في مقال ناري يحمل عنوانًا صادمًا، “حذار من جشع تيار ليبرالي غير وطني.. الافتراس منهجه”، يوجه الوزير السابق عزيز رباح تحذيرًا شديد اللهجة من تيار ليبرالي يصفه بـ”المفترس”، متهمًا إياه بتقويض الثوابت الوطنية واستغلال الموارد العامة لتحقيق مصالحه الخاصة.
يطرح رباح رؤية نقدية حادة لهذا التيار، الذي يزعم الانفتاح والحداثة بينما يمارس الاحتكار والاستغلال. فما هي أبعاد هذا التحذير؟ وما مدى صحة هذه الاتهامات؟ وكيف يمكن فهم هذا الخطاب في سياقه السياسي والاقتصادي؟
1. التيار الليبرالي المفترس: من هم؟
يصف رباح التيار الليبرالي المفترس بأنه مجموعة تسللت إلى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، من الإدارة إلى الإعلام والفن والاقتصاد. وفقًا لرباح، هذا التيار لا يؤمن بالتنوع أو الانفتاح، بل يعمل على تكريس المحسوبية والقرابة المصلحية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن تحديد هذا التيار بشكل دقيق؟ وهل يمكن اعتبار كل ليبرالي “مفترسًا”؟ أم أن رباح يستخدم هذا المصطلح لوصف فئة محددة من النخب الاقتصادية والسياسية؟
2. الافتراس الاقتصادي: الاحتكار واستنزاف الموارد
يركز رباح على الجانب الاقتصادي لتياره المفترس، متهمًا إياه بالاحتكار ورفض التنافس، وتهريب الأموال، والاستفادة من التحفيزات الحكومية دون الالتزام بالواجبات. يطرح هذا الاتهام تساؤلات حول دور الدولة في مراقبة الأسواق: هل فشلت الدولة في ضبط الاقتصاد؟ أم أن هناك قوى خفية تعمل على إفشال سياساتها؟ وهل يمكن اعتبار هذه الاتهامات انتقادًا ضمنيًا لسياسات ليبرالية سابقة شارك فيها رباح نفسه؟
3. التناقض بين المظهر والممارسة
يُشير رباح إلى تناقض صارخ في سلوك هذا التيار: فهو يظهر بمظهر حداثي، يدعو إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بينما يمارس الافتراس في الخفاء. هذا التناقض يطرح تساؤلات حول طبيعة الخطاب العام لهذه النخب: هل هي مجرد أقنعة لإخفاء مصالحها؟ وكيف يمكن للرأي العام أن يميز بين الخطاب الحقيقي والمزيف؟
4. دور الدولة: الحلول المقترحة
يؤكد رباح على ضرورة تدخل الدولة لمواجهة هذا التيار، من خلال تقوية مؤسسات الضبط والمراقبة، ومحاربة الاحتكار، وفرض شروط صارمة على المرشحين للمناصب العامة. لكن هل يمكن للدولة أن تكون الحل الوحيد؟ أم أن المشكلة تكمن في غياب آليات المساءلة المجتمعية؟ وهل يمكن أن يؤدي تدخل الدولة إلى تقييد الحريات الفردية والاقتصادية؟
5. السياق السياسي والاجتماعي
يأتي تحذير رباح في سياق اقتصادي صعب، يعاني فيه المغرب من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتراجع الطبقة المتوسطة. يبدو أن هذا الخطاب يستهدف استقطاب الرأي العام ضد النخب الاقتصادية، لكن هل يمكن اعتباره محاولة لإعادة تشكيل التحالفات السياسية؟ أم أنه مجرد رد فعل على صراعات داخلية بين تيارات سياسية؟
6. مقاربة نقدية متوازنة
في حين أن تحذير رباح يسلط الضوء على قضايا حقيقية مثل الاحتكار وتهريب الأموال، إلا أنه يفتقر إلى أدلة ملموسة تدعم اتهاماته. كما أن استخدام مصطلحات مثل “الافتراس” و”الخيانة” يخلق انطباعًا عامًا بأن المشكلة تكمن في أفراد أو مجموعات محددة، بدلًا من التركيز على النظام الاقتصادي والسياسي ككل. هل يمكن أن يكون هذا الخطاب جزءًا من استراتيجية لتبرير سياسات حكومية جديدة؟ أم أنه محاولة لإعادة تعريف مفهوم الوطنية في مواجهة الليبرالية؟
الخاتمة:
تحذير عزيز رباح من “التيار الليبرالي المفترس” يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول دور النخب الاقتصادية والسياسية في المغرب. في حين أن بعض الاتهامات قد تكون صحيحة، إلا أن الحلول المقترحة تظل قيد التساؤل. هل يمكن للدولة أن تكون الحارس الأمين للاقتصاد الوطني؟ أم أن المشكلة تكمن في غياب رؤية شاملة تعيد التوازن بين الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية؟ في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: كيف يمكن بناء نموذج تنموي يحمي الوطن من الافتراس، سواء كان ليبراليًا أو غير ذلك؟
أسئلة للنقاش:
-
هل يمكن تحديد “التيار الليبرالي المفترس” بشكل دقيق؟
-
ما هي الأدلة التي تدعم اتهامات رباح بتهريب الأموال والاحتكار؟
-
كيف يمكن للدولة أن توازن بين مراقبة الاقتصاد والحفاظ على الحريات؟
-
هل يعكس هذا الخطاب صراعات داخلية بين تيارات سياسية؟
-
ما هي البدائل المقترحة لمواجهة “الافتراس الاقتصادي”؟