في خطوة وُصفت بأنها “تصريحية وليست قانونية”، أيد 71 عضوًا من الكنيست الإسرائيلي مقترحًا يدعم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، بما يشمل غور الأردن، وهي أراضٍ تحت الاحتلال منذ عام 1967. ورغم غياب القوة القانونية الملزمة لهذا القرار، إلا أن وزنه الرمزي والسياسي يضعه ضمن أخطر التحولات في المسار الصهيوني المعاصر، ويكشف بجلاء عن أزمة أعمق في المنظومة الدولية التي ما تزال عاجزة عن فرض قرارات الشرعية الدولية.
الرمزيّة تغلف الواقعية: ماذا يعني “قرار بلا قوة قانونية”؟
رغم الطابع غير الإلزامي للتصويت، إلا أن ما يحمله من مضامين سياسية لا يمكن استبعاده من سياق متصاعد من التهويد والتطبيع القسري للواقع الجغرافي والسياسي في الأراضي المحتلة. فمجرد تمرير مقترح كهذا داخل البرلمان، وبتأييد الأغلبية، يشكّل اعترافًا مؤسساتيًا بإمكانية تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها القانون الدولي.
هذه المرة، لا يجري الضمّ عبر إعلان رسمي كما حدث في القدس الشرقية أو هضبة الجولان، بل عبر ما يمكن تسميته بـ”الضم الرمزي المرحلي” الذي يراكم مشروعية وهمية تبرر خطوات لاحقة أكثر جرأة.
ما وراء الاقتراح: صعود القومية الدينية وتآكل حل الدولتين
ما يثير الانتباه أن المبادرين للمقترح ينتمون إلى أقصى اليمين الإسرائيلي: حزب “القوة اليهودية” و”الصهيونية الدينية”، بدعم من نواب الليكود. هذا يعكس التحوّل البنيوي داخل إسرائيل من دولة تحاول مواراة الاحتلال بسياسات مؤقتة، إلى دولة تُمأسس مشروع الضم الكامل، وتعيد صياغة روايتها التاريخية على قاعدة أن “يهودا والسامرة” جزء لا يتجزأ من الوطن اليهودي.
في هذا السياق، لم يعد حلّ الدولتين مطروحًا حتى كأداة دبلوماسية. صوّت الكنيست في يوليوز 2024 ضد قيام دولة فلسطينية، في تجاهل صريح لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار 2334 (2016) الذي أدان الاستيطان وطالب بإنهاء الاحتلال.
ازدواجية الخطاب الإسرائيلي: الأمن ذريعة… والتوسّع هدف
الخطاب التبريري لمبادرة الضم يعتمد على ثلاث مرتكزات:
-
التهديد الأمني بعد 7 أكتوبر 2023؛
-
رفض الدولة الفلسطينية بالإجماع الوطني؛
-
تثبيت السيطرة اليهودية الكاملة على “الوطن التاريخي”.