المغرب أولاً.. ثلث الشعب المغربي يرغب في الهجرة نحو أوروبا أو أمريكا الشمالية

0
190

أضحت الهجرة بالمغرب ظاهرة اجتماعية مستفحلة لا تقتصر فقط على الهجرة السرية بقوارب الموت وإنما بشكل قانوني من خلال عقود عمل وتأشيرات لدول مختلفة يطلبها كفاءات وحاملي شواهد ودبلومات بالمغرب. سنحاول تناول هذا الموضوع من خلال جانبين الأول يتطرق للهجرة السرية والثاني يتطرق لهجرة الكفاءات والأطر.

وفق الباروميتر العربي الذي نشرته مؤسسة سبر الآراء ONE TO ONE فإن ثلث المواطنين المغاربة يفكرون في الهجرة ” 34 بالمائة ” معظمهم 56 بالمائة من الشباب الذي تتراوح أعماره بين 18 و 29 سنة ومن ذوي التعليم العالي 57 بالمائة . 

وكشف نفس استطلاع الرأي أن 75 بالمائة يرغبون في الهجرة لأسباب اقتصادية والوجهة المفضلة هي أوروبا ” 59 بالمائة ” ثم أمريكا الشمالية 12 بالمائة .

وأكد الاستطلاع أن رغبة المغاربة  في الهجرة تبلغ معدلات عالية في المنطقة، وأعلى النسب نجدها في الأردن والسودان، حيث أعرب نصف السكان تقريبا عن رغبتهم في هجرة بلدانهم، ونحو الثلث قالوا إنهم يفكرون في الهجرة إلى دول أخرى، 38 بالمائة بالعراق، 35 بالمئة بلبنان، والمغرب ( 34 بالمئة)، كما أن الربع في فلسطين والخمس في ليبيا يفكرون في الأمر نفسه.

وسجل أن ن دولتين فقط فيهما أقل من الخمس يرغبون في الهجرة، وهما موريتانيا 18 بالمائة، ومصر 13 في المائة.

وأوضح الاستطلاع أن الراغبين في الهجرة أغلبهم من الذكور، والشباب، ومن الفئات الحاصلة على تعليم جيد من السكان، ذلك أن الشباب عبر المنطقة هم الأكثر إقبالا على التفكير في مغادرة بلدانهم ً، مقارنة بالأكبر سنا.

ولفت إلى أن الهجرة غير الرسمية في غياب الأوراق الرسمية اللازمة، هي إمكانية يفكر فيها عدد غير ضئيل من الراغبين في الهجرة، ويسري هذا بصورة خاصة في المغرب، حيث قال أغلب الراغبين في الهجرة بأنهم لا يمانعون في الهجرة حتى في غياب الأوراق الثبوتية المطلوبة.

وأشار أن الحاصلين على شهادات جامعية ومستويات تعليمية أعلى هم الأكثر حرصا على الهجرة مقارنة بالحاصلين على تعليم ثانوي أو درجة تعليمية أقل في جميع دول الاستطلاع، لكن تبقى الفجوة بين الفئتين كبيرة في عدة دول، خاصة في السودان، حيث تصل إلى 26 نقطة مئوية.

وأكد الاستطلاع أن الرجال هم الأكثر رغبة في الهجرة مقارنة بالنساء، في كافة الدول باستثناء لبنان، حيث نسب الإقبال على الهجرة بين الجنسين متساوية.

وأبرز الاستطلاع أن الأسباب الأكثر ً شيوعا للهجرة هي الظروف الاقتصادية؛ إذ أن أغلب من يفكرون بالهجرة في جميع الدول المستطلعة ذكروا العوامل الاقتصادية بصفتها السبب الرئيسي لرغبتهم في الهجرة.

إضافة إلى العوامل الأمنية والأسباب السياسية وفرص التعليم التي ذكرتها أقليات عبر المنطقة، ومن الواضح أن هذه الأسباب متصلة في كل حالة على حدة بالمناخ السياسي في الدولة، ولا يمكن اعتبارها عوامل تسري على المنطقة بشكل عام.

