بعد يومين من أحداث الشغب التي عرفتها مبارة الوداد الرياضي السرغيني والنادي المكناسي لكرة القدم عرضت،اليوم الإثنين، عناصر المنطقة الأمنية بمدينة قلعة السراغنة، حوالي 14 متورط في أعمال الشعب من جماهير الفريقين على النيابة العامة المختصة لدى المحكمة الابتدائية، على خلفية أحداث الشغب التي عرفتها مقابلة جمعت الفريقين، يوم السبت الماضي، بالملعب البلدي بعاصمة السراغنة، برسم فعاليات الدورة الثانية من بطولة الهواة.
وأفاد بلاغ أمني، عن توقيف وضبط 14 شخصا للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال الشغب وإلحاق خسائر مادية بممتلكات عامة وخاصة، على إثر العمليات الأمنية التي باشرتها مصالح المنطقة الإقليمية للأمن بمدينة قلعة السراغنة، فاتح أكتوبر الجاري، على هامش مباراة كرة القدم التي جمعت بين فريقي الوداد الرياضي السرغيني والنادي الرياضي المكناسي.
وكانت أحداث عنف خطيرة، قد اندلعت، السبت، بين جماهير الوداد الرياضي السرغيني وأنصار النادي المكناسي، خلال المباراة التي جمعت الفريقين على أرضية الملعب البلدي بقلعة السراغنة، ضمن بطولة الهواة.
وخلفت الأحداث إصابة عدد من الجماهير وعناصر الشرطة، ضمنهم رئيس المنطقة الإقليمية لأمن قلعة السراغنة بجروح على مستوى الأنف وبعض أفراد القوات المساعدة، نقلوا على أثرها الى قسم المستعجلات بالمستشفى الاقليمي.
واندلعت المواجهات بين أنصار الناديين، إثر احتجاج جماهير قلعة السراغنة على حكم المقابلة بسبب عدم إعلانه لضربتي جزاء اعتبرها لاعبو الفريق السرغيني مشروعتين، مما دفع الحكم لإيقاف المباراة لأزيد من نصف ساعة، قبل استئنافها، بعد قيام رجال الأمن الوطني بإخراج جمهور الفريق المحلي من الملعب وفرار عدد كبير من المتفرجين من مدرجات الملعب البلدي خوفا من اصابتهم بالحجارة.
ويشير بلاغ الأمن المحلي، الى أن المشتبه فيهم، تم توقيفهم على خلفية ضبطهم متلبسين بارتكاب أفعال إجرامية تتوزع بين تبادل العنف الجسدي والرشق بالحجارة وحيازة السلاح الأبيض، وهي الأفعال التي أسفرت عن تسجيل خسائر مادية بسيارة للشرطة، فضلا عن تعرض موظفي شرطة، وهم رئيس المنطقة الإقليمية للأمن بقلعة السراغنة ومفتش شرطة، لإصابات جسدية استدعت نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية.
وقررت الحكومة المغربية في نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، السماح بعودة الجمهور للملاعب “استناداً إلى المقتضيات القانونية المتعلقة بتدابير حال الطوارئ الصحية والتطورات الإيجابية في شأن الوضعية الوبائية بالبلاد، وذلك بعد حوالى عامين من قرار منع الجماهير من حضور المباريات، وشهد قرار السماح بعودة الجماهير للملاعب جدلاً زادت من حدته أحداث “الأحد الأسود”، إلا أن اليازغي رأى أن قرار فتح الملاعب كان أمراً صائباً، باعتبار أن مبررات إغلاقها أمام الجمهور انتفت، بما أن المغرب تمكن من تجاوز جائحة كورونا، وأصبحت تسجل أرقام متدنية بخصوص الإصابات، مشيراً إلى أن السلطات المغربية كانت أكثر راديكالية في اعتماد الإجراءات الاحترازية خلال الجائحة مقارنة مع باقي الدول، على اعتبار أنها كانت من الدول القليلة الأولى التي بادرت إلى إغلاق الحدود والملاعب والمطارات حرصاً منها على سلامة مواطنيها، في الوقت الذي قررت فيه بعض الدول فتح الملاعب للجمهور، وهي لا تزال تسجل عدداً مهماً من حالات الإصابة بفيروس كورونا.
