المعارضة تنتقد برنامج “الزبون السري”: 14.7 مليار سنتيم بين جدوى ضبابية والرقابة المحدودة

0
229

في سؤال كتابي موجَّه إلى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أساءل فريق العدالة والتنمية الحكومة حول ملابسات برنامج “الزبون السري”، الذي تديره الشركة المغربية للهندسة السياحية بتكلفة تقارب 14.7 مليون سنتيم ( أي 147 مليون درهم)، لغرض تقييم جودة الخدمات في مؤسسات الإيواء السياحي عبر زيارات تفقدية مباغتة من طرف “عملاء مبطنين”.

خلفية البرنامج وما يتضمنه

وفق ما أوردته مصادر إعلامية، فإن البرنامج يهدف إلى التحقق من مدى التزام مؤسسات الإيواء بالمعايير المطلوبة—حيث تُقسّم المناقصات إلى أربعة أجزاء: أولاً لتقييم الفنادق الفاخرة والخمس نجوم (48.4 مليون درهم)، ثم الفنادق ذات أربعة نجوم في جهة مراكش-آسفي (50.3 مليون درهم)، ثم باقي فنادق أربعة نجوم على الصعيد الوطني (28.8 مليون درهم)، وأخيراً الفنادق ذات ثلاث نجوم (20.3 مليون درهم).

البرنامج يشمل كذلك “النزل السياحية”، “رياضات”، “قصور”، وغيرها، يقدَّم بموجبه تصنيف لمدة سبع سنوات قابل للتجديد بعد التقييم القانوني، مع سحب التصنيف أو تغييره في حال عدم الالتزام.

السياق الاقتصادي: قطاع مزدهر يُـسائل جدوى الميزانية

في عام 2024، سجّل المغرب رقماً قياسياً بـ17.4 مليون سائح، بزيادة 20% عن 2023، و35% أكثر من 2019، فيما تجاوزت عائدات السياحة 110 مليار درهم—دلالة على ازدهار القطاع وأهميته الاقتصادية. كما يخلق القطاع حوالي 827 ألف فرصة عمل مباشر، مع تعزيز العائدات ببرامج كـ “Cap Hospitality” وتحديث 25 ألف غرفة فندقية باستثمارات تقدر بـ2 مليار درهم .

تساؤلات جوهرية حول الحكامة والإنفاق الاستراتيجي

1. شفافية الصفقات وتفاصيلها
النائبة سلوى البردعي تتساءل عن غياب تفاصيل دقيقة: من هو المنفذ؟ ما طبيعة الخدمات المسندة؟ لماذا هذا المبلغ؟ وهل جرت مناقصات مفتوحة؟ وهل خُضعت الصفقة للجهات الرقابية؟

2. هل التقييم يحقق أثرًا فعليًا؟
إنفاق 147 مليون درهم على تقييم الجودة لا بد وأن يقابله تأثير ملموس: تحسين الخدمات، تضاؤل الشكايات، ارتفاع مستوى الإقامة. لكن بدون مؤشرات واضحة للأثر، يبقى البرنامج شكلياً أكثر من كونه إصلاحياً.

3. التوازن بين المظهر والجوهر
في وقت لا يزال فيه كثير من الفاعلين السياحيين يشدد على الحاجة إلى إصلاحات هيكلية—تحديث البنية التحتية، تنويع الأسواق، تعزيز التكوين المهني—يطرح السؤال عمّا إذا كان “الزبون السري” مجرد طلاء للوجه السياحي دون معالجة جذور الخلل والتنمية الحقيقية.

ربط بالحوكمة: بين الرصد والإنصاف المؤسسي

  • خطط حكومية عملاقة، وموازنات ضخمة: المغرب يهدف إلى بلوغ 26 مليون سائح عام 2030، من خلال ميزانيات ضخمة وخطة متكاملة. وفي هذه الخريطة، يجب أن يكون برنامج “الزبون السري” جزءًا من استراتيجية واضحة للارتقاء بالخدمات، لا مجرد أدوات اتصال أو دعاية.

  • المحاسبة السياسية والقانونية ضرورية: ينبغي أن تكون هناك مساءلة برلمانية عمّا إذا كانت الآلية القانونية (دفتر تحملات، تقييم علني، رقابة مالية) وضعت فعلاً لهذا البرنامج، أو ظل مجرد “صفقة بين طرفين”.

  • عدالة الإنفاق: إن كان الهدف هو النهوض بالجودة بكلفة معقولة، فلماذا لا يُستثمر جزء من هذا المبلغ في تدريب الأطقم، دعم الصناعات التقليدية بالمؤسسات الفندقية، أو رقمنة الخدمات؟

خلاصة التحقيق

برنامج “الزبون السري”، رغم أهدافه الواضحة في تحسين جودة قطاع حيوي للاقتصاد الوطني، تلازمه شبهة الترف المالي، وغياب الرؤية الشمولية للإصلاح. أي إنفاق بهذا الحجم—في سياق طموح تنموي—يستلزم شفافية كاملة ومساءلة: تفاصيل العطاء، آليات التقييم، وتقارير الأداء. وإلا، فإن فاعليته تصبح عرضاً إعلامياً أكثر منها خطوة نحو تنمية واقعية وموثوقة.