعسولة المقدمة للمجتمع خلال مرحلة الإنتخابات والذي يرزح تحت أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة”، ومقابل ذلك، “قامت بسحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع وسحب مشروعي قانون احتلال الملك العمومي واستغلال المعادن، والتفت عن مطالب المجتمع الرامية إلى مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
ويعيش المغرب أزمات خانقة متعددة الابعاد في ظل الاحتجاجات المتواصلة على قضايا الفساد و تنصل الحكومة من مسؤوليتها و اكتفائها بالتفرج على معاناة الشعب.
يُشار إلى أنّ الجمعية المغربية لحماية المال العام دعت مراراً إلى فتح مسائل الاشتباه في غسيل الأموال ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشوة واستغلال النفوذ، مطالبة بمصادرة ممتلكاتهم وأموالهم لفائدة الدولة.
وطالبت بضرورة تحريك المتابعات القضائية ضدّ المفسدين وناهبي المال العام وإصدار أحكام قضائية رادعة في قضايا الفساد والرشوة ونهب الأموال العمومية، داعيةً السلطة القضائية إلى ممارسة أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد المالي والاقتصادي وربط المسؤولية بالمحاسبة.