اللقاح غير اجباري لكنه أصبح إجبارياً.. اللقاح الإلزامي للمواطنين سلاح الحكومة في حصار كورونا !!؟

0
285

أينما وليت وجهك في المغرب، لا تجد أحداً مستعداً للحصول على اللقاح، فالكل خائف، ان تكون هذه تجربة أولية عليه، والكل يقول لك ان شركات الادوية، كثيرا، ما انتجت ادوية في الدول الغربية وعادت بعد سنين واعترفت بأخطارها، او آثارها الجانبية، وسحبتها من الأسواق، ودفعت تعويضات مالية مذهلة في تلك الدول.

اما في العالم الثالث، فنحن لا يأبه بنا احد، حتى لو قتلنا هذا الدواء، او ذاك، ولا احد يعترف لك بحق اذا تضررت من أي دواء، ولا يوجد وسيلة لمقاضاة المنتج للقاح، او جعله يدفع كلفة ثمن الخطأ أو الأضرار.

لكن جزء كبير من المغاربة محتارين ومشوشون اليوم، يبحثون عن حل لمسألة فعلاً محيرة ” الحكومة تقول إن التلقيح في المغرب غيرُ إجباري، بينما التوفر على جواز التلقيح أصبح إجباريا في جميع مناحي الحياة اليومية للمواطنين. مما يعني ضمنيا، أن التلقيح بات إجبارياً، وهو ما خلق توجساً ليس فقط لدى المترددين في أخذ التلقيح الأول والثانث وحتى الثالث المضادة لكورونا، ما دفع الحكومة والسلطات لاتخاذ قرار إجبار المواطنين على الحصول على لقاح كوفيد-19، كشرط للحصول على الوثائق الرسمية من تجديد البطاقة الوطنية (شهادة السكنى من الأمن ) وأيضا (شهادة السكنى من المقاطعة) واللائحة طويلة.

من جهتها، تحاول الحكومة وقف نزيف فيروس كورونا، لذا قررت عدم السماح بدخول أي موظف لم يتلقى اللقاح إلى مكان عمله، كما تقرر بداية من الأول من ديسمبر الجاري عدم السماح لأي مواطن بدخول أي منشأة حكومية لإنهاء إجراءاته إلا بعد تأكيد الحصول على “جواز التلقيح”.

كما أنه تم تلقيح جميع طلاب الجامعات والمدارس والموظفين والمدرسين والعمال دون استثناء أحد، تنفيذا لتوجيهات الحكومة بالاهتمام بتلقيح الطلاب، وسيتم منع الغير مطعمين من الدخول للجامعات أو المدارس، وذلك للسيطرة على فيروس كورونا، وحماية المواطنين من الإصابة وتخفيف الأعراض في حال الإصابة.

هل إجبار المواطنين على اللقاح يحد من تفشي الفيروس؟

حرصت وزارة الصحة على تبرير هذا القرار، مستدلة بعدة معطيات منها أن ستة ملايير شخص عبر العالم تلقوا اللقاح بدون مشاكل كبيرة، وأن دراسات أجريت على ملايين البشر أثبتت نجاعة اللقاحات، وأن دولا لم تلقح سكانها بالقدر الكافي تعرف موجة عالية من الإصابات، وأن بلادنا على أعتاب موجة جديدة من وباء كورونا خلال الشهر المقبل، وأن تباطؤ عملية التلقيح يكلف المملكة اثنين في المائة من النمو الاقتصادي…

وقال وزير الصحة، خالد آيت الطالب، إن جواز التلقيح وثيقة ووسيلة يعتمدها المغرب في إطار محاربة الجائحة، مضيفا أن المملكة سجلت أرقاما مهمة في صفوف الملقحين سواء بالجرعة الأولى أو الثانية، والأمر نفسه مع الجرعة الثالثة.
وبرر آيت الطالب، فرض الإدلاء بهذه الوثيقة في الأماكن والفضاءات العامة، والتنقل بين المدن، وفي الفضاءات التجارية وداخل المصالح الإدارية، بالحفاظ على المكتسبات التي حققها المغرب والمتمثلة في استقرار الحالة الوبائية، وكذا مخافة ظهور بؤر جديدة مهنية أو تجارية أو غيرها.

