منذ أعلن وزير الصحة، خالد آيت الطالب” منتصف أكتوبر الجاري عن الإجراءات والقيود الوقائية الجديدة المتمثلة في إلزامية جواز التلقيح، ووجوب حيازة “الشهادة الصحية” الخاصة بوباء كورونا لدخول أغلب الأماكن العامة، انطلقت الأصوات المنددة بهذه القيود الجديدة، وترجمت سريعا على أرض الواقع في شكل مظاهرات ومسيرات واحتجاجات واسعة في كامل المملكة المغربية.
وقد شملت هذه الاحتجاجات أغلب المدن المغربية الكبرى، الرباط والدارالبيضاء ومراكش وفاس وأكادير وطنجة، رافضة لقرار حكومي بفرض التلقيح ضد فيروس “كورونا” كشرط للتنقل في البلاد ودخول المؤسسات العامة وغيرها.
وفي ظل إجراءات أمنية مكثفة، تظاهر العشرات في العاصمة الرباط ضد فرض “جواز التلقيح” (وثيقة تثبت تلقي اللقاح)، وإلزامهم بالتطعيم لدخول المؤسسات والتنقل بين المحافظات، بحسب ما وثقته مقاطع فيديو على منصات التواصل.
https://www.youtube.com/watch?v=iWnIL_4zZkA
وردد المحتجون هتافات منها: “صامدون صامدون.. للجواز رافضون”، و”هذا عيب هذا عار.. الحقوق في خطر”.
وشاركت في الوقفة النائبة نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد (معارض)، والتي مُنعت الأربعاء للمرة الثانية من دخول مقر مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، لعدم امتلاكها “جواز التلقيح”.
وقال مسؤول أمني للمتظاهرين إن “حالة الطوارئ (الصحية) لا تسمح باستمرار مظاهرتكم”.
وبعد انطلاق الوقفة الاحتجاجية بقليل، قام رجال الأمن بتفريقها لعدم حصولها على ترخيص.
كما تناقل رواد على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لمظاهرات احتجاجية مماثلة في مدينة أكادير قوبلت بمنع من السلطات الأمنية.
ورفع المحتجون شعارات مثل “لا لا لجواز التلقيح” و”صامدون صامدون للجواز رافضون”.
وبدأ العمل بالجواز يوم الخميس 21 أكتوبر تشرين الأول.
ووسط ارتفاع حدة الاحتجاجات، لاحظ مراقبون تراجعا طفيفا في الموقف الرسمي للحكومة ممثلة في وزير الصحة خالد آيت الطالب، الذي أقر الاثنين في بلاغ، أن الاضطرار إلى تقديم “جواز التلقيح” للذهاب إلى المطاعم أو المسارح لم يكن لطيفا “ولكن ليس لدينا خيار”، وأكد إما “جواز التلقيح أو الحجر الصحي”، وسننهيها في اللحظة التي نستطيع فيها ذلك. ويسمح لنا القانون باستخدامها.
وفرض المغرب جواز التلقيح في 21 أكتوبر الحالي، كشرط للتنقل بين المدن ودخول الأماكن العامة والأماكن التجارية الكبرى والمقاهي والمطاعم ودور السينما والمسارح وقاعات الرياضة، بعد أن قالت السلطات إن الحالة الوبائية في تحسن خلال الأسابيع الماضية.
ودق الأطباء والصيادلة في رسالتهم “ناقوس الخطر لتنبيه السلطات أن تطبيق تدابير تقييدية لا دستورية لا ترتكز على أي أساس علمي”.
وأضافت الرسالة أن الأمر “يتعلق بمرض لا تتجاوز نسبة الوفيات في ذروته واحدا في المئة.. إضافة إلى فيسيولوجيا كوفيد19 أصبحت مفهومة أكثر لهذا لا مبرر لإجبارية التلقيح”.
كما رافق فرض الجواز الصحي جدل من طرف حقوقيين وسياسيين وهيئات مجتمع مدني اعتبروه تقييدا للحريات وخرقا للدستور.
وكتب عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة، في تدوينة أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له”.
كما قال في تصريحات إعلامية أن “الملقحين معرضون للإصابة أيضا ونقل العدوى مما يجعل هذا الجواز غير ذي جدوى علميا”.
ووقع نشطاء وزعماء أحزاب سياسية مغاربة عريضة رافضين جواز التلقيح” بدون نقاش وطني” أو “إشعار مسبق أو آجال معقولة”، مستغربين “عدم احترام الحكومة مخاوف وإكراهات بعض المواطنين”.
وذهبت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد،المعارض إلى أبعد من ذلك بالطعن في قرار “جواز التلقيح” وإلغائه أمام المحكمة الدستورية.
وقالت إن الجواز “تم اتخاذه خارج مقتضيات الدستور مع انتهاكه لمبادئ الحقوق والحريات”.
وفي رسالة غير مسبوقة من نقابة هيئة المحامين، اعتبرت الهيئة أن قرار فرض الجواز الصحي يتضمن “تراجعات عن مكتسبات حقوقية، ومقتضيات مخالفة للدستور لمساسها بحقوق دستورية، ومنافية لما أقرته المواثيق والإعلانات والعهود الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، فضلا عن كونها لا تكتسي أية صبغة استعجالية بالنظر لتحسن الحالة الوبائية”.
كما نبهت الرسالة إلى “غياب الأساس القانوني المؤطر لمنع المواطنات والمواطنين من الاستفادة من خدمات المرافق العمومية الحيوية، ومنعهم من ممارسة حقوقيهم الدستورية”.
وأشارت إلى أن قرار فرض الجواز بقرار حكومي “تم الإعلان عنه بقصاصة إخبارية… بدل البرلمان طبقا للفصل 71 من الدستور”.
ورفض أرباب المقاهي والمطاعم في المغرب فرض جواز التلقيح على زبائنهم.
واستنكر بيان للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم غداة فرض الجواز “استمرار الحكومة في اتخاذ قرارات أرهقت القطاع طيلة الجائحة، دون اتخاذ قرارات موازية” توقف نزيف الإفلاس في القطاع.
لكن فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت رجال أمن يقتحمون أحد المقاهي بمدينة سلا المجاورة للرباط ويطالبون الزبائن بالجواز الصحي.