بعد سنتين ونيف من التأخير والتأجيل، اتفق قادة حزب الاستقلال (أغلبية) ، على تحديد موعد رسمي لعقد مؤتمرهم الوطني (نهاية أبريل المقبل)، مع التوافق على تزكية الأمين العام الحالي نزار بركة لولاية ثانية بعد تجميد الصراع بين تياره وتيار محمد ولد الرشيد.
فرغم التوافق المشهود الذي حققته قيادة حزب الاستقلال حول انعقاد مؤتمر الحزب أواخر شهر أبريل المقبل، وحول رئاسة اللجنة التحضيرية ولجنة القوانين، فإن مصادر استقلالية تحدثت عن إمكانية وجود محاولة لنسف هذا الاتفاق من طرف جهات أصبحت معزولة داخل قيادة الحزب.
وفي الصدد تحدث مصدر استقلالي حضر واقعة الصفعة التي وجهها عضو اللجنة التنفيذية يوسف أبطوي الذي يشغل في نفس الوقت مستشارا بديوان رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة، ومسنودا بعضو اللجنة التنفيذية محمد سعود، إلى النائب البرلماني منصف الطوب، الذي ينتمي رفقة أبطوي وسعود إلى نفس المجال الترابي أي لجهة طنجة تطوان، مما يوحي بوجود مشاكل تنظيمية في منطقة نفوذ محمد سعود، واصفا الحادث بالمشهد الذي لا يليق بتاريخ و بقيادة حزب كبير مشارك في الحكومة.
وكشف ذات المصدر أن تراشق كلامي بين الطرفين حدث عندما طلب أشرف أبرون المحسوب على تيار عضو اللجنة التنفيذية محمد سعود والنعم ميارة، الكلمة عقب الإعلان عن انتخاب عبد الجبار الراشدي رئيسا للجنة التحضيرية، في محاولة لوضع عراقيل على طريقة عمل اللجنة التحضيرية وحول تحديد تاريخ المؤتمر.
وأضاف المصدر، أن أبرون لم يكن له الحق في تناول الكلمة بعد الإجماع على انتخاب الراشدي رئيسا للجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن عشر، مضيفا أن البرلماني منصف الطوب، حاول تنبيه أبرون لهذه المسألة، الشيء الذي كان سببا مباشرا في هجوم أبطوي وسعود على البرلماني الطوبي ووصفوه بأنه لا يصلح ليكون برلمانيا.
واستطرد المصدر الذي حضر هذه المناوشات، بالقول أن البرلماني عن دائرة تطوان منصف الطوبي استغرب من محاولتهما واصرارهما على الدفاع عن مطلب أبرون ضدا لقرارات اللجنة التنفيدية و واجههم بذلك مما دفع مستشار النعم ميارة يوسف ابطوي إلى صفعه.
كما شدد المصدر على أن تيار حمدي ولد الرشيد الذي أصبح يقوده إبنه محمد، التزم حرفيا بكل ما تم الاتفاق عليه مع الأمين العام للحزب نزار بركة، وأن هذا التيار كان محرجا من هذا السلوك الذي يخل بالكلمة التي أعطاها للقيادة، ولم يكن راضيا عن هذه الاختلالات وعبر عن امتعاضه من السلوك الذي صدر عن تيار ميارة وسعود، الذين أخلا بخطوات محمد ولد الرشيد الجادة والمسؤولة في حفظ لحمة الوحدة الداخلية في توافق لا غالب فيه ولا مغلوب.
وسببت تعديلات اقترحها تيار ولد الرشيد على النظام الأساسي للحزب حالة من الاحتقان، وتنص على سحب اختصاصات من الأمين العام وفرض منصب نائب له وتقليص عدد أعضاء المجلس الوطني للحزب وزيادة عدد أعضاء اللجنة التنفيذية في المقابل، مع حذف عضوية المجلس الوطني بالصفة لأعضاء مجلسي النواب والمستشارين، وهو ما لم يقبله تيار بركة.
ويعود آخر مؤتمر عقده حزب الاستقلال لشهر أكتوبر 2017، لهذا كان على قيادة الحزب التوافق لتجاوز الخلاف بين تياري نزار بركة وولد الرشيد الذي عطل انعقاد المؤتمر، بعدما حددت وزارة الداخلية شهر أبريل المقبل كموعد نهائي وشرطا لعدم حرمانه من التمويل العمومي، أو ربما توقيف الحزب.
ومن أبرز الضغوطات التي عجلت بقيادة الحزب على التوافق على موعد المؤتمر ومرشح وحيد، هو تفادي أيّ إحراج إذا تم تطبيق المادة 62 من قانون الأحزاب، التي تنص على أنه “في حالة عدم احترام الإجراءات أو الآجال، وفق ما هو منصوص عليه، تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، بتوجيه إشعار إلى الحزب المعني قصد مطالبته بتسوية وضعيته في أجل ستين يوما، وإذا لم يقم الحزب بتسوية وضعيته بعد انصرام هذا الأجل، تطلب السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية توقيف الحزب وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها”.
ويرى مراقبون إن مؤتمر الحزب مطالب باستعادة الهدوء إلى التنظيم وإبقاء الصراعات تحت الانضباط لقواعد النظام الأساسي تفاديا لأيّ انفجار قد يؤثر على مشاركة الحزب داخل الحكومة، كما حدث في عهد الأمين العام السابق الذي تسبب في إخراج حزبه من حكومة 2012، ما ساهم في إضعاف مكانة الحزب في المشهد السياسي والحزبي، كما ستكون قيادة الحزب مرغمة على التوافق على صيغة تنظيمية لا تقصي أيّ طرف داخل الحزب.