ورغبة منها في تضييق الخناق على ظاهرة الشغب في الملاعب، قامت السلطات المغربية باعتماد إجراءات عدة يبقى أهمها إصدار قانون مكافحة الشغب المعروف بـ “قانون 09-09” في صيف العام 2011، والذي قام بتجريم أعمال العنف في المجال الرياضي، بتجريمه التحريض على التمييز العنصري والكراهية أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية، كما يجرم أعمال العنف التي ينتج منها ضرب وجرح أو أي نوع آخر من أنوع العنف أو الإيذاء، وكذلك أعمال العنف التي ينتج منها إلحاق أضرار مادية بأملاك عقارية أو منقولة مملوكة للغير، مع مضاعفة العقوبة بالنسبة إلى المحرضين والمدبرين لتلك الأعمال، كما يجرم القانون كل من أسهم في أعمال عنف في الطرق أو الساحات العمومية أو غيرها من الأماكن العمومية، سواء ارتكبت هده الأفعال قبل أو أثناء أو بعد التظاهرة.
وأوضح الباحث في السياسات الرياضية أن القانون على الرغم من وجوده منذ حوالى 11 عاماً، إلا أنه لا يتم تطبيقه بالصرامة الكافية، مشيراً إلى سياق حراك 20 فبراير (شباط) 2011، والذي أرغم السلطات العمومية لاعتماد نوع من الليونة بهدف تفادي الاحتكاك مع الجماهير في ظرف حساس من تاريخ البلاد، وأكد أن “الأمر لم يعد مبرراً حالياً بأن تكون السلطات متكاسلة في تطبيق القانون، لأن ما شهدناه هو نتاج لذلك التساهل في تطبيق القانون”.
وأشار اليازغي إلى أنه “على الرغم من أن القانون نص على ضرورة تأسيس وزارة الشبيبة والرياضة للجنة محلية لمكافحة الشغب، مهمتها التنسيق بين الأندية وبين السلطات المحلية، وبين باقي المتدخلين من أجل إنجاح المباريات في جو سليم، إلا أنه لم يتم إنشاؤها حتى الآن”.
وأقر اليازغي بأن المقاربة الأمنية التي تعتمدها السلطات بالملاعب فشلت في الحد من ظاهرة الشغب، موضحاً أنه لا يمكن وضع رجل أمن لكل متفرج، ومضيفاً أنه تم خلال مباراة الأحد تحديد قدر معين من المتفرجين الذي يتوجب حضورهم، وعلى الرغم من أن السلطات الأمنية تتحسب في كل مباراة لاحتمال وقوع أعمال شغب، إلا أن ما حصل في “الأحد الأسود” تجاوز كل التوقعات والاحتمالات في مجال التدابير الأمنية. واقترح الباحث اعتماد مراقبة مواقع التواصل بهدف معرفة تفاصيل الاستعداد التي تعتمدها الجماهير الرياضية قبل المباراة والتنسيق الذي يتم بين أفراد جماعات “الألتراس” من أجل الحد من خطورة تلك الظاهرة.
وأشار الباحث في السياسات الرياضية إلى أن محاربة الشغب في الملاعب تتطلب سياسة حكومية واضحة، وليس فقط إجراءات شكلية من قبيل تنظيم ندوات في الموضوع، موضحاً أن مكافحة تلك الظاهرة ليست بيد وزارة الداخلية والأندية وغيرها، بل يتطلب الأمر اعتماد سياسة شمولية تجمع بين مختلف المتدخلين، لا سيما جمعيات المشجعين، من أجل التوافق على ميثاق واضح يضمن الحد من هذه الظاهرة.