قرّر الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة الاستئناف بمراكش إغلاق الحدود في وجه عدد من المسؤولين والمنتَخبين المحليين المتهمين بتفويت عقارات تعود إلى ملكية الدولة، لشخصيات سياسية ومنعشين عقاريين بثمن رمزي قصد الاستثمار.
وجاء هذا القرار بناء على شكاية رفعتها “الجمعية المغربية لحماية المال العام” فرع مراكش إلى القضاء.
وتتضمن قائمة الممنوعين من السفر خارج المغرب الوالي السابق عبد الفتاح البجيوي.
– العمدة السابق لمدينة مراكش العربي بلقايد عن حزب العدالة و التنمية.
– نائب العمدة السابق يونس بنسليمان عن حزب التجمع الوطني للأحرار.
– مدير الوكالة الحضرية السابق خالد وية.
– عبد العزيز البنين البرلماني السابق وعضو مجلس جهة مراكش آسفي.
– إسماعيل أومغاري نائب عمدة مراكش حاليا و رئيس سابق لمقاطعة سيدي يوسف بن علي.
– مديران سابقان للأملاك المخزنية: بوعلالة نور الدين و العمري مولاي ادريس.
– المدير السابق للمركز الجهوي للاستثمار عبد الرحيم خير الدين.
– رئيس قسم التعمير السابق بولاية الجهة رشيد لهنا.
– صاحب وحدة فندقية بحي جليز عبد الحميد المتعلق بالله.
فصّل الحقوقي محمد الغلوسي, رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تدوينة، كل حيثيات القضية، التي كانت موضوع شكاية تقدم بها الفرع الجهوي في مراكش، وذلك “حول شبهة تبديد العقار العمومي في الجهة، تحت ذريعة الاستثمار، وتفويت العقار العمومي لشخصيات سياسية ومنعشين عقاريين بثمن رمزي وذلك بتوظيف ما سمي بلجنة الاستثناءات التي كان يرأسها الوالي الأسبق”. ووفق التدوينة، فإن الشكاية أحيلت في حينها “على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي أجرت أبحاثها وتحرياتها بخصوص هذه القضية واستمعت لصافي الدين البودالي رئيس الفرع الجهوي للجمعية”.
وتابع الغلوسي سرده لتفاصيل المسار الذي سلكته الشكاية، بالوصول إلى ما بعد انتهاء الأبحاث، حيث “أحالت الناتج على الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة الاستئناف بمراكش والذي قرر المطالبة بإجراء تحقيق في مواجهة مجموعة من المشتبه فيهم من أجل تبديد أموال عمومية والتزوير في وثائق رسمية كل واحد حسب المنسوب إليه”.
وتوزعت التدوينات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عناوين الأخبار الواردة في عدد من الجرائد الإلكترونية المغربية، بين ذكر قرار إغلاق الحدود وبين تحليل تفاصيل القضية فيما اختار مدونون التأكيد على أن هذا “موسم سقوط الرؤوس الفاسدة وأن القانون فوق الجميع”.
بالنسبة لـ “الجمعية المغربية لحماية المال العام”، وعلى لسان رئيسها الغلوسي من خلال ما كتبه على الفيسبوك، فلم يعجبها قرار إغلاق الحدود في وجه المتابعين في الملف، واعتبر المحامي، أن “ملتمس الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة الاستئناف بمراكش الرامي إلى اتخاذ إجراء إغلاق الحدود في وجه المشتبه فيهم مع سحب جواز سفرهم، مخالف لكل التكهنات التي سبقت هذه القضية والتي كانت توحي بالتماس الوكيل العام للملك من قاضي التحقيق إيداعهم السجن”.
ويتابع الغلوسي توضيحاته بشأن سجن المتابعين وليس إغلاق الحدود في وجههم فقط، بكون “هذا الملتمس لا ينسجم مع القرارات الحازمة والشجاعة المتخذة من طرف النيابات العامة الأخرى بخصوص ملفات الفساد المالي”، وأعطى نموذج النائبين العامين في كل من محكمتي الدار البيضاء وفاس. ووصف المحامي الغلوسي القرار بـ”المخيب لانتظارات وتطلعات المواطنين بجهة مراكش أسفي، والتي تعرف شيوعا للفساد ونهب المال العام واستغلال البعض لمواقع المسؤولية لمراكمة الثروة بشكل غير مشروع.”
وبالنسبة للغلوسي، فإن الرأي العام المحلي في مراكش، يراهن “على الدور القوي للسلطة القضائية في التصدي للفساد ونهب المال العام عبر قرارات صارمة تقطع مع الإفلات من العقاب وترسل إشارات قوية لكل لصوص المال العام بالجهة”.
وأضاف رئيس الجمعية متحدثا عن قرار النائب العام لمراكش، بأنه “لا يتجاوب مع الظرفية الراهنة ويعاكس إرادة الدولة في محاربة الفساد والتي يمكن الوقوف عندها من خلال القرارات التي اتخذت أمنيا وقضائيا في ملفات مشابهة خلال تفكيك بعض الشبكات المتورطة في الفساد والرشوة، خاصة وأن ملف تبديد أملاك الدولة بجهة مراكش أسفي والمحال على قاضي التحقيق لا يختلف عن الشبكات التي تم تفكيكها وطنيا”.
يشار إلى أن عددا من القضايا ستتواصل المحاكمات بخصوصها خلال الأيام المقبلة، وسيتزامن نزول “ملفات ثقيلة” أمام القضاء في مواعيد متقاربة، ويتعلق الأمر بملف الوزير السابق والبرلماني محمد مبديع الذي يقبع حاليا في السجن بالدار البيضاء بتهم تبديد أموال عمومية وشبهات الفساد، وملف آخر ثقيل جدا بتعبير المغاربة، ويتعلق الأمر بقضية “إسكوبار الصحراء” ومحاكمة سعيد الناصيري الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي، ورئيس مجلس محافظة الدار البيضاء وعبد النبي بعيوي رئيس مجلس جهة الشرق ومن معهما في قضية بارون المخدرات من دولة مالي، حيث يوجد الجميع في السجن بالدار البيضاء.
في سياق متصل، انتقل ملف لصوص العقارات إلى مجلس النواب المغربي، الذي ناقش في أكثر من جلسة هذا الموضوع، حيث ساءل برلمانيون وزير العدل (المعني بالملف)، بخصوص تداعيات هذه الظاهرة، لا سيما كثرة المنازعات العقارية أمام المحاكم المتخصصة، بعد أن صدت الأبواب في وجه المتضررين لاسترداد ممتلكاتهم العقارية.
ووفق أسئلة عدد من النواب، فإن “لوبيات تستقوي بنفوذها المالي لمراكمة ما تحصل عليه من عقارات، وتقوم بتسخير ذلك لتذليل القانون واستغلال ثغراته للاستيلاء على عقارات الغير بأساليب خبيثة، وهو ما يتوجب معه جدية مصالح الدولة في التصدي لهذه الممارسات.
ورد وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي على هذه الأسئلة، مؤكداً أنه لمواجهة السطو على العقارات والممتلكات استصدرت الحكومة مجموعة من النصوص القانونية بهدف توحيد العقوبات ضد جرائم التزوير بين جميع المهنيين المتخصصين بتحرير العقود، من موثقين وعدول ومحامين.
وتفيد معطيات رسمية حديثة لوزارة العدل المغربية بأنه يوجد في المغرب 8299 عقاراً مهملاً، من بينها 4037 عقاراً مهملاً لم تتم تسوية أوضاعها القانونية، مما يجعلها مهددة بالسطو عليها من طرف أشخاص ذاتيين، أو من خلال شبكات وعصابات متخصصة في الاستيلاء على عقارات وممتلكات الغير، لا سيما التي يمتلكها المغتربون الذين لا يفدون بكثرة إلى البلاد.