وأكد وزير الصحة،  أن عدوى كورونا عند غير الملقحين تنتشر بسهولة، أكثر من 50 في المائة، لهذا فجواز التلقيح يكون رهن إشارة المواطنين وأرباب العمل، وليست السلطات العمومية هي من يراقب، وإنما كل شخص مسؤول عن نفسه، ومحله التجاري، ومؤسسته… معتبرا أن قبول هؤلاء للأشخاص الملقحين يجنبهم ظهور بؤرة وانتكاسة وبائية داخل محلاتهم.

لكن القرار أثار بعض ردود الفعل الرافضة على مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى أنه “تقييد للحرية”، وعلى اعتبار أن التلقيح يظل اختياريا، وهو ما انعكس على بعض المناطق التي شهدته زحاما للحصول على التطعيم. 

الخط البياني للقصة، يقول ان اللقاح سيكون اجباريا في وقت لاحق، حتى لو نفى الرسميون ذلك، لكنهم يصدقون الان، بنفي اجباريته، لكونهم غير مضطرين لفرضه، لكن اذا ثبتت مأمونيته، فلا يمكن ان تبقى كثير من القطاعات معطلة، وسيكون الحل فرض اللقاح.

أخطر ما في كل قصة اللقاح، ان لا احد يعرف الآثار الجانبية على المدى المتوسط والبعيد، فقد يتم اختبار رد فعل الجسم، فور تلقي اللقاح، او في الفترة الأولى، لكن لا أحد لديه إجابة عن تأثيرات اللقاح بعد عام او عامين، او اكثر، وعلاقة اللقاح بالأمراض المزمنة على المدى المتوسط والبعيد، خصوصا، السكري والقلب والضغط، وهي منتشرة في الأردن، بشكل كبير.

ربما نجحت الحكومة في إعطاء اللقاح لمن يقفون في الخطوط الأولى، في معركة كورونا، لكن المشكلة تكمن في اقناع الناس، بعد أن اصبح اللقاح متوفراً ، وهنا أصبحت العقدة بين كونه غير اجباري، وليس من حق احد اجبار احد عليه، وبين اشتراط قطاعات كثيرة الحصول عليه مسبقا، من قطاع السفر، وصولا الى بقية القطاعات، بما حوله فعليا الى لقاح اجباري، وبشكل تدريجي، حاله حال بقية اللقاحات والمطاعيم التي رفضها الناس في البدايات، لكنهم اصبحوا يحرصون عليها اليوم.

والواقع أن الحكومة جانبت الصواب في قرارها بفرض جواز التلقيح على عموم المواطنين للولوج إلى المؤسسات العمومية والخاصة، فالحوار سيكون أفضل ألية لمجابهة إنتشار فيروس كورونا.

فإقدام السلطات فرض “جواز التلقيح” بهذا الأسلوب الذي يعتمد لغة المنع و الزجر بمعنى “التحكم” وليس تدبير الشأن العام، يعبر عن غياب المنطق السليم و الحجة العلمية، بل و ضعف الكفاءات الطبية و العلمية في البلاد التي تتولى الاشراف على إدارة أزمة كورونا ، كنا نود أن تنظم الحكومة ندوة وطنية تجمع الخبراء و المختصين  بالداخل و الاستعانة بمغاربة العالم و لما لا دعوة “منصف السلاوي” لإعطاء محاضرة و تصور في هذا الشأن، و الغاية بالنهاية  إجابة المغاربة عن جملة مخاوف من مخاطر اللقاح و تأثيراته الأنية و المستقبلية ، فالزجر لن يأتي إلا بنتائج عكسية.

