أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط، صباح اليوم، حكماً قطعياً بعزل إدريس الرازي من رئاسة مجلس مقاطعة حسان، مع ترتيب جميع الآثار القانونية المترتبة عن ذلك.
هذا الحكم جاء بعد شهور من التوترات داخل المجلس، حيث صوت 32 مستشاراً لصالح ملتمس العزل، وفقاً لما ينص عليه القانون التنظيمي 113.14.
ولكن، هل كان القرار قانونياً صرفاً، أم أن هناك خلفيات سياسية خفية تحكمت في مسار القضية؟ وما تأثيره على المشهد السياسي المحلي في الرباط؟
المسار القانوني للعزل: تطبيق للقانون أم توظيف سياسي؟
يستند العزل إلى المادة 70 من القانون التنظيمي 113.14، والتي تمنح أعضاء المجلس الحق في تقديم ملتمس لعزل الرئيس إذا حصل على دعم ثلثي الأعضاء. بعد التصويت داخل المجلس، يتم إحالة القرار إلى الوالي، الذي يحيله بدوره إلى المحكمة الإدارية للبث النهائي.
وهنا يُطرح السؤال: هل كانت الإجراءات سليمة تماماً، أم أن هناك ضغوطاً سياسية دفعت بهذا القرار إلى الأمام؟
حجج الدفاع والهجوم: قراءة في التصريحات
في تصريحاته، اعتبر الرازي أن تصويت المستشارين لصالح ملتمس العزل كان نتيجة إملاءات من قادة أحزاب الأغلبية، وعلى رأسهم فاطمة الزهراء المنصوري (الأصالة والمعاصرة)، ونزار بركة (حزب الاستقلال)، والطالبي العلمي (التجمع الوطني للأحرار). ووفقاً له، فإن سبب إزاحته يعود إلى رفضه دعم مرشح “فرضه” حزب التجمع الوطني للأحرار، سعد بنمبارك، خلال الانتخابات الجزئية بدائرة المحيط.
لكن، هل هذا يعني أن العزل كان انتقاماً سياسياً، أم أن هناك أسباباً إدارية وقانونية حقيقية وراء القرار؟ وهل فعلاً تمت إقالة الرازي بسبب موقفه السياسي فقط، أم أن هناك ملفات تدينه؟
اتهامات الفساد أم تصفية حسابات؟
الرازي لم يكتفِ بالرفض، بل توعد بكشف “الخروقات التي تهدد الصالح العام”، متحدثاً عن قضايا مثل تخصيص سكن وظيفي لسيدة غير موظفة، وملف “الرباط باركينغ”. هذه الاتهامات تطرح تساؤلات حول مدى صحة القرارات داخل المجالس الجماعية، وهل يتم اتخاذ قرارات العزل بناءً على معطيات واضحة أم أنها مجرد أداة لإعادة ترتيب المشهد السياسي؟
السياق العام: انعكاسات العزل على المشهد السياسي في الرباط
قرار العزل يأتي في سياق أوسع يشهده المغرب من توترات داخل المجالس الجماعية، حيث أصبح واضحاً أن التوافقات الحزبية لم تعد قائمة بنفس القوة التي كانت عليها خلال الانتخابات.
وهذا يدفع إلى التساؤل: هل أصبحت المجالس المحلية رهينة للصراعات الحزبية بدلاً من أن تكون فضاءً لتدبير الشأن العام؟
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل كان عزل إدريس الرازي خطوة نحو الشفافية والمحاسبة، أم مجرد تصفية حسابات سياسية؟