وشدد على أن الحاصلين على تعليم جامعي أو درجة تعليمية أعلى هم الأكثر إقبالا بكثير على التفكير في الهجرة، مقارنة بالحاصلين على مستويات تعليمية أدنى، وهذه الحقيقة تمثل مشكلة محتملة لهجرة الأدمغة بالمنطقة.

أما بخصوص هجرة الكفاءات فهي هجرة تنعش البلد المستقبل أكثر من الهجرة السرية التي تنعشه أيضا باليد العاملة الرخيصة، فهجرة الكفاءات كان يصطلح عليها في الماضي هجرة الأدمغة. وهي هجرة ازدهرت مؤخرا ونجدها بمظاهر مختلفة، إما أن يكون الشاب (ة) قد درس ببلد أجنبي (إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، كندا…) وبعد نهاية دراسته يرفض العودة ويندمج هناك من خلال التحفيزات التي تقدم إليه وظروف الرفاه التي يعيشها عكس المغرب أن تكون موظفا عموميا وبأجرة 800 أورو أو الف أورو ستعاني لأنك ستصنف في الطبقة المتوسطة أو أقل، و إما أن يكون الشاب (ة) درس بالمغرب وحصل على شواهد عليا أو دبلومات مهنية فيراسل شركات أجنبية وتتكلف لهم بكل الوثائق والتأشيرة وما إلى ذلك فيغادر البلاد نحو عمل أفضل وحياة كريمة. وتجد تخصصات الكفاءات مختلفة بين الطب والصيدلة والهندسة والمعلوميات. ففي خطاب ملك المغرب الأخير أكد فيه على ضرورة احتضان الكفاءات والاعتناء بالشباب وفتح فرص شغل.

عن أسباب الهجرة، فهي نتاج ظواهر أخرى كالبطالة والفقر وعنوسة الرجال والنساء وقلة الخدمات الاجتماعية وارتفاع مستوى المعيشة بالمغرب ودخول الحكومة في اصلاح صندوق المقاصة لدعم المواد الغذائية الأساسية التي رفعت الحكومة يدها عنه، وتقليص نسبة التوظيف والتوجه نحو التوظيف بالتعاقد الشيء الذي يرفضه الشباب الحامل للشواهد ويضطر مكرها للانخراط فيه هروبا من البطالة، والاصلاح المشؤوم لصناديق التقاعد الذي جعل المتقاعد يشتغل سنوات أكثر ويساهم في الصندوق بشكل أكبر ويخرج بمعاش تقاعد أقل.

كذلك فقدان المواطن المغربي الثقة في المؤسسات الرسمية والأحزاب السياسية والبرلمان، الذين يعتبرون مرآة للشعب لكنهم عكس ذلك، في مرضهم يتعالجون ببلدان أجنبية، يدرسون أبناءهم هناك، يصرفون أموالهم هناك، يقضون عطلاتهم هناك. ثم ضرب التعليم من خلال تغيير البرامج التعليمية والمقررات الدراسية والاتجاه نحو التدريج بدل التعريب، وضرب مجانية التعليم ومبدأ تكافؤ الفرص وعدم إيجاد بدائل للمنقطعين عن الدراسة والاتجاه نحو خوصصة التعليم.

والهجرة هي تعبير عن رفض البقاء في البلد ورفض سياساته المفروضة على مواطنيه واحتجاج على الوضع المزري، فالاحتقان بات يخيم على المواطنين من خلال سخطهم المتواصل على ما وصل إليه الوضع الاجتماعي والصحي والتعليمي.. ومؤخرا أعلن ساكنة حي صفيحي بأكمله الهجرة بشكل جماعي مشيا على الأقدام من مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للبلاد نحو مدن الشمال وذلك بعضد هدم منازلهم وعدم تعويضهم بمنازل أخرى لائقة بالعيش الكريم وتركهم عرضة للشارع يفترشون الأرض ويتغطون بالسماء، كما احتج شباب الألتراس بمدينة تطوان مساء يوم الجمعة 28 شتنبر 2018 أقبل وأثناء وبعد نهاية المقابلة الكروية بين المغرب التطواني والكوكب المراكشي، رافعين شعارات مختلفة كالشعب يريد اسقاط الجنسية، والشعب يريد الهجرة الجماعية.