مدريد – انتهت أولى جلسات الاستمتاع إلى زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية إبراهيم غالي، اليوم الثلاثاء، من قبل المحكمة الوطنية، أعلى محكمة جنائية إسبانية، برفض طلبا باحتجاز زعيم جبهة البوليساريو بدعوى عدم وجود أدلة تثبت ارتكابه جرائم حرب بحق صحراويين، ما يعني أنه قد يغادر الأراضي الاسبانية ما لم يطرأ جديد في الدعاوى المقدمة ضده، بينما تستمر مدريد في التغطية على دخوله لأراضيها بوثائق مزورة.
ويأتي هذا الإعلان في خضم أزمة دبلوماسية بين المغرب واسبانيا آخذة في التفاقم بسبب مواقف اسبانية عدائية من مغربية الصحراء التي تطالب البوليساريو بانفصالها.
وعلى زعيم بوليساريو فقط أن يبرز عنوانه ورقما هاتفيا في اسبانيا للتمكن من تحديد مكانه.
وكان ابراهيم غالي زعيم الانفصاليين يتلقى العلاج في مستشفى في لوجرونو بشمال إسبانيا عقب تشخيصه بمرض كوفيد-19.
وأفادت مصادر قضائية أن لا شيء يمنعه نظريا من مغادرة اسبانيا وهو سيناريو تخشاه الرباط ورافعو الدعوتين القضائيتين.
وذكرت صحيفة ‘إل باييس’ الإسبانية اليوم الثلاثاء نقلا عن مصادر حكومية أن زعيم جبهة البوليساريو يعتزم بالفعل مغادرة إسبانيا قريبا، مضيفة أنه من المتوقع أن يغادر خلال الساعات المقبلة.
وأكدت المتحدثة باسم الحكومة الاسبانية ماريا خيسوس مونتيرو أن غالي يستطيع “العودة إلى البلد الذي جاء منه ما أن يتعافى”.
وفي الوقت ذاته أعلنت سلطة الملاحة الجوية في إسبانيا أن المراقبة الجوية الإسبانية رفضت السماح لطائرة جزائرية بدخول المجال الجوي بناء على تعليمات من الجيش.
وقالت سلطة الطيران المدني ‘إناير’ إن طائرة كانت متجهة من الجزائر إلى مدينة لوغرونو بشمال إسبانيا عادت بعد أن أبلغ مراقبون جويون بأن ليس لديها إذن بدخول المجال الجوي، بناء على تعليمات من الجيش الإسباني.
وأوضحت أن الطائرة كانت في طريقها من الجزائر العاصمة إلى المدينة الإسبانية، حيث يتم تشغيل المطار المحلي الصغير من قبل شركة أينا الإسبانية.
ولوغرونو هي المدينة التي أدخل فيها إبراهيم غالي إلى المستشفى منذ أكثر من شهر، مما أدى إلى اندلاع صراع بين إسبانيا والمغرب.
ونقلت قناة ‘ال كونفيدنسيال’ عبر الانترنت عن مصادر في الشرطة أن طائرة للحكومة الجزائرية التي تدعم بوليساريو، أقلعت صباح الثلاثاء في اتجاه لوغرونيو لإعادة الزعيم الصحراوي قبل أن تعود أدراجها في منتصف الطريق.
وردا على سؤال في هذا الشأن، قالت ماريا خيسوس مونتيرو إنها “لا تملك معلومات عن أي طائرة أعيدت أو أوقفت”.
لكن سلطة الطيران المدني الاسباني أكدت أن “طائرة مدنية جزائرية” آتية من الجزائر ومتجهة إلى لوغرونيو دخلت الثلاثاء المجال الجوي الاسباني ثم عادت أدراجها بناء على “أمر من المراقبين الجويين العسكريين”.
