في ظل ما يعيشه المغرب من تحديات تنموية كبيرة، كشف فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالحسيمة عن الجوانب المظلمة لمنظومة الحكامة في البلاد، حيث أشار إلى أن كلفة الفساد التي تقدرها هيئة النزاهة بـ 50 مليار درهم سنويًا، ليست سوى جزء من القصة. ما يفاقم هذا الوضع هو التأخر المزمن في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، والذي يترتب عليه كلفة اجتماعية، اقتصادية، وحقوقية بالغة، تزيد من تعقيد المشهد المغربي وتؤثر على استقرار البلاد.
1. الفساد: وجه واحد من أوجه الأزمة
إن تقدير الهيئة لكلفة الفساد السنوية بـ 50 مليار درهم يعكس حجم الظاهرة في المملكة، ولكنها تعتبر هذه الكلفة مجرد “وجه واحد” من الخلل الذي يعصف بمنظومة الحكامة. هذا الفساد ليس فقط نتيجة لغياب الشفافية والرقابة، بل هو عنصر يفاقم مشكلات أخرى تشمل تأخير المشاريع التنموية، التي كان من المفترض أن تسهم في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين.
-
السؤال المطروح:
هل يمكن أن يُعزى التأخر في المشاريع التنموية بشكل أساسي إلى الفساد؟ أم أن هناك عوامل أخرى مثل ضعف الإدارة أو القصور في التنسيق بين مختلف الهيئات الحكومية؟
2. مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”: من الأمل إلى الإخفاق
أحد أبرز المشاريع التي تعرضت للانتقاد هو مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”، الذي كان من المفترض أن يكون رمزًا للطموح التنموي في المنطقة. إلا أن التأخير الكبير في إنجازه حوله إلى مثال صارخ على سوء التدبير، مما عمق مشاعر التهميش وأدى إلى اندلاع احتجاجات شعبية واسعة في منطقة الريف.
إن هذا المشروع الذي كان يعتبر أملًا لآلاف المواطنين في الحسيمة، أصبح الآن مرادفًا للإخفاق، مما يعكس حجم الفشل في التنسيق بين الحكومات المحلية والمركزية، ويطرح تساؤلًا حول جدوى التخطيط الاستراتيجي في غياب آليات رقابة فاعلة.
-
السؤال المحوري:
ما الذي أدى إلى تحول مشروع “الحسيمة منارة المتوسط” من فرصة للتنمية إلى فشل ذريع؟ وهل يكمن الحل في تحسين الخطط التنموية أم في تصحيح أساليب تنفيذها؟
3. التأثير الاجتماعي والسياسي للتأخير التنموي
تتجاوز آثار تأخير المشاريع التنموية الخسائر المالية، لتطال النسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد. فقد أظهرت الهيئة أن التأخر في إنجاز المشاريع يؤدي إلى حرمان فئات واسعة من السكان من الحصول على الخدمات الأساسية، ما يفاقم التفاوت الاجتماعي ويزيد من الإقصاء. وهذا يساهم في تدهور الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية، ويهدد الاستقرار الاجتماعي بشكل عام.
-
التساؤل المفتوح:
هل من الممكن أن يؤدي الاستمرار في هذا التأخير إلى تداعيات سياسية تؤثر على استقرار النظام السياسي في المغرب؟ وكيف يمكن تصحيح المسار لضمان عدم تفاقم هذه الأزمة؟
4. دعوات للرقابة والمحاسبة: حلول ملموسة أم مجرد كلمات؟
في محاولة لتحريك الجمود، دعت الهيئة إلى اتخاذ خطوات فورية لمعالجة أزمة التأخير التنموي، بدءًا من تفعيل الرقابة والمحاسبة. وأكدت على ضرورة نشر تقارير دورية شفافة حول تقدم المشاريع، مع تسليط الضوء على العراقيل المسؤولة عن التأخير. كما دعت إلى فتح تحقيقات شاملة للنظر في أسباب التأخير، محملة المسؤولين عن ذلك الأضرار الناتجة.
إضافة إلى ذلك، طالبت الهيئة بتعزيز دور المجتمع المدني في متابعة تنفيذ المشاريع، مما يعكس ضرورة إشراك الفاعلين المحليين والجمعيات الرقابية في اتخاذ القرارات، وضمان المساءلة.
-
السؤال الحيوي:
هل يمكن للحكومة المغربية أن تلتزم بتطبيق هذه التوصيات بشكل حقيقي، أم أن التحديات السياسية والاقتصادية ستعوق فعالية هذه الإجراءات؟
5. العدالة التنموية: مسؤولية دستورية وأخلاقية
ختمت الهيئة بلاغها بالتأكيد على أن العدالة التنموية ليست مجرد خيار، بل هي واجب دستوري وأخلاقي يقع على عاتق المسؤولين. وناشدت الحكومة المغربية بضرورة التحرك العاجل لضمان تنفيذ المشاريع التنموية وفق المعايير المحددة، مما يعيد الثقة للمواطنين في الدولة ومستقبلهم.
-
التساؤل الأعمق:
هل يمكن تحقيق العدالة التنموية في ظل الظروف الحالية؟ وما هي الإجراءات الفعالة التي يمكن اتخاذها لضمان إتمام المشاريع في الوقت المحدد وبجودة عالية؟