أصدرت المحكمة الابتدائية بالجديدة حكمًا بالسجن النافذ لمدة أربعة أشهر وغرامة مالية قدرها 5 آلاف درهم على اليوتيوبر المغربي إلياس المالكي، بتهمة “الإخلال بالحياء العام”، في حين تمت تبرئته من تهمة “التحريض على الكراهية والتمييز”.
هذا الحكم جاء بعد شكايات قدمتها شخصيات وجمعيات أمازيغية، والتي تنازلت عنها لاحقًا. ومع ذلك، يظل الحكم محط جدل واسع في المجتمع المغربي، حيث يثير تساؤلات حول حدود حرية التعبير ودور الإعلام الرقمي في تشكيل الخطاب العام.
إدانة المالكي بتهمة الإخلال بالحياء العام سلطت الضوء على القضايا المرتبطة بالمحتوى الرقمي في المغرب. النيابة العامة استندت إلى محتوى رقمي وصف بأنه خادش للحياء ويمس الآداب العامة، مما يفتح النقاش حول ما إذا كانت مثل هذه الأحكام تحمي القيم الأخلاقية أم أنها تفرض قيودًا على حرية التعبير. الجدل يتمحور حول كيفية تحقيق التوازن بين احترام القوانين وحماية الحريات الأساسية، خاصة مع غياب معايير واضحة تفرق بين التعبير المشروع والمحتوى المسيء.
في المقابل، أثارت براءة المالكي من تهمة التحريض على الكراهية والتمييز تساؤلات أخرى. الجمعيات الأمازيغية التي تقدمت بالشكاوى تنازلت لاحقًا عنها، مما أثار نقاشًا حول دور الهوية الثقافية في النزاعات القانونية.
دفاع المالكي أشار إلى “ابتزاز باسم الدفاع عن الأمازيغية”، وهو ما يطرح تساؤلات حول استغلال الهوية كأداة للصراع بدلاً من كونها وسيلة لبناء التفاهم. هل يعكس تنازل الجمعيات رغبة في التهدئة أم أنه يعبر عن وعي بوجود تجاوزات في طريقة تقديم القضية؟ وكيف يمكن تفادي مثل هذه النزاعات التي تؤثر على الوحدة الوطنية؟
الاتهامات التي واجهها المالكي تجاوزت قضية التحريض على الكراهية، وشملت تهمًا مثل السب والقذف، التشهير عبر الأنظمة المعلوماتية، واستهلاك المخدرات. هذه التهم تسلط الضوء على التأثير المتزايد للمؤثرين الرقميين ودورهم في المجتمع، ما يجعل من الضروري تعزيز التوعية بمسؤولية المؤثرين تجاه المحتوى الذي ينشرونه. ومع انعقاد جلسة جديدة للنظر في شكاية مواطنة تتهم المالكي بالإساءة إليها، يبدو أن النزاع القانوني سيستمر، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه القضايا على صورة المالكي ومكانته بين متابعيه.
قضية المالكي تعكس تحديات أعمق تواجه المجتمع المغربي في ظل تنامي الإعلام الرقمي. المؤثرون أصبحوا صناع رأي، ما يجعلهم تحت مجهر القانون والمجتمع على حد سواء. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن للمغرب تعزيز التوعية الرقمية ووضع إطار قانوني يوازن بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية؟ وهل يمكن لهذه القضية أن تكون نقطة تحول في النقاش الوطني حول الإعلام الرقمي ومستقبله؟
في الختام، قضية إلياس المالكي ليست مجرد نزاع قانوني عابر، بل هي نموذج يعكس التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة في عصر الإعلام الرقمي.
هذه التحديات تتطلب نقاشًا وطنيًا شاملًا حول كيفية تحقيق التوازن بين حرية التعبير وصون القيم المجتمعية، بما يضمن تعزيز الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي.