القبض على ناشطة انفصالية بجزر البليار: تصعيد البوليساريو ومسؤوليات المجتمع الدولي

0
162

في خطوة تعكس فعالية التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا، ألقت السلطات الإسبانية القبض على ناشطة موالية لجبهة البوليساريو بجزيرة مينوركا في جزر البليار.

استندت العملية إلى أدلة موثوقة تؤكد تورطها في التخطيط لعملية إرهابية والتحريض على تنفيذها ضد المغرب. هذه العملية تفتح الباب لتساؤلات أكبر حول طبيعة التصعيد العدائي للجبهة الانفصالية وداعميها، والدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي في مواجهة هذا التهديد.

تفاصيل العملية وملابساتها: تكتيكات الإرهاب الرقمي

بحسب صحيفة دياريو دي مايوركا، استغلت المتهمة منصات التواصل الاجتماعي، خاصة تطبيق تيلغرام، لنشر محتوى متطرف والتحريض على “الجهاد” ضد المغرب. وكشفت التحقيقات الأمنية عن محاولاتها للحصول على مواد لتصنيع أحزمة ناسفة، مما يعكس تطورًا في استراتيجيات البوليساريو نحو استخدام الإرهاب الرقمي لاستقطاب المتطرفين وتجهيزهم للعمليات الإرهابية.

علاوة على ذلك، تبين أن المتهمة لها صلة بجماعات إرهابية، بما في ذلك شقيقها الذي لقي مصرعه خلال هجوم استهدف مصالح مغربية في الصحراء عام 2016. هذا يعيد إلى الأذهان التساؤل حول مدى تغلغل الفكر المتطرف داخل شبكات الجبهة الانفصالية.

تصعيد البوليساريو: من الهجمات المسلحة إلى الإرهاب المنظم

اعتقال الناشطة يأتي في سياق سلسلة من الأحداث العدائية، أبرزها الهجوم الذي نفذته ميليشيات البوليساريو على مدينة المحبس قرب الجدار الدفاعي في الجنوب المغربي الشهر الماضي. استخدمت الميليشيات مركبات رباعية الدفع ومقذوفات، لكن القوات المسلحة الملكية أحبطت الهجوم باستخدام طائرات مسيرة متطورة، في عملية أظهرت جاهزية المغرب للتصدي لأي تهديد.

هذا الهجوم لم يكن الأول من نوعه، إذ سبقته اعتداءات مشابهة، مثل هجوم مدينة السمارة في أكتوبر 2023، الذي استهدف أحياء سكنية وأسفر عن خسائر بشرية ومادية. هذه الهجمات تشير إلى انتقال البوليساريو من مناوشات تقليدية إلى تبني استراتيجيات إرهابية منظمة.

دور الجزائر: داعم أم شريك في التصعيد؟

التصعيد المستمر يثير تساؤلات حول دور الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو. الدعم المالي واللوجستي الذي تقدمه الجزائر يساهم بشكل مباشر في تصعيد الأعمال العدائية، مما يضعها في مرمى الانتقادات الدولية.

لكن هل تمتلك الأطراف الدولية القدرة أو الإرادة لمساءلة الجزائر؟ أم أن المصالح الجيوسياسية تظل عائقًا أمام تحميلها مسؤولية زعزعة الاستقرار الإقليمي؟

نجاح التعاون المغربي-الإسباني كنموذج إقليمي

التنسيق بين الرباط ومدريد أثبت نجاحه في مواجهة التهديدات الإرهابية. العلاقة المتينة بين البلدين، والتي تعززت بعد زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للمغرب في فبراير الماضي، أصبحت نموذجًا للتعاون الاستخباراتي في المنطقة.

إسبانيا تعتمد بشكل متزايد على الخبرة المغربية في مكافحة الإرهاب، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من إحباط العديد من المخططات الإرهابية العابرة للحدود، بفضل جاهزيتها العالية وتوظيفها لتقنيات متقدمة.

استراتيجيات المغرب: من الأمن الوطني إلى الإقليمي

المغرب يُعد شريكًا دوليًا رئيسيًا في مكافحة الإرهاب. إلى جانب جهوده الوطنية، يساهم في تعزيز الأمن الإقليمي من خلال برامج تدريبية وإطلاق مبادرات دولية. مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالرباط، الذي تأسس في 2021، يعتبر من أبرز هذه الجهود، حيث أسهم في تدريب أكثر من 1500 عنصر أمني من 30 دولة أفريقية، مما يعزز قدرات القارة في التصدي للتهديدات المشتركة.

الدور الريادي للمغرب لم يقتصر على الجانب العملياتي، بل يشمل تطوير استراتيجيات شاملة لمكافحة التطرف، تشمل التعاون مع هيئات دولية مثل المنتدى العالمي لمحاربة الإرهاب.

التحديات الدولية: هل يتحرك العالم؟

مع كل تصعيد جديد، تبرز تساؤلات حول مسؤولية المجتمع الدولي تجاه دعم المغرب في مواجهة هذه التهديدات.

  • هل سيواجه المجتمع الدولي الجزائر ويضغط عليها للحد من دعمها للبوليساريو؟

  • ما هو دور الأمم المتحدة، خاصة بعثة المينورسو، في مواجهة الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار؟

  • كيف يمكن تعزيز آليات التعاون الدولي لدعم الاستقرار الإقليمي؟

ختامًا: خيارات المغرب أمام التصعيد

مع استمرار الهجمات والتصعيد العدائي، يواجه المغرب تحديات كبيرة تتطلب استراتيجيات متجددة، تشمل تعزيز التحالفات الدولية وتكثيف الجهود الدبلوماسية لتسليط الضوء على التهديدات الأمنية التي تشكلها البوليساريو وداعموها.

في الوقت نفسه، تبقى جاهزية القوات المسلحة الملكية ويقظة الأجهزة الأمنية المغربية عوامل حاسمة في حماية أمن واستقرار المملكة.

لكن يبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا التصعيد دون تدخل دولي حاسم يضع حدًا للتهديدات التي لا تستهدف المغرب وحده بل الاستقرار الإقليمي ككل؟