القانون الدولي بين هيمنة الأقوياء وتحديات العدالة: رؤية عربية لمفهوم الديمقراطية وحقوق الدول الضعيفة

0
182

في خضم النقاشات الثقافية والفكرية حول العدالة والديمقراطية، أطلق وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، تصريحات مثيرة حول مفهوم القانون الدولي ووضعه الراهن، مشيرًا إلى ازدواجية تطبيق هذا القانون الذي بات أداة بيد الدول القوية تُوظف لخدمة مصالحها على حساب الدول الضعيفة.

جاء هذا خلال ندوة “قيم العدالة والنظم الديمقراطية” التي عُقدت ضمن فعاليات الدورة الـ45 للموسم الثقافي الدولي بأصيلة، حيث اعتبر وهبي أن “القانون الدولي هو قانون الأقوياء”؛ يُصاغ ويُعدل بما يلائم مصالح الدول الكبرى بينما يُفرض بقوة على الدول الأضعف، خصوصًا في ضوء المجازر المستمرة بحق الفلسطينيين في غزة.

هل القانون الدولي أداة للعدالة أم أداة للهيمنة؟

يطرح تصريح وهبي تساؤلًا جوهريًا: هل يمكن للقانون الدولي أن يبقى أداة لتحقيق العدالة في ظل هيمنة الدول القوية عليه؟ يستدل الوزير بتجارب تاريخية مثل منطقة البلقان، حيث تفاوضت الدول الغربية مع قادة المنطقة وقت القوة، لكنها لم تتوانَ عن محاكمتهم حين فقدوا نفوذهم، في انعكاس واضح لهيمنة “قانون القوة” الذي يُطبق حين ينهزم الضعفاء بينما تتجنب الدول الكبرى المساءلة.

فهل يمكن للعالم العربي، في ظل هذا الواقع، أن يطمح إلى إصلاح القانون الدولي ليكون أداة عدالة حقيقية تعبر عن احتياجات الجميع؟

العدالة والديمقراطية: التوازن بين القيم الأخلاقية وتطبيقاتها العملية

يرى وهبي أن العدالة والديمقراطية تتقاطعان بشكل أساسي في القيم الأخلاقية، حيث تُعزز إحداهما الأخرى؛ فالديمقراطية تدعم قيم العدالة، بينما العدالة ترسخ أسس الديمقراطية. لكن وهبي يحذر من “التأويلات المفرطة” لهذه القيم التي قد تؤدي إلى انحراف التطبيق، مؤكدًا أن الديمقراطية لا يجب أن تكون مجرد نموذج سياسي، بل إطارًا أخلاقيًا عمليًا يحقق التوازن بين الحرية والمسؤولية.

فهل يمكن للدول العربية تبني نموذج ديمقراطي متوازن يمكّن العدالة من أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من الواقع المعيش؟

العدالة كجزء من حياة المواطن: كيف تصبح قيم المواطنة واقعًا ملموسًا؟

يشدد وزير العدل على ضرورة أن تصبح العدالة جزءًا من حياة المواطنين اليومية، لا أن تبقى مجرد مبدأ نظري. فالعدالة، برأيه، تحتاج إلى مؤسسات وسياسات تُفعلها لتغدو حاضرة في حياة المواطن كحق يومي، مما يتطلب من الدول العربية التفكير في كيفية تطبيق العدالة بشكل مستدام.

فما هي الآليات التي يمكن أن تعتمدها الدول العربية لترجمة مفهوم العدالة من الخطابات إلى سياسات وإجراءات ملموسة؟

التاريخ النضالي للديمقراطية: هل تظل العدالة مطلبًا بعيد المنال؟

منذ نشأتها، كانت الحركات الديمقراطية تتغذى من نضالات من طالبوا بالعدالة كقيمة أساسية لمواجهة سلطة القوة والنفوذ السياسي. ويختتم وهبي حديثه بدعوة للنظر بعمق في هذا الترابط التاريخي بين العدالة والديمقراطية، مؤكدًا أن العدالة تظل المطلب الأسمى لبناء مجتمع متوازن يدعم حقوق الأفراد في وجه قوى الاستبداد.

لكن يبقى السؤال مطروحًا: هل سيبقى هذا الطموح للعدالة رهينًا لقوى الهيمنة العالمية، أم أن الدول الضعيفة ستتمكن من بناء نموذج يحقق العدالة الحقيقية لمواطنيها؟

بهذه الأفكار، يعكس وهبي رؤية متعمقة حول التحديات التي تواجه العدالة على المستوى الدولي، مشددًا على أهمية اليقظة لمواجهة التأويلات القانونية التي قد تُسلب بها حقوق الدول الأضعف تحت مظلة “قانون الأقوياء”.