ومن شأن قرار المحكمة العليا الاسبانية أن يؤجج التوتر القائم أصلا بين مدريد والرباط، بينما تذهب بعض القراءات إلى أن الأزمة الراهنة لن تقف عند السجال الدبلوماسي بين البلدين الجارين وقد تمتد شظاياها للعلاقات الثنائية التجارية والأمنية خاصة أن قضية الصحراء من الثوابت الوطنية المغربية ومن أكثر القضايا حساسية بالنسبة للمغرب قيادة وشعبا وحكومة وهي خط أحمر كونها قضية من قضايا السيادة الوطنية.
وكان المغرب قد لوح سابقا بقطيعة دبلوماسية مع إسبانيا إذا لم تتخذ الإجراءات القانونية بحق غالي، حيث حذّر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة من الاستهانة الاسبانية بالحساسيات المغربية قائلا “إذا كانت إسبانيا تعتقد أنه يمكن حل الأزمة عن طريق إخراج هذا الشخص (إبراهيم غالي) بنفس الإجراءات، فذلك يعني أنها تبحث عن تسميم الأجواء وعن تفاقم الأزمة أو حتى القطيعة”.
وأكدت المملكة المغربية مرارا أنها لن تتهاون ولن تتسامح مع أي قرار أو أي خطوة يمسان من وحدتها الترابية وأمنها القومي والسيادة على أقاليمها الجنوبية جزء من هذه الوحدة.
ويعالج إبراهيم غالي في مستشفى في لوجرونو في شمال إسبانيا بعد ثبوت إصابته بمرض كوفيد-19 ودخل الأراضي الاسبانية بطريقة احتيالية من خلال جواز سفر جزائري وعلى متن طائرة تابعة للرئاسة الجزائرية وهو أمر تكتمت عليه مدريد قبل أن يُفتضح أمرها، فاضطرت للالتفاف على هذه القضية بأن بررت وجود غالي على أراضيها لأسباب إنسانية وهي مبررات وتفسيرات لم تقتنع بها الرباط.
وذكرت وثيقة قضائية أن جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وأفرادا من الصحراء المغربية يتهمون غالي وآخرين من زعماء الجبهة الانفصالية بارتكاب إبادة جماعية وقتل وإرهاب وتعذيب والضلوع في عمليات اختفاء قسري. وقال محامي غالي إن موكله ينفي ارتكاب أي مخالفات.
وفي وقت سابق الثلاثاء، استمعت محكمة اسبانية إلى إبراهيم غالي الذي يواجه دعوتين قضائيتين تتعلقان بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بما يشمل التعذيب ومجازر إبادة، بعدما أثار استقباله في هذا البلد بداعي الاستشفاء شرارة أزمة بين الرباط ومدريد.
ونفى غالي الثلاثاء في جلسة استماع أمام قاض إسباني اتهامات في دعوتين قدمتا ضده في ملفي التعذيب وارتكاب إبادة جماعية، بعدما أثار استقباله في هذا البلد للعلاج شرارة أزمة بين الرباط ومدريد.
وأدلى بشهادته عبر الفيديو من المستشفى حيث يتابع العلاج من إصابته بكورونا لأحد قضاة المحكمة الوطنية العليا في مدريد في جلسة مغلقة.
وأفاد محاميه مانويل اوليه الصحافيين بعد الجلسة بأنّ الاتهامات ضد موكله “خاطئة تماما” و”ذات دوافع سياسية لاستهداف مصداقية الشعب الصحراوي”.
وخلال الجلسة، رفض القاضي فرض أي تدابير احترازية مثل احتجاز جواز سفر غالي، مشيرا إلى عدم وجود خطر لهروبه.
وادخل غالي زعيم البوليساريو في أبريل/نيسان إلى المستشفى في لوغرونيو بسبب مضاعفات إصابته بكوفيد-19. ويخضع للاستجواب عبر الفيديو من مستشفى هذه المدينة الواقعة في شمال إسبانيا من أحد قضاة المحكمة الوطنية العليا في مدريد في جلسة مغلقة بدأت قرابة الساعة 10:15 (الساعة 08:15 ت غ) على ما أفاد مصدر قضائي.
