في جلسة استثنائية اليوم، قدم رئيس الفريق النيابي لحزب الحركة الشعبية، المعارضة السنتيسي، مداخلته المنتقدة لمشروع قانون المالية لسنة 2025، محذرًا من غياب البرنامج الحكومي الفعلي وافتقاره للتوجهات الملموسة في مجالات حيوية كالتشغيل والتعليم. قدم السنتيسي نقدًا لاذعًا للموازنة، محملًا الحكومة مسؤولية عدم تحقيق أية جديد ملموس في هذا الملف الحيوي.
غياب التزامات حكومية: هل تخلو الميزانية من رؤية استراتيجية حقيقية؟
عند حديثه عن التشغيل، أبرز السنتيسي نقطة غاية في الأهمية تتعلق بالعجز الحكومي في توفير فرص عمل حقيقية. فقد أشار إلى أن الحكومة أعلنت عن 600 ألف فرصة عمل، إلا أن الواقع لا يعكس ذلك، حيث أن الغالبية من هذه المناصب لا تبدو متوافقة مع متطلبات السوق الفعلي أو مع القطاعات التي تحتاج إلى تأهيل مستمر. ولم يقتصر حديث السنتيسي على ذلك، بل طرح تساؤلًا حول مدى جدية هذه الأرقام، وتساءل: “هل هذه الفرص حقيقية أم مجرد وعود إعلامية؟”
التوظيف والتمويل: كيف تتوزع المخصصات المالية؟
وأضاف السنتيسي تساؤلًا جوهريًا حول كيفية توزيع الأموال المخصصة للتشغيل، حيث أشار إلى أن 14 مليار درهم من هذه الميزانية موجهة بشكل أساسي نحو تشجيع الاستثمارات في الشركات الكبرى، بينما لم تخصص الحكومة سوى جزء ضئيل للمقاولات الصغيرة. وهذا يثير سؤالًا عميقًا: هل الاقتصاد الوطني فعلاً بحاجة إلى مزيد من الشركات الكبرى أم أن دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة هو الخيار الأفضل لتحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي؟
تساؤلات حول سياسة الضرائب: هل تتوجه الحكومة فعلاً لحل مشكلات الطبقات الهشة؟
من ناحية أخرى، أشار السنتيسي إلى أن الزيادة في الضرائب على الدخل كانت خطوة إيجابية بالنسبة للطبقة المتوسطة، لكنها لم تشكل فارقًا حقيقيًا بالنسبة للطبقات الأكثر هشاشة. هنا، يطرح سؤال مهم: هل الحكومة تركز على إعادة توزيع الثروات بشكل عادل، أم أنها تركز على تدابير ضريبية تستفيد منها الطبقات الأكثر قدرة على دفع الضرائب؟
المتقاعدون: أين هو الحل لمشاكلهم؟
وفيما يتعلق بالمتقاعدين، شدد السنتيسي على أن مشروع قانون المالية لم يقدم أية حلول ملموسة لمشاكلهم. بينما طالب بزيادة الرواتب التقاعدية لتجاوز أزمة المعيشة التي يعانون منها، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لا تتضمن الميزانية حلولًا حقيقية ومستدامة لدعم فئة المتقاعدين، خصوصًا في ظل الارتفاع المتزايد لتكاليف الحياة؟
التعليم: هل نحن مستعدون لتطوير النظام التعليمي؟
أما فيما يخص التعليم، فقد انتقد السنتيسي استمرار المشاكل الهيكلية في هذا القطاع، مشيرًا إلى أن النظام التعليمي لا يزال يواجه تحديات كبيرة، خاصة في ما يتعلق بتكوين الأساتذة. طرح السنتيسي فكرة دراسة المواد العلمية باللغات الأجنبية كحل محتمل لهذه المشكلة. هل يعد هذا الحل هو الأنسب؟ أم أن تطوير المنهج التربوي وتحسين تكوين الأساتذة هو الطريق الأفضل لتحقيق تقدم حقيقي في قطاع التعليم؟
ختامًا: هل ستتمكن الحكومة من الوفاء بتعهداتها؟
خلال مداخلته، أكد السنتيسي أن حزب الحركة الشعبية لا يعارض الحكومة من أجل المعارضة فقط، بل هو يسعى لتوجيه انتقادات بناءة تهدف إلى تحسين الأداء الحكومي. ومع ذلك، تظل الأسئلة الجوهرية مفتوحة حول قدرة الحكومة على تنفيذ التزاماتها وتحقيق نتائج ملموسة ترضي جميع فئات المجتمع المغربي.
خلاصة: هل ستكون هذه الميزانية قادرة على معالجة المشاكل الحقيقية التي يواجهها المواطنون؟ وهل ستظل الحكومة قادرة على الوفاء بتعهداتها في وقت يتزايد فيه القلق حول مستقبل الاقتصاد الوطني؟