الجميع متفق على أن صحة الإنسان من بين الأولوية، لكن من الخطأ أن تقول وزارة الصحة منذ البداية أن التلقيح إختياري وليس اجباري، في حين تفرض على المواطنين بطريقة غير مباشرة إجبارية التلقيح، لأن غير الملقح سوف يحرم من كثير من الحقوق الطبيعية و المضمونة دستوريا و بموجب مواثيق  دولية لها سمو حتى على الدساتير الوطنية، كان أولى بالحكومة الحرص على  تنزيل و توفير هذه الحقوق ” الصحة و التعليم و الشغل و العيش الكريم التي هي محل إجماع الجميع، أما التركيز على جواز التلقيح ، بذريعة   حماية الصحة العامة ففي ذلك مجانبة للصواب و للحس للمنطق السليم .. نحن مع حماية أرواح كل الناس ، بتوفير خدمات صحية جيدة ، بالحرص على رفع الوعي بأهمية إجراءات السلامة الفردية، الدولة قالت منذ البداية أن التلقيح إختياري و السبب في انها لم تجعله إجباري هو التخوف من تحمل المسؤولية عن الأضرار غير المتوقعة التي يمكن أن يتعرض لها الملقحين على المدى الاني او المتوسط، هذا النقاش حكم العالم و شكل عنصر هام منذ بداية إكتشاف اللقاحات…التوجه نحو جعله إختياري فيه قدر كبير من الصواب.

وفرض “جواز التلقيح ” بهذا الأسلوب الارتجالي فيه المساس بالعديد من الحقوق المدنية و السياسية، وهذه  الفئة من الحقوق تحمي حرية الأفراد من التعدي من قبل الحكومات والمنظمات الاجتماعية والأفراد، والتي تضمن قدرة الفرد على المشاركة في الحياة المدنية والسياسية للمجتمع والدولة دون تمييز أو اضطهاد.

كما تشمل الحقوق المدنية ضمان التكامل الجسدي والعقلي للشعوب، والحياة والسلامة، الحماية ضد التمييز على أساس العرق أو الجنس أو الأصل الوطني أو اللون أو الميول الجنسية أو العرق أو الدين، أو الإعاقة، والحقوق الفردية مثل الخصوصية، وحرية الفكر والضمير والكلام والتعبير والدين والصحافة والتجمع والتنقل.

وايضاً تشمل الحقوق السياسية العدالة الطبيعية (العدالة الإجرائية) في القانون، مثل حقوق المتهم، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة؛ الإجراءات القانونية الواجبة. الحق في طلب التعويض أو التقاضي. وحقوق المشاركة في المجتمع المدني والسياسة مثل حرية تكوين الجمعيات، والحق في التجمع والحق في تقديم التماس، والحق في الدفاع عن النفس، والحق في التصويت.

وقد اعتمد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 2200A (الحادي والعشرون) في 16 ديسمبر/كانون الأول عام 1966، ودخلت حيز النفاذ في 23 مارس/أذار 1976….

لسنا ضد التلقيح بالمطلق لكن على أن يظل قرار شخصي و إختياري، قرار أخذ الجرعة من عدمه بيد الفرد لأنه هو المسؤول عن صحته، و في بعض الحالات من الجائز فرضه على فئات معينة، لأنها أكثر عرضة للعدوى لكن بأسلوب الإقناع و إعطاءهم ضمانات قانونية وصحية و تامين ضد المخاطر الصحية الآنية و المستقبلية..

لكن السؤال هل تكفل القوانين الحرية للمواطنين بعدم أخذ اللقاح، وكيف نوازن بين ممارسة المواطن حقه في عدم أخذ اللقاح ومسؤوليته الاجتماعية؟

هذا ما تجيب عنه منظمة الصحة العالمية بأنه “من الصعب جداً إجبار أحد على أخذ اللقاح، ولكن لكل دولة التشريعات والقوانين الخاصة بها”.

ولكن يقع على الفرد مسؤولية أمام مجتمعه، كما قال جان جاك روسو في نظرية العقد الاجتماعي، أن للمواطن حقوقاً إنسانية يجب أن تقدم إليه، وهو في الوقت نفسه يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها ليحرص على التوازن المجتمعي.

 

 

معاذ المرابط : موجة انتشار متحور أوميكرون في المملكة “ستكون الأسرع والأقصر”