ولم يوجه الاتهام إلى غالي في أي من هذين الملفين، إلا أن هذه الجلسة هي محط اهتمام كبير في مدريد والرباط على حد سواء بعد توتر على أعلى المستويات في الشهر الأخير بلغ ذروته مع وصول نحو عشرة آلاف مهاجر في منتصف مايو/ايار إلى جيب سبتة الإسباني.
ويعود هذا الاستجواب إلى شكوى تشمل “الاعتقال غير القانوني والتعذيب وجرائم ضد الإنسانية” رفعها في العام 2020 فاضل بريكة المنشق عن جبهة البوليساريو والحاصل على الجنسية الإسبانية الذي يؤكد أنه كان ضحية “تعذيب” في مخيمات اللاجئين الصحراوية في تندوف بالجزائر. وكانت هذه الشكوى حُفظت لكن أعيد فتحها مطلع السنة الحالية.
ويعود الملف الثاني إلى العام 2007 وكان قد حُفظ أيضا وأعيد فتحه مع تواجد زعيم البوليساريو في إسبانيا.
وتقدمت بالشكوى في العام 2007 الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان اتهمت فيها غالي وآخرين من قيادات الجبهة بارتكاب “مجازر إبادة” و”اغتيال” و”إرهاب” و”تعذيب” و “إخفاء” في مخيمات تندوف وفق ما أفادت هذه المنظمة ومقرها إسبانيا.
ورفض القاضي مصادرة أوراق غالي الثبوتية لمنعه من مغادرة إسبانيا كما يطالب مقدمو الشكوى، مشددا على عدم وجود “مؤشرات واضحة” على “مشاركة” زعيم البوليساريو في الأفعال الواردة في الشكوى الثانية.
وكان غالي دعي إلى المثول في إطار هذه الشكوى العام 2016 عندما كان يفترض أن يتجه إلى إسبانيا للمشاركة في ما يسمى “مؤتمر دعم للشعب الصحراوي”، لكنه ألغى زيارته في نهاية المطاف.
وكان المغرب اعتبر الاثنين أن الأزمة “لن تحل بالاستماع” إلى غالي فقط، مشددا على أنها “تستوجب من إسبانيا توضيحا صريحا لمواقفها وقراراتها واختياراتها”. وشددت وزارة الخارجية على أن القضية تشكّل “اختبارا لمصداقية الشراكة” بين البلدين.
وجاء البيان المغربي بينما قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إنه “من غير المقبول أن يهاجم المغرب حدود إسبانيا من خلال السماح لمهاجرين بدخول سبتة بسبب خلافات على صعيد السياسة الخارجية”.
وذكرت صحيفة “إل باييس” الإسبانية أن زعيم بوليساريو وصل إلى إسبانيا فيما “حياته بخطر” بسرية تامة في 18 أبريل/نيسان على متن طائرة طبية وضعتها في تصرفه الرئاسة الجزائرية حاملا “جواز سفر دبلوماسيا”.
وادخل بعد ذلك إلى المستشفى في لوغرونيو تحت اسم مستعار “لأسباب أمنية” ما دفع القاضي إلى إيفاد عناصر من الشرطة مطلع مايو/ايار إلى المكان للتحقق من هويته وإبلاغه بالاستدعاء.
وتعتبر الأمم المتحدة الصحراء المغربية البالغة مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع من ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي” في ظل عدم وجود تسوية نهائية لوضعها.
وكانت الجبهة أعلنت استئناف القتال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي متحللة من اتفاق وقف إطلاق النار بعد حوالي ثلاثة عقود من سريانه وقد جاء ذلك إثر تنفيذ المغرب عملية عسكرية في منطقة في أقصى جنوب صحرائه لفتح معبر الكركرات الذي أغلقته ميليشيات الجبهة الانفصالية.