في سياق الجهود الرامية لإصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب، أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تقريره السنوي الأول لعام 2023، الذي يهدف إلى إلقاء الضوء على المكتسبات والتحديات التي تواجه نظام التربية والتعليم في المملكة.
غير أن هذا التقرير، رغم ما يحمله من طموحات، يثير عدة تساؤلات حول مدى واقعية الإصلاحات المقترحة، وفاعلية المبادرات التي تم إطلاقها حتى الآن. فهل استطاع المغرب فعلاً إحراز تقدم ملموس في مجال التعليم، أم أن التحديات لا تزال عصية على الحل؟
يتناول التقرير السنوي للمجلس ثلاثة محاور رئيسية: إرساء الهياكل التنظيمية للمجلس، تقييم مدى تفعيل الإصلاحات المنصوص عليها في القانون الإطار 51.17، وحصيلة الأنشطة لعام 2023. هذه المحاور، رغم كونها ضرورية لفهم مسار الإصلاحات، تحتاج إلى فحص عميق للتحقق من جدواها.
أحد التحديات الواضحة هو كيفية تفعيل الإصلاحات المتعلقة بالقانون الإطار، خاصة مع استمرار الهدر المدرسي في المناطق النائية وصعوبة الوصول إلى بنية تحتية تعليمية متكافئة بين المدن والقرى.
فالتقرير يشير إلى تقييمات متعددة السنوات، لكن هل يعكس ذلك فعلاً رؤية استراتيجية شاملة؟ وهل هناك خطط زمنية واضحة لتنفيذ تلك التوصيات على أرض الواقع؟
من ناحية أخرى، يتحدث المجلس عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص كوسيلة لتحسين جودة التعليم، ولكن الأسئلة تطرح نفسها: إلى أي مدى تم تحقيق هذه الشراكات؟ وهل فعلاً تصب في مصلحة تحقيق العدالة والمساواة في الوصول إلى فرص تعليمية جيدة لجميع فئات المجتمع؟
لا شك أن الإصلاحات التعليمية تتطلب تضافر جهود كل الفاعلين في المجال، لكن يبقى السؤال الملح: هل المجلس الأعلى للتربية والتكوين يمتلك الأدوات الفعّالة لضمان تحقيق تلك الإصلاحات؟ أم أن التحديات المستمرة مثل الهدر المدرسي وتفاوت البنية التحتية ستظل تعوق تقدم المنظومة التعليمية في المغرب؟ إذا كانت هذه الأسئلة تثير قلقنا اليوم، فإن الإجابة عنها قد تكون مفتاحاً لتحديد مصير مستقبل التعليم في المملكة.